خطة أميركية لمنع المعاملات المالية للحكومة السودانية إذا استمرت بعرقلة السلام في دارفور

تحميل الجيش السوداني مسؤولية 7 خروقات في الإقليم

TT

نقلت صحيفة واشنطن بوست الصادرة امس عن مسؤولين اميركيين قولهم ان الرئيس الاميركي جورج بوش صادق على خطة تسمح لوزارة الخزانة الأميركية بمنع تعاملات البنوك التجارية الاميركية ذات الصلة بحكومة السودان، بما في ذلك التعاملات المتعلقة بعائدات النفط السوداني، إذا استمرت الخرطوم في الوقوف بوجه الجهود الهادفة لتحقيق السلام في اقليم دارفور.

وفيما توقعت الحكومة السودانية حدوث تغيير جذري في الاقليم خلال الثلاثة اشهر المقبلة، وصفت لجنة مراقبة اتفاق وقف اطلاق النار في دارفور الاوضاع في الاقليم بأنها «تشهد حالة عدم استقرار واسعة»، وحملت الجيش السوداني مسؤولية ارتكاب 7 خروقات للاتفاق من بينها هجمات على مواقع الحركات المسلحة طالت قرى ومدنيين وتلاميذ مدرسة، ولكن ممثل الرئيس عمر البشير في دارفور دحض وكذب الاتهامات التي نسبت الى الجيش السوداني.

كما حملت اللجنة التي تعقد اجتماعاتها بعد كل ستة اشهر على الاقل، حركة تحرير السودان الموقعة على اتفاق أبوجا لسلام دارفور مسؤولية 5 خروقات على الاقل طالت موظفي الاغاثة والاتحاد الافريقي.

وابدى التقرير الذي صدر عقب اجتماع للجنة في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور امس انزعاجا شديدا لتصاعد عمليات ميليشيات الجنجويد في شمال وجنوب دارفور على وجه الخصوص، وقال ان هذه الميليشيات تتحرك في المناطق التي تشهد معارك بين قوات الجيش والحركات المسلحة.

كما ابدى التقرير تخوفه من تصاعد ما اسماه الصراعات الاثنية في الاقليم في الستة اشهر الاخير، وقال انها بلغت 300 احتكاك قبلي بين القبائل العربية والأخرى غير العربية، ونوه التقرير الى تصاعد الهجمات التي نفذت ضد منظمات العون الانساني في الاقليم، وقال «ان تلك الهجمات ادت الى تقليص عمل المنظمات في عدة مواقع تقدم فيها الخدمات الانسانية والى انتقال منظمات تماما الى مواقع اخرى بسبب تكرار الهجمات على منسوبيها. ودحض الفريق محمد احمد الدابي مساعد ممثل رئيس الجمهورية بولايات دارفور ما جاء في التقرير من اتهامات حول بعض الخروقات الامنية، مؤكدا التزام الجيش السوداني بالاتفاق، وانه فقط كان يدافع عن نفسه او عن المدنيين. الى ذلك، توقع الدكتور مجذوب الخليفة مستشار الرئيس البشير حدوث تغيير جذري في دارفور خلال الثلاثة اشهر القادمة خاصة بعد اعلان السلطة الانتقالية في دارفور وبقية الوظائف لكافة الحركات المختلفة في دارفور.

وكشف الخليفة عن اتفاق تم بان يكون منصب والي ولاية غرب دارفور من نصيب الحركات المسلحة بدارفور فيما يظل منصب الوالي في كل من جنوب وشمال دارفور لصالح المؤتمر الوطني. وابلغ الخليفة وفدا اميركيا يزور الخرطوم برئاسة القس دنيس دبليو سوبر، التزام حكومته بدعم السلطة الانتقالية في دارفور مالياُ وفنياً وتمكينها من انجاح تطبيق اتفاقية سلام دارفور.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست الصادرة امس عن مسؤولين اميركيين قولهم ان الرئيس الاميركي بوش صادق على خطة تسمح لوزارة الخزانة الأميركية بمنع تعاملات البنوك التجارية الاميركية ذات الصلة بحكومة السودان، بما في ذلك التعاملات المتعلقة بعائدات النفط السوداني، إذا استمرت الخرطوم في الوقوف بوجه الجهود الهادفة لتحقيق السلام في اقليم دارفور.

