بانتظار عودة بري وجنبلاط .. تلاق على الدعوة لحل توافقي قبل انعقاد القمة العربية

نائب من حركة أمل: بري لن يدعو لانعقاد المجلس قبل الحكومة الوطنية

TT

تعيش الازمة السياسية في لبنان ما يشبه الوقت الضائع الفاصل بين العودة المرتقبة للقيادات السياسية التي غادرت البلاد الى الخارج، لاسيما رئيس مجلس النواب نبيه بري (في روما) ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط (في واشنطن) وبين معاودة المساعي العربية والاقليمية لتقريب وجهات النظر بين قادة طرفي النزاع في الموالاة والمعارضة، من القضايا الخلافية وفي مقدمها المحكمة الدولية وحكومة الوحدة الوطنية.

وفي اطار «الوقت الضائع»، تواصلت المواقف السياسية من القضايا موضوع السجال. فحذر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني من «ان خيارات التصعيد ستجعل لبنان الخاسر الاكبر». فيما دعا وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قباني الى «الافادة من القمة العربية للملمة الشمل».

وفي صف المعارضة، دعا عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب غسان مخيبر الى «تعزيز الحوار الداخلي لاعادة تكوين السلطة» فيما اتهم رئيس كتلة نواب «حزب الله» النائب محمد رعد، النائب جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع بـ«عرقلة التسوية الاخيرة لحل الازمة». وأشار النائب علي خريس (حركة امل) الى ان الرئيس بري لن يدعو مجلس النواب الى الانعقاد قبل التوصل الى حكومة الوحدة الوطنية. موقف المفتي قباني اعلنه لدى استقباله امس النائب سمير فرنجية والنائب السابق فارس سعيد (قوى 14 اذار). وأكد: «أن لبنان لا يقوم إلا بجناحيه المسلم والمسيحي. وان الوفاق على المصلحة اللبنانية المشتركة ووحدة اللبنانيين هو الخيار الوحيد. وكل تعبير عن الرأي في الشارع بتعطيل الحياة العامة فيه وفي البلاد إلى أمد طويل خارج المؤسسات الدستورية سوف يؤدي إلى هدم الدولة والنظام والدستور. وندعو الجميع الى احترام حكم القانون. ولن يفلح رأي يذهب باللبنانيين بعيدا عن مؤسساتهم الدستورية وإلا لكان البديل هو الفوضى المهلكة التي سيقود العصيان المدني لبنان واللبنانيين إليها».

اما سعيد فقال: «زرنا سماحة المفتي لتأكيد موقعه في الحفاظ على السلم الاهلي في لبنان وفي الحفاظ على الوحدة الداخلية فيه. ونحن نعلم ان لسماحته موقعاً اساسياً في ترسيخ شبكة امان اسلامية ـ اسلامية، من جهة، واسلامية ـ مسيحية، من جهة اخرى». واضاف: «جئنا لنؤكد هذه المواقف بالقول ان اي انكسار لاي جناح من الاجنحة اللبنانية هو انكسار لكل لبنان».

