مجلس النواب المغربي يصادق بالإجماع على قانون الجنسية

الزوجة الأجنبية تحتاج إلى 5 سنوات لتصبح مغربية

TT

صادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) مساء أول من أمس، بالإجماع على مشروع قانون الجنسية الجديد. وثمن نواب الغالبية والمعارضة على السواء مقتضيات القانون، أثناء تفسيرهم لعملية التصويت، وأجمعوا على أهمية الحفاظ على الهوية المغربية بمنح الطفل، من أم مغربية وأب أجنبي، الجنسية المغربية.

وأكد النواب المتدخلون أن بنود القانون الجديد للجنسية، يضمن جميع الحقوق التي يكفلها القانون المغربي للطفل، سواء أكان من ثمار زواج مختلط أم زواج عادي، وذلك في إطار تطبيق مبدأ المساواة التي نص عليه الدستور، والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.

وسيتم عرض القانون على لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية)، في غضون الدورة التشريعية المقبلة، من أجل المصادقة عليه قبل مناقشته في الجلسة العامة، ليصبح ساري المفعول بعد صدوره في الجريدة الرسمية.

الى ذلك، قال محمد بوزوبع، وزير العدل المغربي إن هذا القانون يعد لبنة جديدة على درب بناء المغرب الحداثي الديمقراطي، الذي يحظى فيه الرجل والمرأة على قدم المساواة بشخصية مستقلة بعد الزواج، ويتمتع كل منهما بحق مواطنة كاملة تنقل الى أبنائهما أيضا على قدم المساواة، مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل، والاعتراف بمواطنته الكاملة، إثر ولادته، وتوفير حماية أكبر لحقوقه.

وأكد بوزوبع، في معرض تقديمه للقانون الجديد، أنه ارتكز على أبعاد حضارية وإنسانية، من خلال التأكيد على الارادة الحقيقية لإعمال حقوق الإنسان في مفهومها الشامل المبني على مبدأ المساواة، وصيانة الهوية المغربية الأصلية، والتشبث بثوابتها ومقدساتها، باعتبار أن الجنسية هي أولا وقبل كل شيء، رمز للهوية المغربية التي يعتز كل مواطن صالح بحملها بافتخار واستحقاق ومسؤولية، وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل، التي تسمو على سواها من الحقوق، وفي مقدمتها حقه في التوفر على هوية وجنسية، وذلك في التزام تام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب، خاصة منها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وتعزيز ما حققته مدونة (قانون) الأسرة من تقدم رائد، بما كرسته من مساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وضمان تماسك العائلة، لكونها الخلية الأساسية للمجتمع، والمنبت الأول للتنشئة على المواطنة الصالحة، وترسيخ المواطنة الصالحة الكاملة والمسؤولية الفاعلة.

وأوضح بوزوبع أن الفصل السادس من القانون تم تغييره، حيث لم يعد قانون الجنسية مرتبط بقاعدة النسب فقط، بل بالنسب والبنوة دون تفضيل أي معيارعلى الآخر، أي المساواة المطلقة بين النسب والبنوة للأب، مع البنوة لجهة الأم، وبذلك أضحى العنوان البارز لهذا الفصل هو «الجنسية المترتبة على النسب أو البنوة» حتى تتحقق الغاية المقصودة من جعل الأم المغربية ناقلة لجنسيتها الأصلية لأبنائها في جميع الأحوال.

وأبرز بوزوبع أن القانون الجديد يسمح للطفل المولود من زواج مختلط، والذي يعتبر مغربيا بحكم ولادته من أم مغربية، أن يعبر بواسطة تصريح يقدم لوزير العدل عن رغبته في الاحتفاظ بجنسية أحد أبويه فقط، شريطة أن يتم التصريح بذلك ما بين سن 18 و20 عاما، كما يمكن لأم المولود من زواج مختلط، التقدم بتصريح لدى وزير العدل تعبر فيه عن رغبتها في احتفاظ ابنها بجنسية أحد أبويه، وهي إشارة تمنح الحرية للابن والأم معا في اختيار الجنسية التي يودان الاحتفاظ بها، وبمعنى آخر فإن اكتساب الجنسية المغربية ليس واقعا مفروضا بقوة القانون.

وأدخل القانون مفهوما جديدا لاكتساب الجنسية المغربية، بالنسبة للأشخاص المولودين من أبوين مجهولين في المغرب، وهي الجنسية عن طريق «الرابطة الترابية»، كما منح إمكانية منح الجنسية بالنسبة للذين يقيمون بالمغرب بصفة اعتيادية ومنتظمة.

وفسح القانون المجال للأطفال من زواج مختلط، التخلي عن الجنسية المغربية، عند بلوغهم سن الرشد.

ورفع القانون من سقف المدة المطلوبة لإقامة العائلة بالمغرب حتى تستفيد زوجة المغربي الأجنبية من الجنسية المغربية، الى خمس سنوات، بعدما كانت محصورة في سنتين، ورفع المدة المخولة لرد وزير العدل على التصريح المقدم في هذا الشأن، من ستة أشهر الى سنة، واعتبار عدم الرد بمثابة معارضة لاكتساب الجنسية المغربية، خلافا للقانون السابق الذي كان يعتبر عدم الرد موافقة.

وعزا بوزوبع رفع السقف، الى اعتبارات مرتبطة بمفهوم الاندماج المطلوب في المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن خمس سنوات مدة زمنية معقولة لتحقيق عنصر الاندماج في الوسط المغربي، وتحقيق نية المشرع في جعل طالب الجنسية مؤهل لحمل صفة المواطنة، بالموازاة مع التطورات التي شهدها المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة، واتجاه غالبية الدول إلى إعادة النظر في تشريعاتها الخاصة بالجنسية، بما يحافظ على الأمن، وأهداف التنمية، بل إن بعض الدول أصبحت تشترط إلمام المطالب بالجنسية بلغة وثقافة البلد وعاداته لتحقيق الاندماج التام والكلي.

وأضاف بوزوبع أن الفصل الحادي عشر من القانون اشترط عدم صدور عقوبات ضد المترشح للجنسية المغربية، وربطها بجرائم الإرهاب، أو جرائم سقوط الأهلية التجارية، وذلك لصيانة ثوابت الهوية المغربية، وربط تجريد شخص من الجنسية المغربية، في حالة صدور حكم قضائي بعد إدانته بارتكاب جريمة إرهابية.

وتعتزم وزارة العدل المغربية القيام بحملات إعلامية لتوعية المواطنين بالمضامين الجديدة للقانون، وعقد اجتماعات مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في الموضوع، ضمنها، وزارة الداخلية باعتبارها المؤسسة الوصية على مؤسسة الحالة المدنية، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون، بحكم أنها الساهرة على تدبير مؤسسة الحالة المدنية في الخارج، وتنظيم لقاءات مع بعض السفراء والقناصل في بعض الدول الأوروبية، التي توجد بها فئة كبيرة من المواطنين المغاربة وذلك للتنسيق بشأن مجال التطبيق السليم للقانون، وتنظيم لقاء دراسي مع الوكلاء العامين للملك (النيابة العامة) لدى المحاكم، باعتبارهم الجهاز الذي يقوم بتدبير مجال الجنسية في المحاكم، وبعض الفاعلين الحقوقيين، والجمعيات النشيطة في هذا المجال.