أموال العراق «السائبة» تضع بريمر في موقف صعب أمام الكونغرس الأميركي

النواب أمطروا الحاكم المدني السابق بوابل من الاتهامات والانتقادات

TT

تعرض بول بريمر الحاكم السابق للعراق الى توبيخ قاس، وأمطره اعضاء لجنة الاصلاحات في مجلس النواب الاميركي بوابل من الانتقادات والاتهامات بلغت حد التهكم، بشأن قراراته نقل ملايين الدولارات نقداً الى العراق بعد غزوه عام 2003. وقال هنري واكسمان رئيس اللجنة هازئاً: «من الذي يملك عقلا سليما يمكنه ان يرسل 360 طنا من النقد الى منطقة حرب... لكن هذا بالضبط ما فعلته حكومتنا». لكن بريمر دافع عن ذلك القرار وقال، إن هدفه من نقل تلك الاموال نقداً، كان انعاش الاقتصاد العراقي ودفعه للامام، وكذا تسديد الرواتب والمستحقات للعراقيين، إذ لم يكن ممكناً حرمان ملايين الاسر من قوتهم، مشيراً الى ان سلطة قوات التحالف كانت مضطرة للدفع الى العراقيين نقداً في أي مكان يوجدون فيه، وكذا دفع رواتب الموظفين الذين كانوا يعملون في مؤسسات حكومية، توقفت (بعد الاجتياح الاميركي للعراق). وأوضح بريمر ان التسديد كان يتم بالدولار، نظراً لنقص السيولة بالنسبة للعملة العراقية. مشيراً الى ان تلك الاموال ضخت كذلك على الفور لتمويل خدمات عمومية وخلق وظائف جديدة. وقال بريمر، بعد أن تعرض لاستجواب عسير من طرف اعضاء اللجنة عبر اسئلة مباشرة، إن تلك الاموال ليست اموال دافع الضرائب الاميركي، بل من مداخيل النفط العراقي والاصول العراقية التي كانت مجمدة بعد حرب الخليج الثانية.

وكان رئيس اللجنة قد قال، إن جلسات الاستماع التي بدأت الثلاثاء ستستمر لايام وتهدف الى حماية اموال دافع الضرائب الاميركي وعدم تبديدها، نتيجة عمليات الفساد. وقال اعضاء اللجنة ان معظم تلك الاموال «فقدت»، لانه لم تكن هناك أنظمة تتيح مراقبة انفاقها. وقال بريمر إنه لا يستطيع ان يجزم بان بعض تلك الاموال، التي تقدر بحوالي 13 مليار دولار قد وصلت الى جهات معادية، واقر بأنه كان يفترض وضع نظام مالي حديث لادارة الاموال في العراق، واشار الى انه كان يحاول ان يصل الى الافضل من وضع سيئ، بيد ان ذلك كان يصطدم بالحقائق على الارض. وشرح ذلك بان «البلاد كانت تعيش حالة فوضى سياسية واجتماعية واقتصادية». وقال إنه لم يكن يوجد نظام مصرفي في البلاد، لان جميع البنوك كانت مغلقة ولم تكن هناك أية امكانية لتحويل تلك الاموال عبر الطرق المصرفية المعتادة.

وافاد بريمر بأنه كان يزور باستمرار الوزارات في بغداد، خاصة وزارات المالية والتخطيط والبنك المركزي، ووصف الاساليب التي كانت تعمل بها هذه المؤسسات بأنها «بدائية جداً». وقال إن معظم الموظفين لم تكن لديهم اجهزة كومبيوتر، وكانوا يسجلون البيانات عن طريق الكتابة اليدوية. وقال إن تقارير خبراء صندوق النقد الدولي كانت لا تتوقع تحديث تلك الانظمة خلال الحرب. وبرر بريمر الاسلوب الذي اتبعه في الانفاق المباشر، بأن الاموال هي ملك العراقيين وانه ابلغ الوزراء العراقيين بأن مسؤولية انفاقها بكيفية سليمة تقع على عاتقهم.

بيد ان تبريرات بريمر لم تقنع أعضاء اللجنة، ولخص النائب الديمقراطي بول هودز الوضع قائلا: «أود ان اسأل كيف عين السفير بريمر حاكماً في العراق، وهو لم يحدث له ان زار العراق، وكيف تناط به مسؤولية برنامج إعادة بناء تعد الاهم منذ خطة مارشال؟ وكيف يجوز تعيين طاقم لمساعدة سلطات التحالف ونصفهم لم يسبق لهم ان عملوا خارج الولايات المتحدة وحصلوا لاول مرة على جوازات سفرهم؟ انني اتساءل لماذا تم تجاوز موظفين مقتدرين في وزارة الخزانة والطاقة والتجارة لتعيين خريجيين جدد بدون خبرات في مجال الادارة، وهؤلاء هم الذين كلفوا بالاشراف على انفاق 13 مليار دولار؟».