هنية: لن نرجع إلى فلسطين ليضرب بعضنا رقاب بعض

TT

* الحمد لله والصلاة على رسول الله، لا يسعنا في هذه اللحظات المباركة ومن رحاب الكعبة المشرفة، إلا أن نتوجه لكل أبناء شعبنا الفلسطيني بالتحية والتقدير، في الوطن وفي المنافي والشتات، ولكل الشهداء الأبرار الذين رووا أرض فلسطين المباركة، ولأسرانا الأبطال في سجون الاحتلال الاسرائيلي وللجرحى الميامين، والشكر مصول من ذات المشكاة التي تفضل بها الاخ الرئيس ابو مازن والاخ العزيز ابو الوليد، اننا نتقدم بعظيم الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية ولخادم الحرمين الشريفين على هذه الدعوة المباركة، وهذه المبادرة الكريمة، التي إن دلت فإنما تدل على ان فلسطين ليست هما فلسطينيا، بقدر ما هي أيضاً هم لهذه الأمة العربية والاسلامية، وما يصيب فلسطين من مكروه أو سوء تتأثر به هذه العواصم بشكل او بآخر، ونسأل الله ان يجعل ذلك في موازين اعمالهم، وان يجعل ذلك فاتحة خير لفجر جديد ولصفحة جديدة في علاقاتنا الفلسطينية الفلسطينية، طبعا عدد كبير من اخواني من حركة فتح وحماس أتوا من داخل ارض فلسطين من شوارع وازقة قطاع غزة، الذي يعاني من الاحتلال ومن الضفة الغربية كذلك، ولكن لا شك بأن هناك دماء زكية على جنبات الطرق وما عنته الكلمة من أن الآلام كانت صعبة والوجع كان عميقا، حينما دخل هذا الوجع لبيوت فلسطينية، وأكلمت أمهات وعانت أسر بفعل الاحداث المؤلمة المؤسفة الاخيرة، من هنا نحن حيث نجلس في هذا البلد الحرام الى جانب رحاب الكعبة، نريد ان نتوقف امام اخواني جميعا وأمام شعبي الفلسطيني ببعض المعاني التي نستلهمها من هذا المكان، لتظللنا ان شاء الله في حوارنا، اولا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في خطبة الوداع، ومن مكان قريب من هذا البيت العتيق قال ميثاق شرف لهذه الامة «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا»، وأنا أعتقد أننا أحوج ما نكون إلى ميثاق شرف منطلق من هذا النداء النبوي العظيم، لنؤكد ـ إن شاء الله ـ أن دماءنا وأعراضنا وأموالنا ومؤسساتنا ومقدراتنا هي حرام علينا جميعاً، المهم كيف نعود إن شاء الله تعالى من هذا الحوار لنحقن ولنصون الدماء الفلسطينية ولنعزز هذا المفهوم الإيماني وهذا الميثاق العظيم الذي رسخه حبيبنا محمد (ص) من على جبل عرفة في حجة الوداع، يوم كان يخاطب هذا الأمة من قريب أو من بعيد، وثانياً هذا المكان يرمز إلى الوحدة يرمز إلى وحدة الأمة، حيث أنه القبلة التي نتوجه إليها جميعاً من مشارق الأرض ومغاربها تتوحد عليه القلوب، والنفوس والمعاني، ومن هنا لا بد ان نستلهم هذا المعنى العظيم من هذا المكان، وهو الوحدة والتوحد، وترسيخ هذا المعنى في حوارنا ولشعبنا، وبعد عودتنا لكل المعاني التي فيها وحدة وطنية وحكومة وحدة وطنية، المهم إن شاء الله أن لا نخرج إلا وقد ظللنا شعبنا بهذا المعنى، الذي يرمز إليه هذا البيت العتيق وهذه الكعبة المشرفة، والأمر الثالث أن هذا البيت يطوف فيه الناس تختلف ألسنتهم وألوانهم، متعددون في ربما مشاربهم في لغاتهم ولكن هدفهم واحد، ولذلك هذا معنى عظيم هناك تعددية سياسية هناك رؤى ومواقف واجتهادات، ولكن الهدف الفلسطيني واحد، هو كيف نقيم الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين والافراج عن الاسرى والمعتقلين، المعنى الرابع هو ما قاله رسول الله «فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»، والمعني الذي نستلهمه هو أننا لن نرجع إلى فلسطين ليضرب بعضنا رقاب بعض على الاطلاق، لن نرجع إلى فلسطين إلا ونحن نحمل بشارات، كما قال الاخ أبو مازن، بشارات تضمد الجراح وتنهي المأساة، بشارات تنهي المعاناة، التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وقال أيضاً «رجع كيوم ولدته أمه»، ممكن أن نعود بفجر جديد بمعانٍ جديدة، ويمكن أن نعود بقلوب ونفوس جديدة.

وأن نعلن من هذا البيت العتيق عن اتفاق يوحد كلمتنا ويحمي مشروعنا الوطني ويرسخ الشراكة السياسية، وسادساً نحن نجلس في البلد الحرام ونستذكر المسجد الأقصى المبارك، المعنى أننا كفلسطينيين أيضاً على ثغر مهم من ثغور هذه الامة إنه القدس، إنه الاقصى، إنه شقيق هذا الحرم، إن الصخرة المشرفة تعني للأمة الكثير كما تعني الكعبة، وهذا البيت العظيم، وليس عبثاً أن يتوجه رسول الله في صلاته بدايتها قبلة إلى المسجد الأقصى ثمانية عشر شهراً ثم يتحول بصلاته وقبلته إلى البيت الحرام بأمر من الله سبحانه، اليوم القدس التي تهود وتتعرض للحفريات والهدم هي أمانة في أعناقنا جميعاً كفلسطينيين حماس وفتح ورئاسة وحكومة وقيادات وفصائل وقوى وشرائح، هي أمانة كما نقول انها ومن القرب من البيت الحرام الكعبة انها أمانة في أعناق الأمة، نقول أيضاً إن القدس أمانة في أعناق هذه الأمة، كيف تنهض هذه الأمة لحماية القدس وحماية المسجد الاقصى المبارك، الامر السابع إخواني الأعزاء أن رسول الله (ص) وهو يلقي خطبة الوداع، لم يركز فقط على شأن واحد يتعلق بحرمة الدماء ولا يتعلق بالقضايا الأمنية، إذا ما أجيز لنا أن نسميها كذلك، إنما ألقى خطبة شاملة تناولت قضايا الامة المتعددة ،هذا يعني بالنسبة لنا في هذا الحوار اننا نريد اتفاقاً شاملا نريد اتفاقا ضابطا لكل علاقاتنا الفلسطينية بجوانبها المختلفة، وليس فقط اتفاقاً جزئياً ينهي حالة الاحتقان، ثم يترك بقية القضايا من دون أن نلمسها وان نتعمق فيها، نريد هذا الاتفاق ان شاء الله بهذا المعنى العظيم.

في الختام لا يسعنا إلا أن نلهج بالدعاء إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يجمع كلمتنا وأن يوحد صفنا وأن يؤلف بين قلوبنا وأن يحقن دماءنا وأن ييسر لنا أمر الاتفاق، وأن يلين قلوبنا في يد بعضنا، وان يجعل من هذا الاجتماع اجتماع خير ونعمة وبركة لشعبنا ولفلسطين وللقدس وللأقصى.

والسلام عليكم.