المالكي في افتتاح مؤتمر بغداد: لن يكون العراق ساحة نفوذ لأي دولة كانت

هجوم بالهاون يستهدف قاعة الاجتماعات > الدباغ: اتفق الجميع على عقد مؤتمر لوزراء خارجية الجوار في منتصف أبريل في اسطنبول بحضور مجموعة الثماني

TT

هزت ثلاث قذائف هاون المنطقة القريبة من وزارة الخارجية العراقية في المنطقة الخضراء المحصنة حيث ينعقد المؤتمر الدولي حول الاستقرار والأمن في بغداد، ولم تسفر عن ضحايا بشرية، بعد قليل من حث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في خطاب، الاطراف الرئيسية المشاركة في المؤتمر الى تبني موقف قوي وواضح ضد الارهاب في العراق والكف عن تصفية خلافاتهم في العراق.

وأسفر الهجوم عن تحطم زجاج مبنى الوزارة. وقال جندي عراقي ان «ثلاث قذائف سقطت على مبنى يبعد حوالي خمسين مترا عن مقر وزارة الخارجية». وأضاف «ليست هناك إصابات» ناجمة عن سقوط القذائف. وأعلنت جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم «جيش الراشدين» مسؤوليتها عن القصف، وقالت في بيان على الانترنت إن «لواء الايوبي للصواريخ التابعة لجيش الراشدين، نجح بالرد العسكري على عقد هذا المؤتمر، فقام بقصف مقر عقد المؤتمر (قصر المؤتمرات) في المنطقة الخضراء من جنوب بغداد بصاروخ من نوع غراد/طارق». وأشار البيان إلى أن هذا القصف وقع بالرغم من قيام «الحكومة العراقية بفرض حظر التجوال على مساحة تقدر بعشرين كيلومترا حول مكان عقد المؤتمر».

وقال المالكي «نضع الجميع أمام مسؤولياتهم الاخلاقية في اتخاذ موقف واضح وقوي ضد الارهاب في العراق، ونتوقع تعاونا في مجال تجفيف منابع الارهاب وأصوله». ولم يذكر المالكي أي دولة بالاسم، لكن الولايات المتحدة تتهم ايران وسورية بالتحريض على العنف في العراق وتقديم الاسلحة والدعم الى الميليشيات وهي اتهامات نفاها البلدان. وحضر مندوبون من الدول الثلاث المؤتمر. وبحث المؤتمر خمسة محاور أساسية، بحسب مصادر مقربة من الخارجية العراقية، تشمل دعم بلدان الجوار للعراق في الجوانب الامنية والسياسية والاقتصادية وإعادة الاعمار وخفض الديون المستحقة على العراق منذ فترة النظام السابق بجانب بحث أوضاع اللاجئين العراقيين في الخارج وخطة فرض الأمن ودعم مشروع المصالحة الوطنية.

وعبر المالكي عن رفض العراق ان يتحول الى ساحة صراع لتصفية حسابات اقليمية او دولية، معبرا عن استعداد الحكومة العراقية للعب دور في حل الخلافات بين هذه الدول. وقال «ان العراق لا يقبل ان تتحول اراضيه الى ساحة لتصفية نزاعات اقليمية إقليمية او اقليمية دولية.. كما لا يسمح العراق بأي شكل من الاشكال ان يكون ساحة لنفوذ اي دولة او ان يكون ساحة لتقاسم نفوذ اقليمي او دولي». وأضاف المالكي «ان العراق لا يقبل ان يتدخل في شؤون الآخرين او ان تكون ارضه قاعدة لشن هجوم ضد احد، كما اننا في نفس الوقت ننتظر من الآخرين نفس الموقف». وتطرق المالكي الى المصالحة الوطنية قائلا «لقد شق الشعب طريقه عبر اعتماده دستورا دائما.. ومع ذلك فلا نعتبره نهاية المطاف.. لقد قررنا ان نعيد النظر فيه وفق الآليات الدستورية المثبته فيه». وأضاف ان «حكومة الوحدة الوطنية التي تمثل كل الشعب وفي اليوم الاول لنيلها ثقة مجلس النواب، أعلنت برنامجها المتضمن مشروع المصالحة الوطنية الذي اعتبرناه خيارا استراتيجيا لتوسيع قاعدة التمثيل». وختم مؤكدا «ما زلنا ماضين في برنامج المصالحة الذي خطونا فيه خطوات معلنة وغير معلنة» لم يفصح عن مضامينها.

وقال ان المصالحة الوطنية بين الشيعة والسنة هي السبيل الوحيد لإنقاذ هذا البلد من الانزلاق الى حرب شاملة ومنع الصراع من ان يمتد خارج حدود العراق. ووصف مشروع المصالحة بـ«انه سفينة النجاة التي نعبر بها جميعا الى الشاطئ الآخر شاطئ السلام». وقال ان العراق بموقعه الاستراتيجي يجب ان ينظر اليه على انه عامل أساسي ولاعب مهم في المنطقة وفي الساحة الدولية.

ودعا المالكي الدول المشاركة في مؤتمر بغداد الى «تغليب لغة الحوار في تسوية الخلافات وحلها سلميا. وطالب دول الجوار بأن تقف موقفا موحدا من أبناء العراق بغض النظر عن المنطقة أو الدين أو الطائفة». وقال المالكي «ان اجتماعنا معكم اليوم واجتماعكم مع بعضكم البعض يمثل بالنسبة لنا دعما للعراق ولشعب العراق ولحكومة الوحدة الوطنية في مساعيها في مواجهة التحديات التي تواجه العراق على مستويات مكافحة الارهاب ومستويات خطط التنمية والإعمار ودفع العملية السياسية في العراق الى الأمام».

