تحريك نقاط «الاعتلام» الحدودية على «الخط الأزرق» يثير غضب الأهالي

الأهالي يتهمون القوات الدولية بالتواطؤ مع إسرائيل

TT

للخط الازرق في لبنان وتسميته قصة طريفة، وتعود تسميته بهذا الاسم الى ان الامم المتحدة عندما رسمته على الخريطة، رسمته بالحبر الازرق، وحُدد على الارض بالطلاء الأزرق للاشارة الى النقاط الحدودية التي تثبته ميدانيا. والخط الازرق هو خط التحقق العملي من الانسحاب الاسرائيلي، الذي تم في عام 2000 من الجنوب اللبناني، وفقا لما اخطرت اسرائيل به الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان، وانه تم تنفيذا للقرار الدولي 425 الصادر بعد اجتياح القوات الاسرائيلية للجنوب اللبناني للمرة الاولى في مارس (اذار) 1978. ويبدأ الخط الازرق من الناقورة غربا وصولا حتى الغجر شرقا بين فلسطين ولبنان، اما في الجانب الفاصل بين لبنان وسورية فيبدأ من الغجر على نهر الوزاني وينتهي في جبل الشيخ عند قصر شبيب في الشمال الشرقي.

ويذكر ان السلطات اللبنانية كانت قد اعترضت على ترسيمه في عام 2000، بعدما اكتشفت لجنة التحقق من الانسحاب الاسرائيلي، التي كان يرأسها العميد الركن المتقاعد امين حطيط ، في 27 مايو (ايار) 2000 انه يقتطع اراضي من لبنان تقارب مساحتها 20 مليون متر مربع على خط الحدود بين لبنان واسرائيل و36 كيلومترا مربعا على خط الحدود بين لبنان وسورية. وبعد نقاش مع الامم المتحدة أعيدت هذه الأراضي الى السيادة اللبنانية، باستثناء ثلاث مناطق تبلغ مساحتها 250 الف متر مربع، وهي تقع في رميش، عديسة ـ مسكاف عام والمطلة، وهو ما صار يعرف بمسألة التحفظات الثلاثة.

وبعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان في يوليو (تموز) 2006 عاد الخط الازرق الى الواجهة، بعدما وضعت القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) براميل زرقاء كاحداثيات جديدة لتحديده، الأمر الذي أثار جدلا سياسيا وشعبيا واسعا في الفترة الأخيرة، ما ادى الى تشكيل اللجنة المشتركة المؤلفة من الفرق التقنية وضباط وحدة الارتباط في الجيش اللبناني وبعض الخبراء المجريين والسويسريين المعتمدين في لجنة ترسيم الحدود.

وانحصرت مهمة هذه اللجنة، التي لم تنته بعد، في التأكد من وجود نقاط «الاعتلام» وعددها 14 في أمكنتها الصحيحة على الحدود في المنطقة الممتدة بين مروحين وعيترون مرورا برميش ومارون الرس وعيتا الشعب واظهارها للعيان، على ان تنقسم عملية الترسيم الجديدة الى ثلاث مراحل: الاولى هي التحقق من مكان البراميل الزرقاء، والثانية التحقق من نقاط الخرق من الناقورة حتى المجيدية قرب الغجر، وفقا للائحة عام 2000، والثالثة مرحلة تصحيح الخرق.

ويلخص حسين محمد بعلبكي (77 عاما) احد مالكي الاراضي في قرية عيترون، مسألة البراميل الزرقاء التي تقضم من ارضه داخل الاراضي اللبنانية مساحة 15 الف متر مربع في درب قدس وجل الست والكيلو 9 بأنها «مؤامرة اسرائيلية جديدة لقضم المزيد من الاراضي، ولكن هذه المرة بايدي اليونيفيل. وهذا مستغرب من قوات حفظ سلام اتت لحمايتنا ووقف الحرب، هذا بالاضافة الى 4 الاف متر مربع اقتطعتها اسرائيل سابقا في خربة المحافر مع تجريفها وسلب التراب الاحمر منها»، محملا الدولة اللبنانية مسؤولية استرجاع حقه.

ويلفت محمد علي السيد (74 عاما من عيترون) الى وجود برميلين ازرقين تفصل بينهما مسافة بطول 300 متر وعرض 100 متر داخل الاراضي اللبنانية، وبعيدا عن خط الحدود الدولية، داخل ارضه (10 الاف متر مربع) المشرفة على موقع عريض الهوى الاسرائيلي.

