تزايد اعتناق الأميركيين الأفارقة للإسلام.. رغم الرقابة الأمنية

الصحابي بلال بن رباح ملهمهم الأول ومالكولم إكس رمز للتحدي

TT

أفاد أئمة مسلمون وأساتذة جامعيون أميركيون أن الإسلام ينمو بسرعة كبيرة في الولايات المتحدة بين الأميركيين الأفارقة دون أن يردعهم من اعتناق الإسلام اتساع المخاوف الأمنية وتشديد الرقابة على المسلمين عموما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ويقول أئمة في مركز المسلمين السود في مدينة أطلانطا إنهم يتعرضون لرقابة أمنية أقل مما يتعرض لها المسلمون القادمون من الشرق الأوسط أو من شبه القارة الهندية. ووفقا لتقرير أوردته وكالة رويترز للأنباء فإن اعتناق الإسلام بين مجتمع السود في أميركا يتزايد بصورة مذهلة، وأكثر ما يجذب الأميركيين الأفارقة إلى الدين الإسلامي، شعائره التي تطوع الفرد على الطاعة والالتزام.

ومن الشعائر التي تجذبهم إلى الإسلام أداء الصلاة خمس مرات في اليوم، إضافة إلى الألفة والانجذاب الذي يشعر به هؤلاء نحو الإسلام خصوصا الذين تعرضوا للقمع والاضطهاد في حياتهم بصورة تجعلهم يقرأون بترو تلك القصص التي تحكي ما تعرض له المسلمون الأوائل في قريش من تعذيب واضطهاد مثل قصة الصحابي الجليل بلال بن رباح الحبشي، وعمار بن ياسر وأم عمار وغيرهم. ويقول لورانس ماميي البرفوسور المتخصص في علم الأديان بكلية فاسار إن عدد المسلمين من الأميركيين السود يقدر بمليوني فرد، لكنه أقر بعدم القدرة على إيجاد إحصاءات دقيقة لأعدادهم لأن الإحصاء الرسمي ينوه في العادة بالعرقيات ولا يهتم كثيرا بالأديان أو الطوائف. وينظر بعض الأميركيين السود إلى سلوك الحكومة الفيدرالية الأميركية بعين الريبة والشك في وصفها لمن تسميهم بالأعداء الجدد بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، رغم أن المسؤولين في الحكومة الأميركية يحرصون في تصريحاتهم على التفريق بين المسلمين كأصحاب ديانة والمتطرفين منهم كدعاة عنف وإرهاب.

ويتعاطف الأميركيون الأفارقة حتى غير المسلمين منهم مع الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة لأن معاناتها تذكرهم بما كان يعانيه قادتهم من دعاة الحقوق المدنية وعلى رأسهم الراحلان مارتن لوثر كينغ وكذلك الداعية مالكولم أكس الذي اعتنق الإسلام وساهم في إقناع الملاكم محمد علي كلاي على اعتناق الدين الجديد في الستينات من القرن الماضي، ولذلك فإن الأميركيين السود ينظرون إلى الإسلام كدين قابل للاعتناق في أي لحظة بدلا عن المسيحية التي يدين بها غالبية الأميركيين الأفارقة.

لكن البروفسور لورانس يقول إن نمو الإسلام في الولايات المتحدة لا ينظر إليه من قبل السلطات كتهديد لأن الأرقام مهما ارتفعت مازالت صغيرة، كما أنه بمجرد انتهاء الحرب على الإرهاب سوف تزول كل المخاوف والصور النمطية السلبية عن المسلمين، كما أن الإسلام سوف يستمر في الانتشار ربما بوتيرة أكبر فيما بعد.

ولاحظت أمينة ماكلاود أستاذة الأديان في جامعة دي باول في شيكاغو بولاية إلينوي أن المسلمين من الأميركيين الأفارقة لديهم مساجدهم الخاصة بهم التي يحرصون على أداء الصلاة فيها ولا يذهبون إلا نادرا إلى المساجد التابعة للمسلمين المهاجرين من غير الأفارقة. ويحثهم أئمة المساجد على تجنب ارتكاب الجرائم وتعاطي المخدرات والمسكرات وتحري الحصول على أعمال مفيدة، وتذكيرهم بأن كثير منهم اعتنق الإسلام داخل السجون، وعليهم ألا يعودوا إلى تلك السجون. ويعتقد بعض المسلمين في الولايات المتحدة أن الحكومة تتنصت على المساجد منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كما يعتقد بعض المسلمين القادمين من الشرق الأوسط أن مكتب المباحث الفدرالية الأميركية يزج بكثير من الأميركيين الأفارقة لاعتناق الإسلام صوريا، من أجل جمع المعلومات عن تحركات الجاليات المسلمة، ولكن عدد الأميركيين الأفارقة الذين يعتنقون الإسلام بالعشرات أسبوعيا، يمكن أن ينفي هذه الشكوك خصوصا لدى من يعرفون الاستعداد الطبيعي والميل الواضح للأميركيين الأفارقة لتقبل الإسلام إن لم يقرروا اعتناقه.

وهناك انطباع خاطئ عن المسلمين في أميركا بأنهم يمثلون فئة دنيا بالولايات المتحدة، ولكن الحقيقة أن مستويات الدخل والتعليم المرتفعة بين المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة تشير إلى عكس ذلك. ويعتقد الخبراء أن المسلمين سواء كانوا مهاجرين أم من الداخلين الجدد في الإسلام يمثلون أكثر المجموعات الدينية نمواً في الولايات المتحدة، وقد تجاوز عددهم في الوقت الراهن اليهود وأتباع بعض المذاهب المسيحية.