ورأى الوزير قباني ان «الجميع في لبنان يتمنى ان نصل الى حلول قبل القمة العربية في نهاية آذار. وهذه رغبة جميع اللبنانيين ورغبة كل القوى السياسية. لكن المسألة انه لا يكفي ان تكون لدينا ارادة ورغبة في ان نصل الى حلول مرضية، بل يجب ان نسهل الامور ونمهد الطريق لذلك. وعلينا نحن اللبنانيين مسؤولية في هذا الشأن، اذ لا يجوز ان نلقي بكل اعبائنا على الغير وعلى الدول التي تسعى الى ايجاد الحلول واعادة الاستقرار الى لبنان». وقال: «هذه قضية لبنانية علينا نحن ايضا ان نسهم في ايجاد الحلول ونمهد الطريق لذلك والا نصعب الامور على انفسنا من خلال مواقف متشنجة او مواقف نحشر انفسنا فيها فلا نستطيع ان نخرج منها فيما بعد. ونحن نجد ان هناك حركة من قبل الدول العربية وخصوصا من المملكة العربية السعودية ومن ايران. والمباحثات قائمة لدى هاتين الدولتين من اجل وضع حلول لهذه الازمة غير المستعصية وغير المستحيلة، ان اردنا فعلا وان سهلنا الامور من اجل ايجاد هذه الحلول». الى ذلك، رأى الرئيس السابق للحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي «ان القمة العربية المقبلة تنعقد في توقيت بالغ الاهمية (...) وإننا، إذ نتمنى للقمة العربية التوفيق، فإننا نشعر بشيء من الراحة بعد النجاح الذي شهدته المبادرة السعودية في ما يتعلق بالخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني. ونأمل ان يكون اتفاق مكة بادرة خير وان تكون هناك اتفاقات أخرى على مستوى القادة العرب وان تنحسر بالتالي الخلافات العربية ـ العربية وتتقارب وجهات النظر في ما بينهم لحل الخلافات المعقدة».

وفي جانب المعارضة، قال النائب مخيبر، عقب لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير امس: «تباحثنا في مجموعة من الافكار الضرورية لتعزيز الحوار بين الاطراف اللبنانيين كافة، وصولا الى تجذير القرار في الداخل اللبناني في كل ما يتعلق باعادة تكوين السلطة والخروج من المأزق الدستوري الذي وقع الوطن فيه». اما النائب رعد الذي كان يتحدث امس في احتفال اقامه «حزب الله» في بلدة دير الزهراني الجنوبية، فقال: «وصلنا مجددا الى طريق مسدود. وان انسداد افق التسوية معناه ان الفريق الحاكم يريد ان يأخذ البلاد الى مصالحة الكيان الصهيوني والتخلي عن حقنا في ارضنا في مزارع شبعا وغيرها، بل والتخلي عن التزامنا المبدئي ولو الاعلامي والسياسي والمعنوي بحقوق الشعب الفلسطيني». واتهم النائب رعد ما وصفه بـ«الثنائي جنبلاط وجعجع» بـ «عرقلة التسوية الاخيرة القائمة على التلازم بين حكومة وحدة وطنية فيها ثلث ضامن وبين اقرار المحكمة، وذلك استجابة للاملاءات الاميركية بعدما قبل بعض الفريق الحاكم ممتعضاً». وقال: «عندما قبلنا بهذه التسوية وأسقطنا كل الذرائع التي كان يتلطى وراءها الفريق الحاكم ليصور المعارضة وكأنها ضد المحكمة الدولية، تبين للسعودية وايران وكل العالم ان المعارضة ليست ضد المحكمة وانما لها ملاحظات على النظام التفصيلي لها من اجل ضمان عدم تسييسها».

وقال النائب خريس: «ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو الى عقد جلسة عامة للمجلس اذا لم يكن هناك حلول ويتم الوصول الى حكومة وحدة وطنية. وسيعود الى لبنان خلال أيام معدودة لمتابعة الاوضاع». مشيرا الى «ان الرئيس بري أعطى فرصة لعودة الافرقاء الى ضمائرهم ووطنيتهم واعتبار قضيتنا الوطنية فوق كل اعتبار وفوق كل الهموم السياسية».

واضاف: «حين يعود الرئيس بري الى لبنان سيعمل على استكمال مبادرته التي أطلقها والتي بات يعرفها الجميع. وهو في انتظار رد سياسي على هذه المبادرة من قبل الفريق الحاكم»، لافتا الى «ان هذه المبادرة جدية للوصول الى حل للخروج من الازمة التي يمكن ان تؤدي بالبلد الى ما لا تحمد عقباه». داعيا «جميع المراهنين على الخارج، وخصوصا الولايات المتحدة التي ما دخلت بلدا الا وأفسدته، للنظر الى ما يجري في افغانستان والعراق، والى ما تسعى اليه (اميركا) من عرقلة للوفاق الفلسطيني ـ الفلسطيني الذي أثمرت بذوره في المملكة العربية السعودية».