السعودية: وفاة الفرنسي الرابع المسلم.. والأمن يلاحق سيارة جيب خضراء

المجموعة كانت تضم 26 شخصا قضوا ليلة في الصحراء بعضهم عاد للرياض و9 قرروا تأدية العمرة

TT

توفي المصاب الرابع مبارك جون مارك البالغ من العمر17 عاما صباح أمس الثلاثاء متأثراً بإصابته، حسب ما كشف عنه المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية، والذي أجريت له عملية جراحية في محاولة لانقاذه، فيما تلاحق السلطات الامنية السعودية سيارة نيسان جيب طراز (باترول) خضراء اللون كان يستقلها الجناة الذين ارتكبوا حادثة اغتيال الفرنسيين.

وكان اثنان من الفرنسيين قد لقوا مصرعهم مباشرة، في حين لقي الثالث مصرعه بعد وصوله الى مستشفى المدينة المنورة متأثرا بجراحه بينما أجريت عملية جراحية للفرنسي الرابع في محاولة لانقاذه قبل أن يلقى مصرعه صباح امس الثلاثاء.

واوضح مصدر طبي أن وفاة المصاب الرابع رومين مبارك البالغ من العمر 17 سنة في مستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة جاءت بعد ان أخضع مساء أمس الأول لعملية جراحية لاستخراج رصاصة استقرت في صدره ، ولكنه وبحسب المصدر الطبي فقد كمية كبيرة من الدم عقب إصابته أدت الى وفاته. وكان والد الشاب ضمن ثلاثة مغتربين فرنسيين يعملون في السعودية قد قتلوا بالرصاص أثناء قيامهم برحلة في الصحراء اول من امس فيما بدا انه أول هجوم على اجانب منذ ثلاث سنوات. وقال أحد معارفهم، طلب عدم نشر اسمه، ان الرجال قتلوا بعد أن فتحت عليهم النيران أمام النساء والاطفال مؤكدا تقرير مصدر أمني.

وقال الطبيب متوكل حجاج لرويترز هاتفيا من المدينة ان الشاب توفي من آثار اصابة وانه كان ينزف وأجريت له جراحة إلا انها لم تنقذ حياته ولفظ انفاسه الاخيرة صباح أمس. وذكر أن الشاب مسلم ويدعى مبارك وانه ابن فرنسية من اصل مغربي.

ويواصل الطيران العمودي التحليق في نطاق المدينة المنورة في دائرة واسعة امتدت الى العيص 300 كلم شمال غرب في جهود حثيثة تمثلت في الانتشار المكثف للأجهزة الأمنية لتعقب الجناة والقبض عليهم، حيث تشير المعلومات الى ان المهاجمين لاذوا بالفرار بعد تنفيذ جريمتهم وبعد ان ظلوا يتعقبون الضحايا الذين امضوا ليلتهم في الصحراء.

وبدا الحزن في أرجاء فندق المريديان في المدينة المنورة على وجوه السيدات الثلاث والطفلين، الذين كانوا برفقة القتلى وقت الاعتداء وذلك بعد أن قامت والدته بزيارة له للاطمئنان عليه عقب العملية الجراحية التي أجريت له في ساعة مبكرة من يوم أمس.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان جميع الضحايا من المقيمين ويعملون بالعاصمة السعودية الرياض وكانوا في رحلة لمدائن صالح، وكان عددهم 26 شخصا من الرجال والنساء والاطفال توزعوا على مجموعتين بعد أن قضوا ليلة في الصحراء قرب المدينة حيث توجه البعض منهم الى الرياض، فيما فضل تسعة فرنسيين التوجه للمدينة المنورة ومن ثم الى مكة المكرمة لتأدية العمرة، حيث ان هذه المرة لم تكن المرة الاولى التي يزورون فيها مدائن صالح والعديد من المواقع الصحراوية في نزهاتهم البرية وهو ما جعلهم يثقون بالأمان مما دفعهم إلى السير في الطريق الصحراوي ، قبل ان يفاجأوا بسيارة يستقلها ثلاثة أشخاص تستوقفهم ويسألهم ركابها عن جنسياتهم ليبادورا باطلاق النار عليهم بعد معرفتهم بجنسياتهم امام نسائهم واطفالهم.

