الوزير السوداني أحمد هارون المتهم بجرائم حرب: لست قلقا ولا أشعر بالذنب والاتهامات ضدي سياسية

ترحيب أوروبي بقرار محكمة لاهاي.. والأمم المتحدة قلقة على سلامة موظفيها في الخرطوم

TT

باشر وزير الدولة للشؤون الانسانية السوداني احمد هارون الذي اتهمته المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بارتكاب جرائم حرب في دارفور، مهام عمله امس كالمعتاد، بعد ان عاد من رحلة علاج في الاردن. وعلمت «الشرق الأوسط» ان هارون حضر امس اجتماعا مطولا للجنة السياسية المشتركة بين حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الشريكين في حكومة الوحدة الوطنية والمعنية بتنفيذ اتفاق السلام السوداني، ويشغل هارون الى جانب كونه وزيرا للدولة في وزارة الشؤون الانسانية منصب نائب رئيس اللجنة السياسية في حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير.

وفور عودته من العاصمة الأردنية عمان انخرط هارون في سلسلة تصريحات صحافية ولقاءات مع المسؤولين في الحكومة الذين تقاطروا الى منزله، وقال «أشعر أن القضية تافهة لا تستحق التوقف عندها طويلا»، وأكد انه سيواصل عمله كالمعتاد، وأضاف «ليس هنالك ما يقلقني».

وأكد هارون احترامه لأي خيار تتخذه الحكومة، وقال انه ملتزم تماماً بكل ما تتخذه الحكومة السودانية من اجراءات، وقال وزير الدولة للشؤون الانسانية في تصريحاته الصحافية انه علم بالخبر بعد وصوله من الأردن مساء أول من أمس . وحول تسليمه الى محكمة لاهاي من عدمه، قال المسؤول السوداني «بكل ثقة واطمئنان اقول ان خيارات الحكومة مفتوحة بلا قيد لتتخذ ما تراه في مصلحة البلاد»، وشدد «عندي قضية ممكن الدفاع عنها ولست قلقاً على كل حال، فالقلق يأتي اذا كنت مذنباً والعدالة لم تطلني ولكن كل ما فعلته يتوافق مع صحيح القانون ومقتضى الواجب وأنا في قمة التصالح مع الذات». وقال «أنا شخصياً لست معنياً كثيراً بإجراءات المدعي العام الدولي لجملة من الأسباب، فما هو منسوب من ادعاءات بواسطة المدعي العام متعلقٌ بالوظيفة العامة باعتباري وزير دولة سابقا بوزارة الداخلية، بالتالي الحكومة هي التي ستتخذ القرار المناسب بشأن ذلك، وأيَّاً كان شكل القرار الذي ستتخذه الحكومة أنا ملتزم به تماماً وبصورة شخصية». وشن هارون هجوما عنيفا على المحكمة الدولية، وقال ان ما يجرى فيها ليس عدالة دولية بقدر ما هي ازدواجية معايير، وشرح وجهة نظره القانونية بالقول «فمن ناحية اجرائية المحكمة الجنائية الدولية لا يقوم لها اختصاص في السودان لمحاكمة اي سوداني، فالسودان لم يصادق على نظامها الاساسي كما ان اختصاصها مكمل للقضاء السوداني ومن خلال معرفة شخصية لي بالقضاء السوداني فهو لم يكن عاجزاً او غير عادل في يوم من الايام وهو يؤدي مهامه بكل مهنية واقتدار».

وسخر هارون من المحكمة الجنائية قائلاً: «عندما يستطيع اوكامبو أن يأتي بشارون وبوش حينها سننظر في مدى احتمال مثولنا امام محكمته»، وكشف انه تعرض لتحقيقات محلية قبل تقرير اوكامبو، وقال انه كان سعيداً بتقديم افاداته لكل لجان التحقيق القضائية وشبه القضائية، ووصف مثوله ذلك بأنه «نوع من انواع التقدير للقضاء السوداني ووكالاته مثل ما فعل الرئيس سوار الدهب بعد الانتفاضة».

واعتبر ان اتهامات مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية سياسية وتهدف الى جعل حل مسألة اقليم دارفور الذي يشهد حربا اهلية، اكثر صعوبة بعد تحريك الجهود السياسية وخصوصا الوساطتين الليبية والاريترية.

وأكد من جهة اخرى انه في حال كان عليه المثول امام القضاء الدولي، فسيكون له الموقف «البطولي» نفسه للرئيس العراقي صدام حسين امام قضاته.

وردا على سؤال بشأن شعوره حيال القضية، قال هارون «لا أدري لماذا طاف بذهني فيلم اعدام صدام، حيث شاهده العالم كله وهو يخطو بخطوات قوية وثابتة نحو المشنقة.. ولقد كان الراحل صدام يومها أكثر ثباتا من جلاديه.. ونحن قادرون بإذن الله على انتاج مواقف ثبات تهز العالمين الاسلامي والعربي».

وفي اطار ردود الفعل على اعلان لاهاي اعربت الامم المتحدة في السودان امس عن خشيتها على سلامة موظفيها بعد اعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية اتهام مسؤولين سودانيين اثنين بارتكاب جرائم حرب في دارفور.

وقال ممثل الامم المتحدة بالوكالة في الخرطوم تاييه ـ بروك زيريدون للصحافيين «وجهنا نصائح يوم الثلاثاء الى موظفينا» بشأن المخاطر الناجمة عما اعلنته المحكمة الجنائية الدولية.

وفي القاهرة دعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى التفاهم بين الحكومة السودانية والمدعي العام للمحكمة الدولية، معربا عن أمله في ألا يكون لقرار المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مسؤولين سودانيين أمامها تأثيرات سلبية على السودان،فيما أكدت حركة العدل والمساواة جناح «الدكتور خليل إبراهيم» بدارفور، أن أحمد هارون الوزير الحالي بالحكومة السودانية، وعلي محمد عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» قائد ميليشيات الجنجاويد، المطلوب محاكمتهما دوليا بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، ارتكبا العديد من الجرائم هناك هما وآخرون، معتبرة القرار بداية لإعلان أسماء بقية المتهمين، سواء من الحكومة أو الحركات المسلحة، إذا كان من بين عناصر تلك الحركات من ارتكب هذا النوع من الجرائم. ورحب الاتحاد الاوروبي باعلان لاهاي وقال أماديو الفتاج، الناطق باسم المفوض الأوروبي المكلف شؤون التنمية والمساعدات الإنسانية لوي ميشيل،ان قيام المحكمة الجنائية الدولية بنشر أسماء مسؤولين سودانيين متهمين بالمسؤولية عن جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور «اشارة قوية وواضحة على ان أية جريمة ضد الإنسانية لن تمر من دون عقاب».