ويروي نجيب قوصان نائب رئيس بلدية عيترون «قصة البرميلين»، قائلا انه في صباح 26 يناير (كانون الثاني) الماضي اكتشف المواطنان محمد علي ضاهر (75 عاما) وعلي عبد الحسن فقيه (75 عاما) لدى تفقدهما اراضيهما برميلين ازرقين مثبتين في الارض بواسطة الاسمنت وعليهما بالازرق شعار اليونيفيل. وبعدها قام الجنود الاسرائيليون المتمركزون في موقع عريض الهوى باطلاق النار فوق رأسيهما لترويعهما فعادا ادراجهما الى القرية واخبرا البلدية بما جرى. وتبين في ما بعد ان عناصر صينيين من فريق مراقبة الهدنة، وضعا البرميلين، بما يقتطع ما يقارب 60 الف متر مربع من اراضي البلدة البالغة مساحتها 8 ملايين متر مربع.

ويلفت قوصان الى ان البلدية ابلغت الجيش اللبناني واليونيفيل بالأمر، مشيرا الى ان اللجنة المكلفة التحقق من الخرق «كشفت على البراميل من دون ازالتها، وما زلنا في انتظار التقرير الذي سيصدر عنها».

وكشفت فعاليات بلدة رميش الحدودية عن عمليات قضم اسرائيلية جديدة طالت اراضي تقع جنوب البلدة بمساحة تبلغ مليوني متر مربع، تعود ملكيتها الى عائلات العميل والغنام والحاج، وهي مزروعة بأشجار الصنوبر وشتلات التبغ.

من جانبه يشير العميد الركن المتقاعد حطيط رئيس لجنة التحقق من الانسحاب الاسرائيلي في عام 2000 الى ان «اسرائيل حاولت بعد 12 يوليو 2006 احتلال منطقة جنوب الليطاني عبر اجتيازها الخط الازرق ودخولها ست مناطق لبنانية بعمق يتراوح بين كيلومتر ونصف الكيلو متر الى 8 كيلومترات في اقصى عمق، احتفظت بها حتى اسبوعين من صدور القرار الدولي 1701، الذي اوقف العمليات العدائية بين اسرائيل وحزب الله وانسحبت منها باستثناء قرية الغجر في القسم اللبناني، الذي ما زال محتلا. وما فاجأ المراقبين اقدام دورية اسرائيلية بعد مرور ستة اشهر على وقف الاعمال الحربية على اجتياز الحدود لمسافة 150 مترا في منطقة علما الشعب وتفجير عبوة ناسفة، مدعية انها تمارس عملها العسكري ضمن المنطقة العازلة، علما بانه لا مناطق عازلة او ملتبسة بين لبنان وفلسطين المحتلة. وبعد اسبوع ابلغنا ان فريقا من الامم المتحدة اقدم على وضع علامات حدودية في رميش، ونقلها مسافة بين 10 و50 مترا داخل الاراضي اللبنانية، وتكرر المشهد ذاته في عيترون ومارون الراس». ويضيف حطيط انه بعد تجميع المعطيات تبين ان لدى اسرائيل نية لانشاء شريط مواز للحدود الدولية ويبتعد عن الخط الازرق، ومنطقة عازلة داخل المناطق اللبنانية بعمق يتراوح بين 50 و100 متر، والى 500 متر وكيلومتر في مناطق اخرى. علما بان في الجنوب اللبناني حاليا 3 خطوط للحدود بين لبنان وفلسطين: الاول خط الحدود الدولية، بموجب اتفاقية بوليه ـ نيوكامب عام 1923، والثاني: خط الهدنة المعتمد بموجب اتفاقية الهدنة عام 1949 وهو مطابق للحدود الدولية، والخط الازرق المطابق بدوره للحدود الدولية.

وفي حين امتنعت قيادة حزب الله في الجنوب عن التعليق على الموضوع، كان تعليق اليونيفيل وناطقها الرسمي الجديد البريطاني ليان ماكدويل مختصرا، اشار الى ان اليونيفيل «كلفت تحديد الخط الازرق من الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وقامت بوضع العلامات الزرقاء بتنسيق كامل مع السلطات اللبنانية، وهي ليست مكلفة القيام بأكثر من ذلك».