جامعات بغداد باتت هدفا معتادا للعنف الطائفي.. وتدابيرها الأمنية عاجزة عن حمايتها

وزير التعليم العالي: ماذا يمكننا أن نفعل.. لا يمكننا أن نفتش الجميع

TT

فيما باتت الجامعات العراقية خاصة في بغداد هدفا معتادا لأعمال العنف الطائفي، تبدو تدابيرها الأمنية عاجزة عن حماية طلابها الذين اصبحوا، مثل أساتذتها، يجازفون بأرواحهم يوميا. ولعل الهجوم الانتحاري عند مدخل كلية الادارة والاقتصاد التابعة للجامعة المستنصرية في بغداد الأحد الماضي الذي حصد ارواح 40 طالبا وطالبة، خير دليل على حجم المخاطر التي يواجهها الطلاب والأساتذة، علما أن المقر الرئيسي للجامعة استهدف قبل شهر، مما أوقع 70 قتيلا.

وقال وزير التعليم العالي عبد ذياب العجيلي بصوت مرتجف «ماذا يمكننا ان نفعل.. لا يمكننا ان نفتش الجميع». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية عن هجوم الاحد الماضي «كان هناك عدد كبير من الطلاب لأن امتحانات كان تجري في هذا اليوم». وتقع كلية الادارة والاقتصاد في منطقة الطالبية القريبة من مدينة الصدر معقل جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ومعظم طلابها من الشيعة. وقالت أستاذة من جامعة بغداد، وهي واحدة من الجامعات الاربع في العاصمة العراقية، «لقد أصبح بالفعل من الصعب علينا ان نعمل؛ فالطريق غير آمن والجامعة نفسها غير آمنة». وأصبحت هذه الاستاذة، التي بلغت الثالثة والستين من عمرها ولكنها تفضل مواصلة عملها، تذهب الى الجامعة مرة واحدة أسبوعيا لأنها تريد ان تقلل قدر الإمكان من المخاطر التي تتعرض لها.

وتضيف السيدة التي تخشى الافصاح عن اسمها «انني أغير باستمرار موعد ذهابي الى الجامعة، كما انني اتحرك برفقة حارس خاص». وتتابع بأسف «عندما تهاجم الجامعات فان المجتمع ينهار». وتقول «إننا بحاجة شديدة الى التعليم؛ فالبلد كان مغلقا (في عهد صدام حسين) ولم نكن نعرف ما يحدث في الخارج». ويبدو ان اساتذة الجامعات مستهدفون بشكل متعمد؛ فوفق احصاءات وزارة التعليم العالي قتل 195 منهم وخطف آخرون منذ أن بدأ العنف. كما أن الآلاف من أساتذة الجامعات تركوا العراق.

وتقول طالبة شيعية في السنة الثالثة في كلية العلوم السياسية «ان الوضع هذا العام صعب للغاية.. اننا خائفون جدا». وتضيف «أحيانا توزع منشورات تحذر السنة من المجيء الى الجامعة وأحيانا اخرى توزع منشورات موجهة للشيعة تهددهم اذا ما واصلوا التردد على الجامعة». وتقول بأسى «ان اقرب صديقاتي سنية».

اما محمد، فهو معيد سابق ولكنه ترك التدريس، يشرح انه ينتمي الى عشيرة مستهدفة من قبل ميليشيات شيعية موجودة في جامعة بغداد. ويؤكد ان الكثير من الطلاب توقفوا عن الذهاب الى الجامعة. ويشرح ان «الخطر ليس فقط في الجامعة وانما في الشارع؛ فهناك حواجز يقيمها مسلحون وهم يسألون عن الهوية وعن العشيرة التي تنتمي اليها وبالتالي فاننا نواجه خطر الموت». ولكن الوزير يؤكد أنه ليست هناك أدلة على تهديدات داخل الجامعات، مشيرا الى ان عدد المسجلين في الجامعات ارتفع الى 380 ألف طالب. ولكن خلال العام الدراسي 2006/2007 لم تكن الدراسة منتظمة بسبب العنف، وهو ما دفع وزارة التعليم العالي الى اصدار قرار يتيح للجامعات تأجيل الامتحانات. ويقول الوزير «المفترض ان يدرس الطلاب 30 أسبوعا خلال العام الدراسي، وإذا لم يتمكنوا من استكمال ساعات الدراسة المقررة فمن الافضل تأجيل الامتحانات حفاظا على المستوى العلمي».

وتاخذ الوزارة بعين الاعتبار المخاطر الامنية التي تواجه الطلاب بسبب العنف الطائفي.

ووافق الوزير على تعليق العمل بنظام القبول في الجامعات على أساس مستوى الدرجات. وبات باستطاعة الطلاب ان يختاروا ما يشاءون من جامعات بصرف النظر عن درجاتهم.

والآن يهرب العديد من الطلاب السنة الى الموصل (شمال)، حيث يواصلون دراستهم الجامعية بينما يغادر الشيعة محافظة الأنبار ذات الغالبية السنية (غرب) للالتحاق بالجامعات في بغداد. وتقول الطالبة الشيعية «تم قبول أخي في الموصل وهي واحدة من افضل جامعات العراق، ولكنه لم يذهب لأنه خائف، وقرر ان يدرس في الكوت». وتضيف «يجب ان تقولوا الحقيقة.. العراق في وضع حزين».