إيران تحد من المنح الدراسية في الغرب بسبب الأزمة النووية

معتدلون إيرانيون يحثون رئيسهم لـ«وضع مكابح» على خطاباته السياسية

TT

تتسع تبعات الازمة النووية الايرانية مع رفض طهران تجميد برنامجها النووي، واصرار مجلس الامن على وضع حد لذلك البرنامج. وبينما تزداد الضغوط الداخلية على الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد للحد من خطاباته السياسية المثيرة للجدل حول الموضوع النووي، واخذ الحكومة الايرانية اجراءات جديدة لتزيد من عزلته الدولية. وأعلنت طهران أمس انها ستحد من المنح الدراسية لدراسة الطلاب الايرانيين في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا بسبب موقف تلك الدول من الأزمة النووية.

وقالت الاذاعة الحكومية الايرانية، ان طهران ستوقف جميع المنح الدراسية في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا لان الايرانيين الذي يوفدون الى هناك يمنعون من اختيار العلوم النووية والمواد المماثلة لدراستها. ونقل عن نائب وزير العلوم محمود ملاباشي قوله: «بما أن هذه الدول لا تقبل الطلبة الايرانيين في فروع التكنولوجيا الحديثة مثل العلوم النووية، فلن ترسل وزارة العلوم طلبة الى هناك». وفرضت الأمم المتحدة عقوبات محدودة على برنامج ايران النووي في ديسمبر (كانون الاول) الماضي بموجب قرار 1737، وتواجه ايران احتمال فرض مزيد من التدابير ضدها لتجاهلها مهلة انتهت في 21 فبراير (شباط) الحالي لتعليق انشطتها في تخصيب اليورانيوم، وهي العملية التي يمكن بواسطتها صنع وقود من أجل منشأة للطاقة او توفير مواد لصنع رؤوس نووية اذا تم التخصيب بمعدل أكبر.

وتعمل الولايات المتحدة من اجل تشديد العقوبات ضد ايران، في ظل دعم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا. ولكن ملاباشي لم يذكر ما اذا كان سيجري وقف المنح الدراسية الى فرنسا وألمانيا. ومن المتوقع ان تتشاور الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا حول نوعية العقوبات الجديدة ونص مشروع جديد في مجلس الامن عبر مؤتمر هاتفي اليوم. وتوترت العلاقات مع كندا التي تعد مقصداً يحظى بشعبية لدى المهاجرين الايرانيين، خاصة بعد مقتل المصورة الصحافية زهرة كاظمي وهي قيد الاحتجاز عام 2003 التي كانت تحمل الجنسيتين الايرانية والكندية. وأدى اعتقال الكاتب الايراني الكندي رامين جاهان بيجلو لمدة اربعة اشهر العام الماضي لمزيد من التوتر في العلاقات بين البلدين.

ومن جهة اخرى، تعرض الرئيس الايراني أمس الى المزيد من الانتقادات الشديدة من المعتدلين الايرانيين، بسبب اشعاله الأزمة النووية مع الغرب في خطاب ألقاه مؤخرا شبه فيه برنامج ايران النووي بقطار «بلا مكابح».

وتحدى احمدي نجاد يوم الاحد الماضي مرة اخرى المطالب الدولية بتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم، في خطاب قال فيه ان المساعي النووية لبلاده تشبه «القطار الذي يسير في سكة واحدة ولا يمكن ان يتوقف أو يعود الى الوراء». وقال النائب الايراني الاصلاحي قدرة الله علي خاني في تصريح نشرته صحيفة «اعتماد ميلي» ان «تصريحات احمدي نجاد مثل القطار النووي بدون مكابح تقوض جهود مسؤولين اخرين وتجعل الاعداء اكثر تمسكاً بقرارتهم». واضاف ان مثل هذه التصريحات «تسرع من تبني قرارات اكثر قسوة ضد ايران»، في إشارة الى التهديدات بفرض المزيد من العقوبات ضد ايران بسبب ملفها النووي.

ودعا النائب الاصلاحي اسماعيل غيرامي مقدم، الرئيس الايراني الى استخدام نفس اللغة التي يستخدمها كبير المفاوضين النوويين علي لاريجاني ومستشار المرشد الاعلى علي اكبر ولايتي أثناء زيارتهما الى خارج البلاد. وقال مقدم لصحيفة «اعتماد ميللي» انه «اليوم الافضل لنا ان نتحدث بلغة معقولة تشبه لغة ولايتي ولاريجاني وليس ان نتحرك في الاتجاه الذي يرغب اعداؤنا لنا ان نتحرك فيه ونستخدم شعارات مستفزة ونعمل بروح المغامرة». واضاف: «ان الشعب الايراني والجمهورية الاسلامية لا يستحقون هذه اللغة. ان عبارة بلا مكابح تعني ان احمدي نجاد هو الذي يتخذ القرارات وحده ولا يقبل بأية مشاورات». وتعكس الانتقادات لخطاب احمدي نجاد الشكاوى التي ترددت خلال الاسابيع الاخيرة ليس فقط من الاصلاحيين ولكن كذلك من النواب المحافظين حول طريقة تعامل الحكومة مع المسألة النووية الايرانية والسياسات الاقتصادية التوسعية. ونشرت صحيفتان تعتبران عادة من الصحف المحافظة وهما «جمهوري اسلامي» و«همشهري» في يناير مقالين يحملان نقداً غير مسبوق لطريقة تعامل احمدي نجاد مع المسألة النووية.

ومن جهة اخرى، أكد نائب وزير الشؤون الخارجية لجنوب افريقيا عزيز باهاد ان بلاده التي ستترأس مجلس الامن الدولي لهذا الشهر، ستحث ايران على الاستجابة لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية سعياً لتجنب مواجهة.

وقال باهاد في بيان صحافي في كيب تاون أمس: «سنحث الايرانيين على الإذعان الفعلي لمطالب الكشف الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن برامجهم السابقة. هناك ثلاث أو أربع قضايا معلقة ليس أكثر ولا نعتقد أنها جذرية». ولفت الى ان جنوب افريقيا لا تعتقد أن الادلة المتاحة تثبت تورط ايران في برامج أسلحة نووية.

ومن المؤكد أن يساهم رأي جنوب افريقيا بايران في رفع درجة التوتر في مجلس الامن المنقسم في ظل تصعيد الولايات المتحدة. وقال باهاد: «من الواضح أن هذه القضية ستكون وقتها جزءا من جدول أعمال مجلس الامن الدولي. وحالياً فهي مطروحة على الدول الخمس الاعضاء الدائمين في المجلس والمشاورات تتم خلف أبواب مغلقة». وأضاف انه الى حين ظهور مسودة قرار يمكن للجميع مناقشتها فهناك «القليل جداً» الذي يمكن لجنوب افريقيا التعليق عليه. وخلص بالقول: «نأمل كما قلنا دائما في أننا يجب أن نتوصل الى حل سياسي لبرنامج ايران النووي».