وأشارت الصحيفة الى ان خطة وزارة الخزانة هي جزء من خطوات تسمى بـ«الخطة بي» التي ظلت الإدارة الأميركية تهدد بإطلاقها في حالة استمرار الحكومة السودانية في رعاية حملة الرعب التي أدت إلى مقتل ما يقرب من 450 ألف شخص وتشريد 2.5 مليون في دارفور، لكن الإدارة الأميركية لم تعلن عن الخطة بي حتى بعد تحديدها لتاريخ 1 يناير كآخر أجل على أمل أن تكسب تعاون الخرطوم معها.

وتم حتى الآن تنفيذ بعض عناصر الخطة بي مثل وضع 4 من الضباط الأميركيين برتبة عقيد الشهر الماضي كمراقبين على الحدود بين تشاد والسودان على مرأى المخابرات السودانية. وكان الهدف من هذه الخطوة غير المعلنة، هو إيصال رسالة إلى الخرطوم، التي تتهمها واشنطن بأنها بدأت حربا هادئة ضد حكومة تشاد لتوسيع النزاع في دارفور.

وقال جي ستيفن موريسون مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «أنا أجد كل ذلك مثيرا للشكوك. فهم تحدثوا عن الخطة بي لكنهم لم يشرحوا يوما ما تعنيه هذه الخطة. والآجال الأخيرة جاءت وذهبت ولم تغير الحكومة السودانية من موقفها». وقال إن قطع الطريق امام مداخيل السودان من النفط سيكون كارثيا على السودان لكن قد تكون التكاليف في المجال الدبلوماسي أعلى بكثير خصوصا مع الصين التي تعد شريكا قريبا مع السودان.

وأوضحت الصحيفة ان اندرو ناتسيوس المبعوث الخاص لبوش إلى السودان سيقدم اليوم أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب، شهادته والتي سيؤكد فيها ما تتوقعه إدارة بوش من عواقب في حالة فرض العقوبات: الأولى تتمثل بتجدد الهجمات على معسكرات النازحين أو إخراج المنظمات غير الحكومية من دارفور وثانيا إنهاء المفاوضات مع القوى المتمردة وثالثا رفض تطبيق الخطة التي طرحتها الأمم المتحدة لزيادة القوة الدولية الموجودة حاليا في دارفور من 7 آلاف جندي إلى 17 ألف مع إرسال 3 آلاف شخص ضمن قوة الشرطة إلى هناك.

وبفضل الدعم الذي كسبته الحكومة السودانية من ازدهار الثروة النفطية في البلاد ومع تعزز العلاقات مع الصين، تجاهل السودان التهديدات المتكررة. وشعر بوش بالضيق بسبب المأزق، وهذا ما جعل عناصر مهمة في الخطة الجديدة موجهة إلى وزارة الخزانة الأميركية كي تبادر بطرح جملة خيارات تهدف إلى التأثير على الحكومة في الخرطوم حسبما قال المسؤولون. وتخوض القيادة السودانية حربين أهليتين مع جماعات محلية حول نفط البلد ومصادره الأخرى، ويرى المسؤولون الأميركيون أن قادة السودان خائفون من أي مبادرة قد تؤثر على امساكهم بزمام السلطة.

ويعتمد اقتصاد السودان على الدولار وهذا يعني أن الكثير من المبادلات التجارية تمر بالولايات المتحدة وهذا ما يجعل السودان في وضع ضعيف أمام إجراءات وزارة الخزانة الأميركية. وترى الأوساط الاستخباراتية الأميركية التي بدأت بالتحضير لمواجهة مع الخرطوم أن الأخيرة شكلت لجانا حكومية كي تتدارس طرقا يتم وفقها الحصول على موارد النفط التي لا تتطلب التعامل بالدولار، مثل المعاملات عبر المقايضة، حسبما قال مسؤول أميركي. كذلك تسعى الحكومة الأميركية بدون أن تحقق نجاحا كبيرا إلى الحصول على عقود نفط جديدة تقدم لها مدفوعات كبيرة مقدما.

وتحولت إدارة بوش صوب وزارة الخزانة خلال السنوات الأخيرة لفرض ضغوط على بلدان مثل كوريا الشمالية وإيران بعد مقاومتهما للضغوط الدبلوماسية الأخرى.