خطة جاهزة لدى الجيش الإسرائيلي لإخلاء البلدات اليهودية الجنوبية

رغم معارضة القيادة السياسية بما فيها أولمرت وعمير.. واستباقا لاجتياح غزة

TT

كشفت مصادر اعلامية مطلعة في اسرائيل عن خطة جاهزة لدى الجيش لعملية اجتياح عسكري لقطاع غزة، تترافق مع اخلاء 100 ألف يهودي من بيوتهم في البلدات الجنوبية الاسرائيلية المحاذية للقطاع، خوفا من أن تتعرض لقصف صاروخي فلسطيني مكثف.

وقالت تلك المصادر ان الخطة أعدت في زمن رئيس أركان الجيش السابق، دان حالوتس، الذي أراد تنفيذها قبل الاستقالة من منصبه حتى ينهي حياته العسكرية «بانتصار ساحق على جهة عربية ما تعيد للجيش الاسرائيلي هيبته المفقودة في حرب لبنان الأخيرة». ولكن القيادة السياسية تحول دون ذلك، إذ ان رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، عمير بيرتس، ورئيس المخابرات العامة (الشاباك)، يوفال ديسكين، اعترضوا على الخطة واعتبروها مغامرة خطيرة غير محسوبة المخاطر، من شأنها أن تنتهي بورطة اسرائيلية جديدة اسوأ من التورط في لبنان. وقد يئس حالوتس من امكانية اقناعهم بخطته، فاستقال. ووجد رئيس الأركان الجديد للجيش، غابي اشكنازي، هذه الخطة على رأس الملفات على طاولته. وباشر بدراستها. وترى تلك المصادر ان هذه الخطة ستكون أول وأهم امتحان أمام اشكنازي، «فإذا طوى هذه الخطة وتخلى عن فكرتها سيكون قد سجل اسمه كرئيس اركان سياسي موال للقيادة السياسية التي اختارته، وإذا قام بتعديلها وتحسينها وأصر على تنفيذها، يكون رئيس أركان مستقلا».

وتحتوي الخطة المذكورة على فرعين، أحدهما يتعلق بالمناطق الاسرائيلية، والثاني يتعلق بالمناطق الفلسطينية. فقد خشي حالوتس في حينه من أن يرد الفلسطينيون على الاجتياح بقصف مكثف على البلدات الاسرائيلية الواقعة في الجنوب من حول قطاع غزة. ولذلك فقد خطط لإخلاء المواطنين من بيوتهم، علما بأن حوالي مائة ألف اسرائيلي يعيشون في هذه البلدات. وحسب المخطط فإنهم سيرسلون للعيش بشكل مؤقت في الفنادق والمباني القائمة في وسط اسرائيل. وأما الفرع الثاني من الخطة فيتحدث عن اجتياح بري شامل للقطاع مسنود بالغارات الجوية الكثيفة وسلسلة عمليات اغتيال واسعة لقادة التنظيمات المسلحة الفلسطينية النشطة في أعمال عسكرية وقصف صاروخي، والقيادات السياسية التي تناصرها.

وقالت تلك المصادر ان تصريحات عدد من الوزراء الاسرائيليين، خلال الأسابيع الماضية، ضد اجتياح غزة خصوصا أولمرت والوزير بيرتس ونائب رئيس الوزراء، شيمعون بيريس، تندرج في تجنيد القيادة السياسية ضد هذه الخطة. وفي مساء الاثنين الماضي انضم رئيس الـ«شاباك» الى هذه المعارضة، حيث انه دعا المراسلين العسكريين الى لقاء معه وانتقد الجيش على خطته وقال ان على اسرائيل أن لا تتدخل في الاقتتال الفلسطيني الداخلي وأن لا تقدم على عملية اجتياح.

وازاء الانتقادات التي سربها الجيش الى الصحافة ضد القيادة السياسية «التي تكبل أيدي الجيش ولا تتيح له انتهاز الفرصة المواتية لتدمير البنى التحتية للتنظيمات الارهابية الفلسطينية»، حاول السياسيون اطلاق تصريحات سياسية متشددة ازاء السلطة الفلسطينية. وخرج رئيس الوزراء، أولمرت، الليلة قبل الماضية محذرا الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، من التفاهم مع حماس على تشكيل حكومة لا تعترف باسرائيل وباتفاقيات السلام معها. وقال، معقبا على لقاء أبو مازن مع رئيس المكتب السياسي في حماس، خالد مشعل، والمفاوضات بين فتح وحماس في مكة المكرمة، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، انه يتمنى أن لا يتعاون أبو مازن مع حماس على ما هو مناقض للقرارات الدولية. ولمّح أولمرت الى انه في حالة تشكيل حكومة وحدة لا تعترف باسرائيل وبالاتفاقات معها، لن تكون حاجة الى لقاء القمة بينهما. فقال، خلال كلمته أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، الليلة قبل الماضية: «يشرفني انني أعمل على دفع عملية السلام مع الفلسطينيين. وفي 19 فبراير (شباط) الجاري، سالتقي مع الرئيس أبو مازن بحضور كوندوليزا رايس (وزيرة الخارجية الأميركية)، في اطار هذه الجهود. ولكنني أتمنى ان لا أجد أمامي رئيسا يتعاون مع تنظيم حماس الارهابي على تشكيل حكومة لا تحترم شروط الرباعية الدولية بخصوص الاعتراف باسرائيل وبالاتفاقيات والتخلي عن العنف والارهاب. فالسلام يجب أن يكون في اتجاهين وليس من طرف واحد». وقال اولمرت انه كان بإمكان اسرائيل أن تعمل على تصفية قواعد وخلايا اطلاق الصواريخ باتجاه بلداتها. ولكنها لجمت نفسها والتزمت طيلة الشهرين الماضيين بالهدنة، فيما الفلسطينيون يخرقون الاتفاق في كل يوم. وكان رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الأسبق، موشيه يعلون، قد صرح أمام مؤتمر المنظمات اليهودية بأن ايران هي التي تقف وراء سياسة الرفض الفلسطينية. وقال ان ايران لا تمول حماس والجهاد الاسلامي فحسب، بل تمول حركة فتح أيضا. وعاد ليكرر تصريحه الشهير بان الرئيس أبو مازن ليس معتدلا كما يظهر للعيان انما هو مكمل لطريق سابقه الرئيس الراحل ياسر عرفات. وهو أيضا ليس شريكا ملائما لاسرائيل في اطلاق المسيرة السياسية.