أحمدي نجاد يهاجم منتقدي سياساته النووية ويتهمهم بالانحناء لـ«الأعداء»

الوكالة الدولية والأمم المتحدة تواصلان النظر في الملف الإيراني

TT

رد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس، على الانتقادات الداخلية لسياسته، فيما يخص لبرنامج النووي الايراني بمهاجمة منتقديه باتهامهم بمطالبة بالرضوخ لـ«الاعداء». وقال الرئيس الايراني كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ارنا): إن «اناسا يصفون انفسهم بأنهم محللون وسياسيون يسألون الناس «لماذا تواجهون الاعداء ولا ترضخون»، وذلك بدل مواجهة الاعداء الذين يريدون ان يدوسوا حقوق ايران».

واعتبر أحمدي نجاد انه «في هذه اللحظة نحن عند تقاطع طرق، وينبغي لكم جميعا ان تبذلوا جهدا كبيرا لاتمام مهمتكم». وتشكل تصريحات احمدي نجاد ردا واضحا على الانتقادات المتزايدة لخبراء وسياسيين ايرانيين حول تكلفة استمرار طهران في برنامجها النووي المثير للجدل. وقد تتعرض ايران لمزيد من العقوبات من جانب مجلس الامن على خلفية رفضها تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم، فيما تناقش الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم احتمال وقف مساعداتها الفنية لطهران بسبب برنامجها النووي. وأيد رئيس الوكالة الايرانية للطاقة النووية غلام رضا اغازاده الرئيس الايراني، قائلاً ان «احتمال حصول ايران اليوم على التكنولوجيا النووية السلمية ممتاز، لكن عقولا سيئة تمارس سياسة التقسيم لافشال هذا الأمر». ونقلت «ارنا» عن اغازاده قوله: «البعض يقول علينا تعليق (التخصيب) مجددا أو «هذا العلم يكلف غاليا»، لكنه اعتبر ان هذه المحاولات ستفشل «بسبب الارادة الوطنية لحيازة التكنولوجيا النووية السلمية».

من جهته، حذر كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي علي لاريجاني من ان تبني قرار جديد للأمم المتحدة حول البرنامج النووي الايراني، سيؤدي الى «رد خطير» من جانب طهران. وقال لاريجاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي: «اذا اتبعوا طريقا متشددا وتبنوا قرارا، فسيتقلون ردا خطيرا والظروف ستتغير»، من دون ان يوضح طبيعة هذا الرد.

ولليوم الثالث تواصل الدول الست (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا) مشاوراتها المكثفة لصياغة مشروع قرار جديد، يسعى إلى توسيع نطاق العقوبات المفروضة على إيران رداً على عدم التزامها وقف برنامج تخصيب اليورانيوم. وعلى الرغم من جو التفاؤل الذي ساد الجولات الثلاث من المفاوضات حول طبيعة العقوبات الإضافية، غير أن الخلافات ما زالت قائمة بين الدول الست على عناصر الإجراءات الجديدة، ولم تتمكن من صياغة مسودة المشروع الجديد. ومن أجل أن تكون بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن على معرفة بسير المفاوضات، أطلع السفير البريطاني أمير جونز باري الأعضاء العشرة الآخرين على عناصر الإجراءات الجدية ضد طهران، والتي تشمل حسب قول رئيس المجلس لهذا الشهر سفير جنوب أفريقيا دوميسانس كومالو حظر السفر وحظر على توريد المعدات العسكرية، إضافة إلى توسيع قائمة الأشخاص والكيانات من المتورطين أو العاملين في برنامج إيران النووي، ليكونوا هدفا لتجميد أرصدتهم المالية. ويضاف إلى ذلك فرض بعض القيود المالية خاصة على القروض الخارجية لإيران. ووصفت بعض مصادر مجلس الأمن لـ«االشرق الأوسط» بعض الإجراءات الجديدة بأنها «غامضة»، خاصة ما يتعلق بالحظر العسكري والقيود المالية. وتصر دول الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) على أن الغرض من توسيع نطاق العقوبات هو الضغط على طهران من أجل الدخول بمفاوضات جدية خول برنامجها النووي. وكانت العقوبات التي فرضها مجلس الأمن في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قد اقتصرت على حظر السلع والمواد والتكنولوجية ذات الصلة بالبرنامج النووي، وبإنتاج الأسلحة النووية. وحتى اليوم الثالث من المشاورات بين الدول الست التي بدأت منذ يوم الأثنين الماضي، لم تبلور نصا لمشروع القرار الجديد. وقال السفير الصيني وانغ غوانغيا «نحن نتبادل الملاحظات وأن المناقشات ستستمر». في واشنطن، اعلن الرئيس الديمقراطي للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الاميركي توم لانتوس مساء اول من أمس، ان المجلس يمكن ان يشدد قريباً العقوبات الاقتصادية على ايران، من خلال تشديد العقوبات على الشركات النفطية الاجنبية، التي تستثمر في ايران. وقد أعلن لانتوس عن تقديم مشروع قانون هذا الاسبوع «ضد الانتشار النووي في ايران»، يهدف بشكل اساسي، كما قال، الى منع ايران من الحصول على اسلحة نووية او وسائل انتاجها.

