ساركوزي: لا يمكن قبول إيران نووية ويجب عدم التردد في الذهاب إلى أبعد من العقوبات

تباين بين الاشتراكيين واليمينيين إزاء قضايا الشرق الأوسط في انتخابات الرئاسة الفرنسية

TT

فيما دعا وزير الداخلية الفرنسي والمرشح اليميني نيكولا ساركوزي سورية الى الإقرار بسيادة لبنان واستقلاله وحريته، وشدد على ضرورة ان يتخلى حزب الله عن سلاحه وأن يتحول الى تنظيم سياسي كغيره من الأحزاب اللبنانية، حث جاك لانغ، الوزير السابق والمستشار الخاص للمرشحة الاشتراكية سيغولين رويال على إعادة الحوار المقطوع بين فرنسا وسورية والى أخذ اهتماماتها بالاعتبار، منتقدا سياسة الرئيس شيراك «الشخصانية».

وجاء كلام ساركوزي في إطار مؤتمر صحافي كبير هو الأول في نوعه، خصصه لرؤيته لسياسة فرنسا الخارجية ولما يرى من ضرورة إعادة تقويمها وإدخال تعديلات عليها. أما كلام لانغ فجاء في إطار غداء مع نادي الصحافة العربية في باريس، وكرِّس لرؤية المرشحة الاشتراكية للمسائل الساخنة في الشرق الأوسط من الملف اللبناني ـ السوري، الى الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي الى الموضوع النووي الإيراني. ومن خلال هذين الحدثين تتبدى نظرتان متباينتان لما يتعين أن تكون عليه سياسة فرنسا الخارجية في العالم العربي والشرق الأوسط.

واحتل الموضوع الإيراني حيزا واسعا لدى ساركوزي الذي حذر من التبعات الخطيرة المترتبة على البرنامج النووي الإيراني وعلى حصول طهران على السلاح النووي. وأكد المرشح اليميني أن رؤية إيران تمتلك السلاح النووي والصواريخ القادرة على حملها «أمر لا يمكن قبوله»، إذ أن من شأنه أن «يفتح الباب أمام سباق للتسلح في المنطقة، وأن يشكل تهديدا دائما لوجود إسرائيل ولأمن دول جنوب شرقي أوروبا». والتزم ساركوزي الذي يطالب بأن تكون الانتخابات الرئاسية فرصة لإعادة النظر في أسس السياسة الخارجية لفرنسا من غير أن يعني ذلك «قلبها رأسا على عقب»، بالموقف الرسمي للحكومة الفرنسية الذي يخير إيران بين العقوبات الدولية والعودة الى طاولة الحوار. ودعا ساركوزي الى «عدم التردد في تشديد العقوبات على إيران والذهاب في ذلك الى أبعد حد لأنها يمكن أن تكون فعالة». وأضاف ساركوزي في جملة غامضة «لم أقل إنه يتعين التخلي عن الخيارات الأخرى» بحيث لم يفهم ما إذا كان المقصود بذلك الخيار العسكري أم شيئا آخر. لكنه نبه في الوقت ذاته الى أهمية تفادي «صدام الحضارات» بين غرب مسيحي وشرق مسلم. ولزم ساركوزي الحذر في إمكانية فتح حوار مع إيران بخصوص برنامجها النووي، مطالبا بأن يتم ذلك على المستوى الأوروبي فقط وليس في محادثات ثنائية. من جهته، استبعد لانغ أن يكون في مقدور الرئيس بوش مهاجمة إيران على غرار ما فعل في العراق «بسبب سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس».

