المسلمون الأميركيون يرفضون العمل بالجيش بسبب الانحياز

رغم حاجة البنتاغون لمن يتحدث العربية ويفهم الإسلام

TT

واشنطن ـ رويترز: يغازل الجيش الأميركي الأميركيين المسلمين في هدوء، حيث يعاني من نقص شديد في الجنود الذين يتحدثون العربية ويفهمون الاسلام. غير أن هذه الفئة لا تظهر حماسا يذكر لمؤسسة يعتبرها كثيرون متحاملة عليهم.

وقال ابراهيم هوبر، من مجلس العلاقات الأميركية الاسلامية، «الجيش لديه نفس مشكلة الوكالات الحكومية المدنية، مثل مكتب التحقيقات الاتحادي.. هناك احجام عام عن الانضمام، لان المسلمين يعتقدون أن هناك انحيازا ضدهم، وأن امكانية التقدم على الصعيد المهني محدودة». وتظهر احصاءات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن عدد اليهود والبوذيين الذين يخدمون في القوات المسلحة التي يغلب عليها المسيحيون وقوامها 1.4 مليون فرد يتجاوز عدد المسلمين. في فيلق مشاة البحرية يتجاوز عدد المسلمين عدد من يعتنقون ديانة ويكا، الذين يمارسون السحر برقم ضئيل جدا. وفي القوات الجوية يزيد عدد معتنقي هذه الديانة عن عدد المسلمين بنسبة تزيد عن اثنين الى واحد.

وتضم قوائم البنتاغون 3386 مسلما في الخدمة العاملة مقابل 22.1 مليون مسيحي ينتمون لعدد كبير من الطوائف المختلفة. وهذه الاحصاءات من سجلات الافراد التي تضم «شيفرة للديانة»، وهو بيان يطلب من الجنود ملأه لكنهم غير ملزمين بهذا. ويقول بعض المسلمين في الجيش ان عددهم الحقيقي اكبر من ذلك، وتبلغ التقديرات ما يصل الى عشرة الاف فرد.

وايا كانت الاعداد، في ما يتعلق بالديانة، فان نقص الجنود والضباط الذين يتحدثون اللغة العربية والمتعمقين في الثقافة الاسلامية، هو اللافت للنظر، وهي قضية تطرح في معظم المحادثات مع الاشخاص الذين يعودون بعد أداء الخدمة في العراق. وفي الوقت الذي ليس فيه مسعى محدد للتجنيد يستهدف الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، فان البنتاغون اتخذ خطوات أحاطها بدعاية جيدة، لاظهار أن الجيش لا يساوي بين الاسلام والارهاب، ويبذل جهودا لضم المسلمين الأميركيين الذين يريدون ارضاء الله وخدمة بلادهم.

فعلى سبيل المثال في يوليو (تموز) الماضي، خصص فيلق مشاة البحرية مسجدا جديدا للمسلمين في قاعدته في كوانتيكو في فرجينيا. وبعد ذلك بشهر كلفت أكاديمية القوات الجوية اول رجل دين مسلم بها. وفي سبتمبر (ايلول) افتتحت الاكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت، أول حجرة خاصة يقيم فيها المسلمون الصلاة.

وويست بوينت، هي أقدم أكاديمية عسكرية في البلاد، وقد ألقى رد الفعل على الخطوة التي اتخذتها، الضوء على مناخ عام من التشكك وانعدام الثقة في المسلمين في أميركا منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن. فقد كتبت صحيفة «انفستورز بيزنس» في افتتاحية تقول: «من بين اكبر مخاوف الجيش الأميركي اختراق الاسلاميين له.. غير أن الجيش في محاولة لاظهار التسامح الاعمى، جعل هذا اكثر سهولة بتخصيصه مسجدا جديدا في ويست بوينت».

وأضافت «ان اقامة المساجد في قواعدنا وأكاديمياتنا العسكرية.. يؤمن مكانا لانشاء طابور خامس داخل جيشنا».

التحذيرات من انشاء طابور خامس، وهو القضية التي كانت الشغل الشاغل للمدونين اليمينيين منذ 11 سبتمبر عام 2001، أعطيت زخما بعد أن قذف سارجنت بالجيش اعتنق الاسلام، ويدعى حسن اكبر، قنابل على خيام جنود نيام في قاعدة بالكويت وفتح النار على من خرجوا منها.

ولقي ضابطان حتفهما وأصيب 14 جنديا بجراح في الهجوم الذي وقع قبيل غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003. وجادل المحامون العسكريون الذين دافعوا عن اكبر بأنه انهار بعد أن سخر جنود من زملائه من ديانته بلا رحمة. وحكم على أكبر بالاعدام وهو في انتظار تنفيذ الحكم فيه.

وتظهر استطلاعات للرأي أن الاراء السلبية عن المسلمين لا تقتصر على أقلية متطرفة. ففي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب، في الوقت الذي افتتحت فيه حجرة الصلاة في اكاديمية ويست بوينت، اعتقد ثلث من استطلعت اراؤهم أن المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة متعاطفون مع تنظيم القاعدة، الذي يقف وراء هجمات 11 سبتمبر 2001.

وقال حسام احمد، وهو كولونيل متقاعد احتياط في القوات الجوية يؤم الصلاة للمجموعة الصغيرة من المسلمين الذين يتجمعون في حجرة الصلاة بالبنتاغون ظهر كل يوم جمعة: «هذه مشكلة كبيرة. لم يشكك اي احد قط في ولائي حتى 11 سبتمبر. بعد هذا نعم لقد حدث». ويقول احمد الذي ولد في الولايات المتحدة لابوين مصريين، انه في الوقت الذي واجه فيه تحاملا وعدوانية في بعض الاحيان، فان ديانته لم تكن عقبة في مشواره المهني وهي ملاحظة متكررة بين المسلمين في الجيش.

وقال اللفتنانت كولونيل تيم اولدنبرغ، وهو مهندس طيران ملحق بالبنتاغون، «واجهت قلة الفهم والجهل، لكنني لا أواجه مشاكل في ممارسة عقيدتي». وأضاف «ما أصادفه دوما هو ردود فعل من الدهشة حين يسمع الناس أنني مسلم». وخلافا لمعظم المسلمين في الجيش فان اولدنبرغ ابيض ونشأ في مزرعة في ايلينوى.