يشار الى انه تم نقل جثث القتلى الثلاثة منذ امس الاول الى مستشفى الميقات في حين الحقت الجثة الرابعة بهم حيث تشير مصادر انه يجري الترتيب لترحيلها الى فرنسا خلال الايام المقبلة. حيث وصل مسؤولون فرنسيون من السفارة الفرنسية الى المدينة المنورة والتقوا الاسرة لترتيب ذلك.

ويعمل كل من جون مارك بوينث وميشيل نوفيلا من القتلى في شركة لوحات التوزيع والقواطع الكهربائية المحدودة في الرياض منذ ثلاثة أعوام وهما في العقد الخامس من العمر ويتحدثان العربية بشكل بسيط أما المصاب الثالث فهو جون كلورد، وهو مدرس، فيما يقيم المصاب الرابع والذي توفي لاحقاً في مستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة يدعى رومين مبارك البالغ من العمر 17 سنة هو ابن لزوجة جون مارك بوينث ذات الأصول المغربية وتعتنق الإسلام وهو مقيم مع والدته.

وفي السياق نفسه وفرت السلطات الصحية أطقم من الاطباء النفسيين للتعامل مع حالات الانهيار النفسي التي أصابت السيدات والطفلين، في حين رافق وكيل إمارة المنطقة ابراهيم المزيد، والمشرف على مكتب أمير المنطقة المهندس إبراهيم الردادي الاسرة أثناء نقلها الى فندق المريديان المحاذي للمستشفى، حيث بدا الإعياء والإرهاق الناتج عن الانهيار العصبي على ملامح النساء، فيما طغت علامات الحزن والذهول على وجه والدة الطفلين وهي تضمهما إليها وآثار الدماء تلطخ ملابسها ومنديل الرأس الذي ترتديه. يذكر ان المليليح وهي المنطقة التي تضم الوادي الذي شهد الحادث، تقع بما يقارب شمال غربي المدينة على بعد 50 كم عن المدينة وتشتهر بوفرة مائها الذي كان السبب في انتشار المزارع وتقطنها قبائل عروة من جهينة ، في حين تسمى المنطقة الصحراوية التي وقع فيها الحادث وادي بواط ويمتد بين المدينة وينبع، وفي بواط وقعت الغزوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية للهجرة.

ويمر بالوادي طريق ترابي ممهد يبدأ من جنوب العلا 400 كلم شمال المدينة ووقع الحادث في نقطة موازية على بعد 40 كلم من طريق المدينة المنورة/تبوك بمسافة 17 كلم في عمق الطريق.

وفي الوقت الذي غادرت مساء امس من مطار الامير محمد بن عبد العزيز في المدينة المنورة طائرة خاصة تقل سيدتين من ذوي الضحايا الفرنسيين من ضحايا الاعتداء، اصرت والدة القتيل مبارك جون الذي توفي أمس متأثرا بجراحه، على الصلاة على ابنها وزوجها جون مارك الذي اسلم قبل ثلاثة اشهر من الآن على الصلاة على جثماني زوجها ونجلها في المسجد النبوي الشريف، حيث تمت صلاة الميت عليهما في المسجد النبوي الشريف عقب صلاة عشاء يوم أمس، وسط حضور عدد كبير من المصلين والزوار يتقدمهم ابراهيم المزيد وكيل امارة المدينة المنورة والمهندس ابراهيم الاحمدي مدير مكتب امير منطقة المدينة واللواء احمد الردادي مدير شرطة المنطقة وعدد من المصلين وفي معلومات خاصة وصلت اليها «الشرق الاوسط» فإن والدة القتيل ـ وهي سيدة مغربية الجنسية ـ أدت صلاة الفجر في المسجد النبوي صباح أمس، والدعاء لابنها الذي توفي لاحقا بان يمن عليه بالشفاء وان ينجو من الاصابة.

وعزت الام لمقربين انها وزوجها ونجلها كانوا ينوون زيارة المسجد النبوي، وهو ما دفعها لان تجعل ابنها وزوجها يزوران حتى ولو كانا ميتين بحيث تحقق لهما الأمنية.

كما علمت «الشرق الأوسط» أن جثامين الضحايا الفرنسيين الأربعة، بقيت في المدينة المنورة، لحين إرسال طائرة خاصة لتنقلهم إلى فرنسا.