ورغم أن رويال تدعو الى حرمان إيران حتى من الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية، فإن مستشارها الخاص الذي يرجح أن يصبح وزير خارجيتها في حال فازت في الانتخابات الرئاسية، يدعو الى «فتح الحوار معها من غير أن يعني ذلك الموافقة على برنامجها النووي». وفي الموضوع اللبناني، أبقى ساركوزي على خطابه المتشدد إزاء طرفين؛ هما حزب الله وسورية، مركزا على ضرورة التزام ثلاثة أهداف في لبنان هي: ضرورة أن تنجز لجنة التحقيق الدولية عملها بحيث يتم العثور على قتلة الرئيس السابق رفيق الحريري ورفاقه ومحاكمتهم، والثاني أن تقر سورية وتعترف بحرية الدولة اللبنانية وسيادتها واستقلاله. وأخيرا أن يسلم حزب الله سلاحه، وأن يتحول الى تنظيم سياسي ويعيد النظر في علاقاته (المقصود تبعيته) مع إيران. ورأى ساركوزي أن لبنان الذي يقع على خط الصراع بين المعتدلين والمتطرفين في الشرق الأوسط والعالم العربي، معتبرا أنه «أحد البلدان الديمقراطية النادرة حيث تتعايش الطوائف والمذاهب»، وأنه «مثال يحتذى». وطالب ساركوزي بـ«تخلص لبنان من أية تدخلات خارجية»، وبتمتعه باستقلال ناجز.

ويبرز التمايز الواضح بين الخط الذي تلتزمه رويال وخط ساركوزي. وقال المستشار الخاص لرويال إنه «لا يرى طريقاً لإيجاد مخارج للوضع في لبنان، حيث بعض الفئات مع سورية وإيران غير الحوار مع الجميع وخصوصا مع دمشق». جدير بالذكر أن الرئيس شيراك يرفض تليين سياسته المتشددة إزاء سورية. ويعزو لانغ ذلك لعلاقة الصداقة التي كانت تربطه بالحريري. غير أن لانغ انتقد شيراك بقوله إنه «لا يجوز أن تتأثر العلاقات الدولية بالجوانب الشخصية». وفي اعتباره أن «عدم الحوار مع سورية ليس خيارا جيدا لأنه لا يساعد فرنسا لا لجهة وضع اليونيفيل في جنوب لبنان (حيث لباريس قوة كبيرة) وفي سياسة فرنسا في كل الشرق الأوسط». وقال لانغ: «علينا بسياسة خارجية جديدة تقيم حوارا مباشرا وصريحا مع كل دول المنطقة، وخصوصا مع إيران وسورية من غير أن يعني ذلك الخضوع للرأي الآخر».

وكان لانغ قد زار سورية قبل بضعة أشهر. واجتمع بالرئيس السوري بشار الأسد فيما زار وزير الخارجية الاشتراكي السابق رولان دوما طهران نهاية الأسبوع الماضي.

من جهة اخرى فند ساركوزي، معلومات أفادت بأنه اشترى شقة سكنية بخصم خاص عام 1997، على أمل وضع حد للجدل الذي قد يؤثر في فرصه في الفوز بالسباق الرئاسي.

وكانت صحيفة «لوكانار أونشينيه» قد ذكرت أول من أمس أن ساركوزي وزوجته، اشتريا شقة قرب العاصمة باريس بسعر يقل عن سعر السوق، 300 ألف يورو (396500 دولار) «في الاقل»، وانهما استفادا من أعمال بناء مجانية أجريت فيها. وانتقد ساركوزي في حديث مع الصحافيين خلال رحلة لإسبانيا هذه المزاعم، ووصفها بأنها «متطرفة وسخيفة وانتهازية»، وتأتي في اطار «لعبة قذرة» في الحملة الانتخابية بهدف تعطيل طموحاته للوصول الى الرئاسة. وقال: «لماذا نعاني هذا المرض، وهو فرنسي بدرجة كبيرة، ان نلوث سمعة الناس لا لسبب، الا لأنهم مرشحون في انتخابات الرئاسة». على صعيد جبهة الاشتراكيين، تعرض مقر لجنة دعم رويال في باريس، الليلة قبل الماضية، للسرقة. ولم يستبعد أحد مستشاري المرشحة الاشتراكية للانتخابات الرئاسية الفرنسية «مؤامرة سياسية» خلف المسألة.