عشرات ملايين الدولارات قيمة «صناعة السمسرة» على الأراضي الفلسطينية

«مرسوم تسهيلات» في تسجيل الأراضي المبيعة للتستر على أسماء أصحابها سرا

TT

رغم أن الحرب الفلسطينية الشاملة ضد سماسرة بيع الأراضي العربية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وحتى داخل اسرائيل، الى مؤسسات استيطانية، تصل الى حد هدر الدم، وتنفيذ عمليات اغتيال بحقهم، إلا أن هذه «الصناعة» ما زالت تزدهر، وتصل قيمتها في كل سنة عشرات ملايين الدولارات على أقل تعديل.

وكشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن حيلة جديدة ابتدعها السماسرة، مؤخرا، ولاقت تأييد وتشجيع مسؤولين اسرائيليين، ألا وهي وضع «مرسوم تسهيلات» في تسجيل الأراضي والعقارات التي يتم بيعها، وذلك بالإبقاء على أسماء أصحاب الأراضي المباعة سرا. والحجة التي يتذرعون بها لتبرير هذه السرية هي «الحفاظ على أمن أصحاب الأراضي من الاعدام».

وحسب مصدر إسرائيلي ضليع في المعلومات عن البدع الجديدة، فإن السماسرة اليهود أقنعوا الدوائر الحكومية بأن هناك قرارا واضحا للتنظيمات الفلسطينية وخصوصا فتح (يقصدون حزب السلطة، في اشارة الى أنه حتى الرئيس المعتدل، محمود عباس (ابو مازن)، يؤيد القرار)، يقضي بهدر دم كل من يبيع أرضا أو عقارا لليهود. وأضاف قائلا: «ان هؤلاء السماسرة جاءوا الى المسؤولين، وهم يحملون رسالة واضحة تقول: إذا لم نجد حلا لمسألة السرية، فإن الجمعيات والشركات العاملة على تهويد الأراضي لن تجد ما تفعله وتبدأ اسرائيل في خسارة هذه العقارات الى الأبد».

والطريقة التي وجدوها ووافق عليها المسؤولون هي: الإبقاء على أسماء أصحاب الأراضي سرية. وعدم الاعلان عنها لدى تنفيذ صفقة البيع، بل وضعها كأمانة في ملفات المحاكم، فعندما تكون اليها حاجة يفصح عنها، وحتى في هذه الحالة يكون الافصاح محدودا. وبهذه الطريقة تم تخصيص ما لا يقل عن 350 دونما من أراضي قرية بلعين الفلسطينية، ليبنى عليها حي سكني جديد في مستوطنة «موديعين عيليت» في الضفة الغربية. بيد ان هذه الطريقة تتضح كأفضل وسيلة لعمليات النصب والاحتيال. فقد بدأ سماسرة الأراضي العرب في المنطقة يتفقون مع شركائهم السماسرة اليهود على تزوير سندات ملكية للأراضي، من دون علم أصحابها، وبيعها الى تلك الدوائر والشركات، بل الى شركات حكومية (تدفع اسعارا أعلى) مقابل أموال طائلة. وتم الكشف عن هذه الظاهرة، في صفقات بيع الأراضي لمستوطنة موديعين عيليت. فقد اتضح ان معظم الأراضي بيعت من دون علم أصحابها. وأن بعض هؤلاء الضحايا توجهوا الى المحكمة الاسرائيلية بطلب ابطال الصفقات، باعتبارها غير شرعية وتمت بالخداع. وفي المحكمة تبين ان السماسرة باعوا العقارات المذكورة الى دائرة أراضي اسرائيل، وهي التي تتولى مديرية شؤون الأرض في اسرائيل.