تركيا: استقرار العراق يهمنا لكنه لن يكون على حساب اهتمامنا بالانضمام للاتحاد الأوروبي

رايس حذرت غل من أية عملية عسكرية ضد مسلحي «العمال الكردستاني»

TT

عبر عبد الله غل وزير خارجية تركيا عن مخاوف من اندلاع حرب إثنية في العراق، بموازاة العنف الطائفي، الذي تعرفه البلاد حالياً. وقال غل عقب محادثات اجراها في واشنطن اول من امس مع كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية، «هناك حريق الآن في العراق، ومن الطبيعي ان نشعر في تركيا بلهيب هذا الحريق لاننا جيران». واضاف غل، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي في «نادي الصحافة» بواشنطن، أن بلاده لن تقبل هيمنة إثنية معينة (الاكراد) على مدينة كركوك. وقال «لا يمكن ان تدعي أية جهة غلبتها على هذه المدينة». وحذر المسؤول التركي من ان تقسيم العراق سيؤدي الى اشعال الفتن في المنطقة، وقال إن دول الجوار، خاصة تركيا وسورية وايران، تدرك خطورة الامر، ولن تقبل مطلقاً بفكرة التقسيم. وزاد موضحا، «منطقة الشرق الاوسط لديها ما يكفي من المشاكل ولا يمكن ان نضع على عاتق هذه المنطقة مشكلة جديدة بتقسيم العراق».

بيد ان غل أوضح ان «المشكلة العراقية» لن تؤدي الى تراجع اهتمام بلاده بموضوع الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، مشيراً الى أن تصريحات صدرت في أنقرة فهمت خطأ، مؤكداً ان القصد من تلك التصريحات كان لفت الانتباه الى الأهمية التي توليها تركيا لاستقرار العراق، وشدد على ان الموضوع العراقي لن تكون له الاولوية بالنسبة لتركيا على حساب سعي بلاده للانضمام للاتحاد الاوروبي. وقال في هذا السياق، «يكفي القول إن مليون شاحنة تركية تدخل الى العراق سنوياً». واشار الى انه لا يعرف متى ستنضم تركيا للاتحاد الاوروبي، لكنه اوضح ان انضمام بعض الدول الكبيرة، مثل اسبانيا استغرق وقتاً طويلا، ولا بد ان تركيا ستمر في المراحل نفسها، مؤكداً «بلادنا على غرار اسبانيا ليست بلداً صغيرا». وقال إن واشنطن «تساند بوضوح انضمام بلاده للاتحاد الاوروبي». وكانت رايس قد طلبت من غل عدم اللجوء الى العمل العسكري ضد عناصر حزب العمال الكردستاني الموجودين العراق، كما اعلن مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية. وقال المتحدث باسم الوزارة شون ماكورماك حول لقاء بين رايس وغل، الذي يشغل ايضا منصب نائب رئيس الحكومة التركية «قلنا بوضوح (...) اننا لا نريد ان نرى أي لجوء لمزيد من العنف في العراق».

وتابع ان «مواطنين اتراكا ابرياء فقدوا حياتهم نتيجة الاعمال الارهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني». واضاف «اعتقد ان لتركيا والعراق على حد سواء مصلحة في السعي الى حل هذه المسألة»، حسبما افادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي، قد وجهت انتقادات حادة الى الولايات المتحدة والحكومة العراقية لعدم تحركهما ضد حزب العمال الكردستاني، الذي تقول انقرة انه يستخدم كردستان العراق لشن هجمات على الاراضي التركية. وقد عينت واشنطن في اغسطس (اب) الماضي الجنرال المتقاعد والقائد السابق للحلف الاطلسي جوزف رالستون موفدا خاصا لتنسيق الجهود من اجل التصدي لحزب العمال الكردستاني والتخفيف من حدة التوترات على جانبي الحدود. لكن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عبر عن استيائه الشهر الماضي، لان رالستون لم ينجز شيئا. وقال ان تعيينه كان تكتيكا لالهاء تركيا.

وقال اردوغان الذي يتعرض لضغوط شعبية ليأمر بتوجيه ضربة عسكرية لقواعد حزب العمال الكردستاني في العراق، ان مكاتب الحزب على حدود العراق ما زالت مفتوحة، على الرغم من اعلان بغداد في سبتمبر (ايلول) رغبتها في اغلاقها. وقالت الولايات المتحدة من جهتها انها تواجه العنف في المناطق الاخرى من العراق، واكدت انها تعمل من اجل ضبط حزب العمال الكردستاني عبر السبل غير العسكرية، مثل قطع الموارد المالية.

وقال ماكورماك ان رايس وغل بحثا ايضا، خلال لقاء منفرد وغداء عمل، في تجديد التحرك داخل الكونغرس الاميركي لتمرير قانون يعترف بالمجزرة التي ذهب ضحيتها عدد كبير من الارمن في 1915 في ظل السلطة العثمانية على انها «ابادة جماعية». واضاف ماكورماك «نتفهم بكل وضوح انها مسألة حساسة ليس فقط للشعب التركي، بل وايضا للشعب الارمني». وقد صدرت قوانين عدة في العالم تعترف بـ«ابادة» حوالى 1.5 مليون ارمني في عهد السلطنة العثمانية. لكن بينما يذكر الرئيس جورج بوش المجازر في كل سنة في خطاب، فان ادارته توقفت عن دعم مشاريع القوانين التي تعترف بالابادة. وترفض تركيا من ناحيتها تعريف الابادة وتقول، ان 300 الف ارمني وعددا كبيرا من الاتراك قضوا في نزاع مدني، عندما حمل الارمن السلاح مطالبين بالاستقلال في شرق الاناضول ووقفوا الى جانب القوات الروسية التي اجتاحت السلطنة العثمانية المترنحة خلال الحرب العالمية الاولى.