وأضاف المالكي أن العراق يتطلع الى جيرانه لإقامة علاقات قوية ومستقرة تقوم على المصالح المشتركة في جميع المجالات. وأعرب عن رغبة بلاده في ان تحصل على دعم الدول المجاورة في مواجهة الارهاب، وقال ان العراق يتطلع الى مزيد من التعاون الدولي النشط في الاعمار والتنمية. وحذر المالكي من ان هذا «الخطر لن يقتصر على العراق، انما سيمتد الى جميع دول المنطقة، ومن هنا يكتسب تفعيل مؤتمرات الدول المجاورة للعراق بشأن الارهاب.. أولوية قصوى». وأشار الى ان «مواجهة الارهاب تقتضي وقف أي شكل من اشكال الاسناد المالي والإعلامي والغطاء الديني فضلا عن وقف الدعم اللوجستي وتزويده بالسلاح والرجال الذين يتحولون الى مفخخات تقتل أطفالنا ورجالنا وشيوخنا». وقال رئيس الوزراء العراقي ان «الانتحاريين يستهدفون الجميع وهم يقتلون الاطفال في الأنبار كما في بغداد الجديدة ويفجرون المساجد في الرمادي كما يفجرون زوار الامام الحسين في كربلاء أو مرقد الاماميين العسكريين في سامراء». وقال «نتطلع الى مؤتمركم هذا لكي يشكل انعطافة كبيرة في الوقوف مع حكومة الوحدة الوطنية في مواجهة هذا الخطر». ويعتزم العراق توجيه الدعوة لوزراء خارجة دول اقليمية والدول الاعضاء بمجموعة الثماني لحضور اجتماع في اسطنبول في منتصف ابريل (نيسان) لتعزيز جهود تحقيق الاستقرار في العراق. ويمكن أن يجمع مثل هذا الاجتماع بين وزراء خارجية ايران وسورية والولايات المتحدة. وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية، ان اجتماع مسؤولين من القوى الاقليمية والعالمية في بغداد امس كان ايجابيا حتى الآن. وتابع أن الاجتماع المقبل سيكون في منتصف ابريل على مستوى وزاري. ورحب وزير الخارجية هوشيار زيباري بالوفود المشاركة في الجلسة الافتتاحية وجهود هذه الوفود في دعم الامن وإعادة الاعمار في العراق، وتوقع حصول مباحثات في المستقبل القريب على مستوى أرفع لدعم أمن واستقرار العراق وتخليص كافة التوترات القائمة. وأكد زيباري أن العراق وفي ظل الظروف الصعبة والقاهرة التي يمر بها هو الآخر، قادر على مساعدة جيرانه، مثلما يتوقع مساعدة وتعاون جيرانه معه لتوفير وتحقيق الأمن والاستقرار. وأوضح ان هذا اللقاء العربي والإسلامي والدولي في بغداد هو الاول من نوعه منذ عام 1990، وان الشعب العراقي وكل قوى الخير في العالم تعلق آمالا للخروج بقرارات عملية وآليات تنفيذية للمتابعة. من جهته، قال السفير الاميركي لدى العراق زلماي خليلزاد أمام المؤتمر إن الجيش الاميركي عازم على محاربة «العناصر الاجنبية التي تساهم» في إذكاء العنف في هذه البلاد. وأضاف ان «الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ الخطوات المناسبة لحماية جنودنا والمواطنين العراقيين من العناصر الاجنبية التي تساهم في إذكاء العنف في العراق». وتابع «لا يجب ان يشكك أحد في عزمنا على ذلك». وأوضح أن بلاده «أعربت عن قلقها من ان بعض جيران العراق يساعدون على ارتكاب أعمال عنف في أراضيه عبر السماح بعبور الحدود او تزويد من يقوم بذلك بالأموال او وسائل دعم قاتلة». وقال خليلزاد «أحض جميع الجيران على نبذ فكرة ان اعمال عنف معينة ضد بعض الفئات من العراقيين او قوات التحالف تشكل امرا مقبولا». وشدد على ان «الدعم الذي يقدمه جيران العراق ويمكن تصنيفه بالصادق والنزيه، يكون كذلك فقط في حال تصرفوا بشكل حاسم لوقف تدفق المقاتلين والأسلحة ووسائل الدعم القاتلة للميليشيات ومنع الخطابات الطائفية وتلك التي تحض على العنف». وأشار الى ان «قوات التحالف تستهدف اشخاصا بناء على دورهم في اعمال العنف وليس بسبب جنسياتهم. ليس هناك اي موقوف دبلوماسي لدى التحالف». وقال السفير الاميركي «اعتقد ان جلوسنا معا أمر مهم، وآمل ان يكون يعني اننا جميعا على استعداد لاتخاذ إجراءات ملموسة وبناءة لدعم الحكومة العراقية في سعيها الى الديمقراطية والاستقرار والتسامح والازدهار». وأعرب عن «الأمل في أن يتمكن المشاركون من التحرك متجاوزين الأقوال باتجاه خطوات صادقة وملموسة لخفض العنف». وحث جيران العراق والقوى الأخرى على عمل المزيد للمساعدة في تحول العراق نحو الاستقرار ووقف تدفق المقاتلين والأسلحة والدعاية الطائفية التي تسهم في اعمال العنف. وقال خليلزاد «يمكن لجيران العراق القريبون والأصدقاء الآخرون بالتأكيد عمل المزيد للمساعدة في هذا التحول نحو الاستقرار والرفاهية في العراق».