عناصر التنظيمات الإرهابية اليهودية في المستوطنات ينكلون بالفلسطينيين في الضفة

بين تشجيع الجيش وتجاهل الجهاز القضائي

TT

رغم أن الأهالي في البلدة كانوا يعرفون أن مصدر الضوضاء الناجمة عن تحطيم سياراتهم ومحالهم التجارية هم يهود من مستوطنات قريبة، إلا أنهم لم يجرؤوا على مغادرة بيوتهم، خوفاً على حياتهم.

فقد كان هؤلاء المستوطنون الذين فرغوا للتو من زيارة قبرين في محيط قرية عورتا القريبة من نابلس، يزعمون أنهما يعودان لابني النبي هارون عليه السلام، وبعدما فرغوا من الزيارة، حطموا شواهد القبور في مقبرة اسلامية قريبة، وبعد ذلك اقتحموا البلدة ليعيثوا فيها فساداً. وهذا غيض من فيض مما يقوم به المستوطنون في الضفة الغربية، فالمستوطنات هناك تحولت الى معاقل لأعضاء التنظيمات الإرهابية اليهودية. وحسب المعطيات الإسرائيلية فإن العديد من المستوطنات أصبحت تدار من قبل قيادات هذه التنظيمات، التي تقر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، سيما جهاز المخابرات العامة «الشاباك»، بعجزها عن مواجهتها بسبب القيود التي يفرضها القانون الإسرائيلي على حرية حركة هذه الأجهزة في مواجهة هذه التنظيمات، ناهيك من تمتعها بدعم كبير وغير محدود من قبل الأحزاب السياسية سواء الممثلة في الائتلاف الحاكم، أو في المعارضة.

وتحيط بكل من نابلس، وسط الضفة الغربية، والخليل في أقصى جنوب الضفة، مستوطنات تضم أكبر تجمع للتنظيمات الإرهابية اليهودية. فإلى الجنوب من مدينة نابلس، تقع مستوطنة تفوح التي يتبع جميع قاطنيها تنظيم «كهانا حي» الإرهابي، الذي أسسه بنيامين كهانا، الذي قتل في عملية للمقاومة الفلسطينية في مطلع انتفاضة الأقصى، وهو نجل الحاخام مئير كهانا، مؤسس حركة كاخ الإرهابية، الذي قتل على يد شاب مصري في مدينة نيويورك الأميركية.

ولا يحاول سكان المستوطنة اخفاء انتمائهم التنظيمي لهذه الجماعة الإرهابية، وليس هذا فحسب، بل ان التلفزيون الإسرائيلي بث تحقيقاً صحافياً حولهم، حيث تباهوا في التدليل على عدم تأثرهم بمتابعة الأجهزة الاستخبارية لهم. وبلغت درجة استخفاف هؤلاء بالأجهزة الاستخبارية والأمنية أن احد قادتهم تحدث أمام كاميرات التلفزيون لأتباعه حول الطرق الواجب اتباعها في الرد على اسئلة محققي المخابرات.

والى الشمال من مدينة نابلس تقع مستوطنتا «يتسهار» و«هار برخا»، التي تعتبر بدورها معقلاً لعناصر التنظيمات الإرهابية في مقدمتهم يهودا ليفنات شقيق وزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة ليمور ليفنات.

ويتعاون سكان المستوطنات الثلاثة في التنكيل بالمواطنين الفلسطينيين في نابلس والبلدات والقرى المجاورة لها. ويمنع المستوطنين الأهالي في القرى الفلسطينية المجاورة من جني محاصيل كروم الزيتون التي تزخر بها المنطقة. وفي مرات عديدة سرقوا المحاصيل بعد جنيها.

ويعتدي المستوطنون على الفلسطينيين اثناء قيامهم بفلاحة أراضيهم. وقد قتل عدد من الفلسطينيين في منطقة نابلس جراء اطلاق النار عليهم.

وتتسم تصرفات المستوطنين في هذه المنطقة بالتحدي والعربدة، اذ يقومون بالتسلل الى قلب نابلس، والصلاة حول قبر يوسف، رغم قرار الجيش الاسرائيلي الذي يحظر دخولهم المنطقة.

وفي الخليل يوجد عدد من المستوطنات التي تمثل بؤر التنظيمات الإرهابية اليهودية. وعلى رأسها مستوطنة بيت عاين، التي انطلق منها عدد من أخطر خلايا الإرهاب اليهودي، وأخطرها خليلة اعتقلت المخابرات الاسرائيلية افرادها قبل عامين بعد ان زرعت عبوات ناسفة في العديد من المدراس الابتدائية الفلسطينية في منطقة القدس والخليل.

الى جانب ذلك تمثل مستوطنة كريات اربع الى الشرق من الخليل والبؤر الاستيطانية في مدينة الخليل نفسها موطناً للتنظيمات اليهودية الإرهابية التي تنادي بالعنف ضد الفلسطينيين، وعلى رأسها تنظيم «كاخ» الارهابي، بزعامة باروخ مارزيل، الذي يقطن البؤرة الاستيطانية «ابراهام ابينو»، قرب الحرم الإبراهيمي وسط البلدة القديمة.

وينشط في المنطقة تنظيم «الأمن على الطرق»، وهو تنظيم تفرع عن «كاخ»، وتشكل بدعوى العمل على تأمين حركة المواصلات للمستوطنين الذين يقطنون جنوب الضفة.

ولا خلاف في اسرائيل على ان من يشجع على هذه التنظيمات على ممارساتها العدوانية ضد الفلسطينيين هو تجاهل اجهزة حفظ القانون الإسرائيلية لها وعدم تعاملها بجدية مع ممارساتها.فقد كشف تقرير صادر عن منظمة «يوجد قانون»، الإسرائيلية التي تعنى بمراقبة ممارسات الاحتلال في الضفة الغربية، عن أن 10 في المائة فقط من الشكاوى التي يتقدم بها الفلسطينيون للشرطة الإسرائيلية حول اعتداءات المستوطنين تنتهي بتقديم لوائح اتهام ضد هؤلاء المستوطنين؛ في حين تغلق ملفات حوالي 90 في المائة من هذه الشكاوى.

وجاء في التقرير «إن تعاطي الشرطة وأجهزة القضاء الإسرائيلية مع شكاوى الفلسطينيين يتميز بالإهمال واللامبالاة، وانعدام المهنية».