قاعة مصفحة بالزجاج الواقي من الرصاص لمحاكمة المتهمين في تفجيرات مدريد

650 شاهدا و98 خبيرا.. وممثلو 500 وسيلة إعلامية ينقلون وقائع المحاكمة إلى العالم

TT

تبدأ اليوم أولى جلسات المحاكمة المخصصة للنظر في تفجيرات 11 مارس (آذار) 2004 في مدريد، التي اسفرت عن مقتل 191 شخصا و1824 جريحا. واعتبرت أكبر عمل إرهابي عرفته إسبانيا.

ومن المتوقع أن تدوم حوالي 5 أشهر. وكانت المحكمة الوطنية قد أنهت في الأيام الماضية الأخيرة وضع اللمسات الأخيرة على القاعة التي ستستضيف المحاكمات، وفقا لأحكام الاتحاد الاوروبي الاخيرة وقوانينها والتي تضمن سلامة وأمن وحقوق الجميع من القضاة الى الادعاء العام والمحامين ووكلاء الدفاع والشهود والخبراء وغيرهم. وخصصت في القاعة منطقتان، إحداهما مصفحة بالزجاج الواقي من الرصاص، يجلس فيها 18 متهما موقوفا حاليا في السجون الاسبانية، وأخرى مفتوحة في وسط القاعة يجلس فيها 11 متهما آخرين أطلق سراحهم تحت كفالات مادية مختلفة.

29 متهما يواجهون مصيرا غامضا لن يعرف حتى نهاية الصيف القادم. 15 منهم يحملون الجنسية المغربية وهم جمال زوغام وعبد المجيد بوشار (متهمان بالاشتراك في تنفيذ التفجيرات)، وحسن الحسكي ويوسف بلحاج وفؤاد المرابط ومحمد العربي المتهمون بالانتماء الى تنظيم إرهابي، ورافع زهير وعثمان الغناوي المتهمان بتأمين ونقل المتفجرات التي استخدمت في التفجيرات، وحميد أحميدان وعبد الله الفضول ومحمد بوحرات ورشيد أغلف وسعيد الحراك وابراهيم المسطم ومحمد المسطم المتهمون بالتعاون مع تنظيم إرهابي، وسوريان اثنان هما باسل غليون ومحمد الملاح المتهمان بالانتماء لتنظيم إرهابي، والمصري ربيع عثمان المتهم بالانتماء الى تنظيم إرهابي، والجزائري نصر الدين بوسباعة المتهم بالتعاون من تنظيم إرهابي، واللبناني محمود سليمان عون المتهم بالتعاون مع تنظيم إرهابي. وتسعة آخرين من الجنسية الاسبانية يتهمهم القضاء الاسباني بتأمين المواد المتفجرة وبيعها الى الإرهابيين لاستخدامها في تفجيرات القطارات.

وبالإضافة الى الذين سيجلسون في قفص الاتهام، هناك 7 إرهابيين مفترضين فجّروا أنفسهم في الثالث من أبريل (نيسان) 2004، في شقة ليغانيس، أحد ضواحي مدريد، بعد أن حاصرتهم القوات الخاصة الاسبانية وأحكمت الطوق عليهم. وأدى الانفجار، بالاضافة الى مقتلهم، الى مقتل أحد عناصر هذه القوات وجرح آخرين. والانتحارون السبعة هم المغاربة سرحان بن عبد المجيد الملقب (التونسي) الذي يعتبر «الرأس المدبر» للخلية التي نفذت الاعتداء، وجمال احميدان الملقب (الصيني) الذي يعتبره القضاء الاسباني «زعيم عمليات 11 مارس»، ومحمد أولاد عكشة ورشيد أولاد عكشة وعبد النبي كنجه الملقب (عبد الله) ورفعت أنور الذين يعتقد القضاء الاسباني انهم شاركوا في تنفيذ التفجيرات، والجزائري علقمة العماري الذي كانت الشرطة الاسبانية قد اعتقلته قبل 11 مارس بتهمة انتمائه الى «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، ثم أطلقت سراحه قبل الأوان بسبب خطأ اقترفه القضاء الاسباني، وتعتبره المحكمة الوطنية من منفذي التفجيرات.

ثم هناك 4 آخرين فروا قبل التمكن من القبض عليهم، وهم المغاربة محمد بلحاج الذي استأجر شقة ليغانيس الذي انتحر فيها سبعة من عناصر الخلية المفترضين، ومحمد أفلح الذي يعتبر أحد منفذي العملية، هربا معا مباشرة بعد انفجار الشقة الى هولندا عن طريق برشلونة، وسعيد براج الذي يعتقد القضاء الاسباني انه كان عضوا في تنظيم «القاعدة»، وانه اجتمع مع 3 من أعضاء هذا التنظيم في اسطنبول. وأخيرا الجزائري داود أوهان الذي يعتبر أحد منفذي التفجيرات. يذكر ان هناك معلومات لدى أجهزة المخابرات الاسبانية تفيد ان محمد أفلح قتل أثناء عملية انتحارية نفذها في العراق في شهر مايو (أيار) 2005. وستستمع المحكمة إلى 650 شاهدا و98 خبيرا تم استدعاؤهم، إما لتقديم شهاداتهم أو لمساعدة القضاء على إلقاء الضوء على الكثير من المسائل التي ما زالت عالقة. أكثر من 500 وسيلة إعلامية ستنقل الوقائع مباشرة الى العالم. وسيتولى الترجمة الفورية فريق من المترجمين تم اختيارهم وفقا لجنسيات ولهجات المعتقلين كي يؤمنوا ترجمة أمينة وموثوقة لوقائع الجلسة.

من الواضح جدا أن تفجيرات مدريد التي وقعت قبل 3 أيام من الانتخابات العامة الاسبانية حققت أهدافها على المديين القصير والطويل.

فمن جهة، حققت التفجيرات هدفها الأول والمباشر وهو فوز الحزب الاشتراكي بالانتخابات، على الرغم من أن كافة استطلاعات الرأي، حتى المقربة من الحزب الاشتراكي نفسه، كشفت بوضوح ان الحزب الشعبي الحاكم آنذاك كان يتمتع بأغلبية مريحة.

من جهة أخرى فإنها حققت هدفها الثاني، عندما قرر خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو رئيس الحكومة الاسبانية الحالي الذي فاز في الانتخابات، سحب القوات الاسبانية من العراق. وهذان هما الهدفان الرئيسيان اللذان أشار اليهما التقرير الصادر عن تنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه اسامة بن لادن، والذي حصلت عليه ونشرته أجهزة المخابرات النرويجية على موقعها الالكتروني في شهر ديسمبر (كانون الاول) 2003، داعيا الى توجيه ضربة موجعة الى اسبانيا للتأثير على نتائج الانتخابات وإجبار الحكومة على سحب قواتها من العراق.