أغلى معبر تجاري في العالم .. 40 كيلومترا بين غزة وأشدود

إدخال شحنة إلى المنطار يتكلف أضعاف شحنها إلى لوس أنجليس وشنغهاي

TT

المنطار ـ (قطاع غزة) ـ رويترز: ربما يكون أغلى معبر تجاري في العالم، هو مجرد طريق يمتد مسافة 40 كيلومترا بين ميناء أشدود الإسرائيلي وقطاع غزة.

ويقول مستوردون إنهم اضطروا لأن يدفعوا لسائقي الشاحنات الإسرائيليين والوسطاء الفلسطينيين زهاء 7100 دولار، أي أكثر من السعر العادي بعشرة أمثال لإدخال بضائع من أشدود الى غزة عبر معبر المنطار التجاري الرئيسي.

وتكلف الشحنة ذاتها الى اشدود من مدينة شنغهاي الصينية، التي تبعد مسافة 7368 ميلا بحريا أو من لوس انجليس التي تبعد 9281 ميلا بحريا، ما بين ألفين وثلاثة آلاف دولار.

وتقول الشركة الوحيدة التي تنتج وتوزع مشروب الكوكاكولا في الاراضي الفلسطينية، ان تكلفة نقل المشروب عبر معبر المنطار لكل كيلو، أصبحت الآن أكبر من أي منطقة أخرى توزع فيها الشركة العملاقة مشروبها في العالم بما في ذلك العراق.

وذكر مسؤولون اسرائيليون وفلسطينيون ودبلوماسيون غربيون ومستوردون في مقابلات، ان ساعات العمل المحدودة وتزاحم الحاويات التي تنتظر المروروالمخاوف الامنية والفساد، هي العوامل المسؤولة عن ارتفاع الاسعار.

وقالت ساري باشي المديرة التنفيذية لمنظمة جيشا الاسرائيلية لحقوق الانسان، إن هذا الاختناق أدى الى ارتفاع الأسعار التي يدفعها المستهلكون في غزة بنسبة 25 في المائة، وهو ما يعد عقابا لسكان القطاع الذي يرزحون بالفعل تحت الفقر.

وقال ناصر الحلو الذي تستورد شركته الحليب المجفف وزجاجات المياه (نحن نتحدث عن الاساسيات. اذا كنت تريدين صنع زجاجة من الحليب لطفلك، فإنك تحتاجين لزجاجة مياه وحليب مجفف. المستهلك يعاني). ولعل سكان غزة وعددهم 5.1 مليون نسمة هم الضحايا الاساسيون. فلا يسمح بدخول الواردات من الجو أو البحر أو البر أو عبر الحدود مع مصر. ولا بد أن تصل البضائع أولا الى اسرائيل، حيث تخضع للتفتيش قبل دخولها الذي يكون في معظم الأحيان عبر معبر المنطار.

وذكرت باشي ان الحاويات قد تنتظر لفترة ثلاثة أشهر قبل أن يسمح لها بالعبور، ويرجع ذلك في جانب كبير منه الى أن اسرائيل أبقت المعبر مفتوحا خمس ساعات ونصف الساعة فقط، من يوليو (تموز) الى ديسمبر (كانون الأول) وهو أقل بكثير من عدد الساعات، الذي كان منتظرا وهو 14 ساعة.

ويقول مسؤولون اسرائيليون وفلسطينيون، ان عدد الساعات زاد الى حد ما في الشهور الأخيرة، لكن عدد الشحنات التي دخلت غزة في الشهور الأخيرة تأرجح بين الزيادة والنقصان، فبلغ 8307 شحنات في ديسمبر (كانون الاول) و10526 شحنة في يناير (كانون الثاني) و8792 شحنة في فبراير (شباط). ولتخفيف العبء عن المعبر، اقترح البنك الدولي فتح معبر رفح بين غزة ومصر للاستيراد والتصدير. وبموجب الاقتراح فستستغل الموانئ والمطارات المصرية وقناة السويس لنقل البضائع من والى القطاع.

ومن المفترض أن يحصل المستوردون الذين يريدون جلب البضائع عبر المعبر الحصول على مكان للشحن عن طريق الاتصال بخط تليفوني للحجز، يديره متعاقد حكومي في اسرائيل. لكن الادوار في الصف تحجز لسائقي الشاحنات مقدما ثم تباع لأعلى مشتر. وقال فيصل الشوا الذي يملك شركة انشاءات في غزة، ان المستوردين الفلسطينيين لم يعد أمامهم من خيارات. وقال في شهادة موجهة للمحكمة العليا الاسرائيلية (اذا لم يدفع المرء فسيضطر أو تضطر الى الانتظار شهرين أو ثلاثة لتسلم البضائع). وقبول اقتراح لخفض الأسعار عن طريق التفاوض على عقود ثابتة مع مجموعة منتقاة من الشركات، يلقى معارضة من السائقين الذين يدر عليهم النظام الحالي الارباح.

وألقى عبد الحكيم حسون، الذي تملك شركته تسع شاحنات باللوم على ما وصفه بمافيا السائقين الاسرائيليين.

وقال متحدث باسم هيئة مطارات اسرائيل، التي تسيطر على المعابر الحدودية ان السائقين الذين يبيعون أماكن الانتظار هم مثل تجار سوق سوداء يبيعون تذاكر لحفل نفدت تذاكره. وقال المتحدث «ندين هذه الظاهرة، لكننا لا نستطيع عمل أي شيء لوقفها. انها خارج نطاق اختصاصنا». وذكر الجيش والشرطة الاسرائيليان، أن الامر أيضا خارج نطاق سلطاتهما.

وتقول الشركات المتعددة الجنسيات التي لها مصانع ومستودعات في الضفة الغربية المحتلة، ان حالها ليس بأفضل من حال صغار المستوردين.

وذكر خوري أنه دفع زهاء 4700 دولار لإدخال شحنة من مشروب الكوكاكولا، عبر معبر المنطار، أي أزيد بثلاثة أمثال، مقارنة مع ادخال هذه الشحنة الى الضفة الغربية من بريطانيا. وقال إنها أغلى شحنة لكل كيلومتر في العالم. ويقول الحلو انه يدفع ما بين ألف و1300 دولار لجلب شحنة من الحليب المجفف من هولندا الى أشدود ثم خمسة آلاف دولار من أجل نقلها عبر المنطار مما اضطره الى زيادة الاسعار بعشرة أمثال.

ويرى مازن سنوقراط، وهو رجل أعمال فلسطيني ووزير سابق للاقتصاد، ان النظام جائر. وقال «تحدثنا الى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير.. تحدثنا الى وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس. لا شيء حدث».