وفي فيينا، يواصل مجلس امناء الوكالة الدولية جلساته المنعقدة منذ مطلع الاسبوع، للنظر في التوصيات المرفوعة من لجنة التعاون التقني بحجب المساعدات الفنية عن 22 مشروعا ايرانيا، خوفا من استخدام عسكري لها وتطبيقا للقرار 1737 الصادر من مجلس الامن، الذي يلزم ايران بتجميد تخصيب اليورانيوم. وبعد انتهاء جلسات امس من دون التوصل الى اتفاق على وقف المساعدات التقنية، عبر مندوب ايران بالوكالة الدولية علي اصغر سلطانية في حديث امام الصحافيين مساء امس، عن مشاعر العطف التي تعتريه تجاه مدير عام الوكالة محمد البرادعي وسكرتاريته التي اجبرت على صياغة توصيات لحجب مساعدات لمشاريع زراعية وطبية وصناعية ايرانية. وقال إن هذه الاجراءات تأتي «بسبب ضغوط قوية تمارسها الولايات المتحدة، وحفنة من الدول الغربية بسبب اجندتها السياسية وطموحاتها»، معتبراً ان ذلك «يسجل مرحلة ضعف جديدة تمر بها الوكالة الدولية».

وجدد الاتحاد الاوروبي امام الاجتماع المنعقد لمجلس امناء الوكالة الدولية أمس، ادانته للتجاهل الذي تقابل به ايران القرارات الدولية، بل التوسع في انشطتها النووية مثار النزاع، بحسب بيان للاتحاد. وحثها كذلك على ضرورة التزامها بالقرار الدولي 1737. من جانب آخر، كرر الاتحاد الاتحاد الاوربي، دعوته لايران حتى تعود لمائدة التفاوض، مؤكدا في بيان تلاه السفير الالماني، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الدورية، الاستعداد للتفاوض. وعارض ذات الحوافز الاقتصادية والمساعدات التقنية، التي كان قد عرضها سابقا خلال محادثات دارت بينهما لأكثر من عامين انفضت من دون نتائج.

وانتقدت بعض الدول العربية الأعضاء بمجلس الامناء وهي سورية ومصر وليبيا «ازدواجية المعايير» في التعامل بين الملف النووي الكوري الشمالي والملف النووي الايراني، حيث سعت القوى الكبرى لتفاوض مباشر مع كوريا الشمالية، رغم امتلاكها المعلن والمعروف لأسلحة الدمار النووي، مؤكدين على ضرورة افساح المجال امام لغة الحوار مع إيران، باعتبارها الوسيلة الأمثل لتبديد كل الشكوك، وحل ما تبقى من مسائل عالقة.