من الذي يخاف من كلام الطيور؟

جدل حول حكايات شعبية فلسطينية

TT

آخر ما كان يتوقعه الدكتور ناصر الدين الشاعر، نائب رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير التعليم، أن يتهم من قبل قطاع من المثقفين الفلسطينيين، بأنه «ظلامي» أو معاد للحرية، خصوصا انه طوال فترة أدائه، ظهر كرجل منفتح على مختلف الأفكار والتيارات.

ولكن هذا ما حدث، مع كتاب يضم حكايات شعبية فلسطينية يحمل عنوان «قول يا طير»، وأحد مؤلفيه الدكتور شريف كناعنة، هو زميل الوزير الشاعر السابق في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس.

«قول يا طير» الذي أثار الضجة لمؤلفيه الدكتور إبراهيم مهوّي، والدكتور كناعنة.

ومهوّي، حسب ما يعرفه ناشر الكتاب فانه يدرّس الأدب العربي المعاصر ونظرية الترجمة في جامعة أدنبره (اسكوتلندا). ولد في رام الله سنة 1937، وتلقى دراساته العليا في الأدب الإنجليزي في جامعة كاليفورنيا، ويركز نشاطه العلمي على الأبحاث المتعلقة بالأدب والتراث الشعبي الفلسطيني والترجمة.

أما كناعنة، فهو أكثر شهرة بالنسبة للمثقفين الفلسطينيين، وهو أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة بير زيت. ولد في عرّابة البطوف في الجليل سنة 1936. تلقى دراساته العليا في جامعة هواي، ويركز نشاطه العلمي على جمع التراث الشعبي الفلسطيني ودراسته، وتحرير مجلة «التراث والمجتمع» التي تصدر في رام الله عن جمعية «إنعاش الأسرة». والكتاب صدر أولا باللغة الإنجليزية، عام 1989، ثم بالفرنسية عام 1997، وترجم عام 2001 إلى العربية، وصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، وهو يضم خمساً وأربعين حكاية (خرافية)، تم اختيارها من 200 حكاية روى معظمها نساء في جميع أنحاء فلسطين (الجليل والضفة الغربية وغزة).

وذكر مؤلفا الكتاب عن سبب اختيار هذه الحكايات «اخترناها باعتبارها الحكايات الأكثر رواجاً بين أبناء الشعب الفلسطيني ولقيمتها الفنية (جمالياتها وحسن أدائها)، ولما تبرزه من ملامح عن الثقافة الشعبية في فلسطين».

وعن الهدف الأساسي من الكتاب، يذكر المؤلفان «كان الداعي الأساسي للكتاب الحفاظ على فن قصصي نسائي كان واسع الانتشار عندما كان الشعب الفلسطيني يمارس ثقافته على كامل أرضه، بل أيضاً كي نعرض صورة علمية وموضوعية للثقافة العربية النابعة من أرض فلسطين ومن تراثها الإنساني الذي تضرب جذوره في عروق التاريخ. ولإبراز خصوصية هذه الثقافة كان علينا أن نضع الحكايات باللغة العربية الدارجة التي رويت بها، وأن نرفقها بدراسة معمقة على عدة مستويات تبرز الملامح الوطنية لهذه الثقافة، وفي الوقت ذاته نربطها بمحيطها العربي وبالثقافة الإنسانية على صعيد العالم بأكمله».

ووفقا لكناعنة، الذي يحظى باحترام الأوساط الأكاديمية والمثقفين في الأراضي الفلسطينية لنشاطه في مجال جمع التراث الشعبي، وشخصيته الدمثة، فان المؤلف من أكثر الكتاب مبيعاً في مجاله، وانه ستصدر عنه طبعة باللغة الصربية، وقال إنه يدرس في عدة جامعات عالمية مثل جامعة شيكاغو، وسيصدر بلغات أخرى. الكتاب متوفر في الأسواق الفلسطينية، وقرِئ على نطاق واسع نسبيا، وأحد أسباب ذلك انه يدرس في جامعة بير زيت. وكان كناعنة قد أمضى نحو 17 عاما في الولايات المتحدة للدراسة. وعندما عاد إلى ارض الوطن، جعل من أولى مهامه البحث عن الجذور، وأوْلَى عناية فائقة للتراث الشعبي والفلكلور، وعرف بمشاركته في النشاطات الثقافية ذات العلاقة بهذا الشأن.

ولم يكن يخطر بباله أن يثير أحد، وخصوصا في فلسطين، زوبعة حول أحد كتبه، وهو ما حدث، عندما نشرت صحيفة فلسطينية يومية خبرا عن قرار قالت فيه إن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية اتخذته في العاشر فبراير (شباط) الماضي، وينص على إتلاف جميع نسخ «قول يا طير» الموجودة في مكتبات المدارس الفلسطينية. وحسب تلك الصحيفة، فان السبب حددته الوزارة بـ«وجود ألفاظ تخدش الحياء».