العلاج الجيني للسرطان في بكين يستقطب المرضى من أنحاء العالم

ليس العلم وحده هو ما يُطلب في الصين

TT

تستقطب العاصمة الصينية، بكين، مرضى السرطان من كافة أنحاء العالم من الباحثين عن وسيلة علاجية لا تتوفر في غيرها من دول العالم، خاصة تلك الحالات التي استعصى على الأطباء معالجتها.

وكانت السلطات الصحية الصينية قد سمحت نهاية عام 2003 باستخدام العلاج الجيني لحالات السرطان المستعصية. ومنذ ذلك الحين بدأ المرضى، ممن وصل الحال بهم إلى مراحل متقدمة جداً ومن المُقتدرين مادياً في أوروبا وأميركا الشمالية، بالاتجاه نحو المستشفيات الصينية في بكين لتلقي ذلك النوع من العلاج الواعد.

ويعمل العلاج الجيني الصيني لحالات السرطان على إدخال جين يُدعى «بي 5» داخل فيروس، ومن ثم يُحقن هذا الفيروس داخل أجسام المرضى بالحالات المتقدمة من السرطان.

وهذا الجين موجود داخل الخلايا الحية بجسم الإنسان، لكنه للأسف إما مُعطل عن العمل، بفعل تأثير عوامل شتى لا داعي للاستطراد في شرحها، أو أنه أُصيب بنوع من التحور الذي يُلغي فاعليته لدى المرضى المُصابين بالسرطان.

وما يُحاول الأطباء الصينيون القيام به من خلال حقن هذا الجين داخل الجسم، هو بالضبط إعادة إدخال هذا الجين من نوع «بي 53» إلى داخل نواة الخلايا السرطانية. وما أن يتم وجود الجين داخل الخلية حتى تنشط عملية انتحار الخلية السرطانية تلك، أي أن الصينيين يقومون عبر وسيلتهم العلاجية الجينية هذه بنشر محفزات تدفع الخلايا السرطانية نحو الإقدام على الانتحار، لأن هذا الجين يعمل على إعادة برمجة «مدة حياة الخلية السرطانية»، وبالتالي فإن وجوده داخل الخلية السرطانية يُعجل في حثها على قتل نفسها.

وأبدت الحكومة الصينية منذ نهايات عام 2003 ترحيبها باستخدام الأطباء لهذا العلاج الجيني في حالات السرطان، والمُسمى عقار جينديسن، وذلك حينما ظهرت النتائج المشجعة لتلقي المرضى له، وخاصة في سرطانات العنق والرأس التي قامت بها شركة شينزهين سيبيونو للتقنية العامة بالصين. وحصلت الشركة بموجبها آنذاك على موافقة إدارة الغذاء والدواء الصينية في إنتاج أول علاج جيني يحتوي على جين «بي 53» المكون بطريقة التشكيل الجيني غير الموجود في خلايا الأصل، أو ما يُسمى باللغة الإنجليزية recombinant Ad-p53 gene therapy وقال آنذاك الدكتور زهاوهيو بينغ، رئيس قسم الأبحاث في الشركة الصينية تلك، إن لدينا نتائج خمس سنوات من التجارب العلمية الطبية حول استخدام هذا العقار الجيني، والتي أكدت فاعليته وأمان استخدامه. والأثر السلبي الوحيد الذي رصدناه، على حد قوله، كان ارتفاعا آنيا في حرارة الجسم يزول لاحقاً مع الوقت دونما حاجة لأي تدخل طبي. وأضاف ان كلفة الأبحاث كانت حوالي 10 ملايين دولار أميركي.

وتبلغ كلفة معالجة الشخص الواحد بهذا العلاج الجيني لمدة شهرين حوالي 20 ألف دولار.

وعرض بعضاً من النتائج حيث قال إن استخدام برنامج علاجي مكون من العلاج بالأشعة النووية والحقن الأسبوعية للعلاج الجيني لمدة ثمانية أسابيع أدى إلى تراجع تام لدى 64% من حالات متقدمة من سرطان الخلايا الحرشفية التي تصيب العنق أو الرأس late-stage head and neck squamous cell carcinoma، وحوالي 32% من الحالات كان التراجع السرطاني جزئياً فيها.

والسؤال الذي ربما يُطرح بإلحاح في مثل الحالات هذه للاكتشافات الطبية أو العلاجات الجديدة التي تغير الخارطة الطبية. هو لماذا تصدر من الصين أو غيرها من الدول خارج نطاق أوروبا وأميركا الشمالية برغم توفر الإمكانات المادية ومراكز البحث المتقدمة؟

والواقع أن ثمة أسبابا عدة لذلك، مع كل التقدير والاعتبار لجهود الباحثين الطبيين في كافة أنحاء العالم أجمع.