الخرطوم تتهم واشنطن ولندن بتحريك مؤامرة ثلاثية المحاور ضدها

الاتحاد الأوروبي يخصص 60 مليون يورو لنازحي دارفور في تشاد

TT

اتهمت الحكومة السودانية الولايات المتحدة وبريطانيا بتحريك «مؤامرة ثلاثية المحاور ضد السودان، من شأنها إجهاض تحركات نشطة في المنطقة لتسريع الحل السياسي لقضية إقليم دارفور المضطرب».

وقال الرئيس السوداني عمر البشير، وهو يخاطب ولاة الولايات إن الدعاوى والاتهامات التي تثار حول السودان والتي كان آخرها تقرير محكمة الجنايات الدولية ما هي إلا حلقة من حلقات التآمر ضد السودان لشغله عن المضي قدماً في طريق النجاحات الكبيرة التي يحققها والتي شهد عليها الغرب بنفسه، والتي من بينها أن الاقتصاد السوداني من أكبر الاقتصاديات نموا في العالم.

من جهته، جدد مصطفى عثمان اسماعيل، مستشار الرئيس السوداني، التزام حكومته التام بتنفيذ «حزم الدعم الثلاث» المتفق عليها مع الامم المتحدة والاتحاد الافريقي من قبل لإعادة الاستقرار الى دارفور وفق ما نصت عليه اتفاقية ابوجا لسلام دارفور.

ورداً على اسئلة الصحافيين امس حول المطالبة الاميركية والبريطانية بفرض عقوبات على السودان، قال اسماعيل ان العقوبات لن تفيد وهي بالتالي ستعقد القضية كثيراً. وأضاف ان بريطانيا واميركا بالذات ليس من حقهما تبني مثل هذه العقوبات لأن سجلهما معروف في مثل هذه النزاعات التي تجري سواء كان في العراق او افغانستان، قبل ان يشير الى ان الحوار والتفاهم هما الافضل والأنجع من اجل الاستقرار والأمن سواء على مستوى الدول او العالم.

وحسب عبد المحمود عبد الحليم، مندوب السودان الدائم في الامم المتحدة، فان الولايات المتحدة وبريطانيا تخططان للعمل ضد السودان من خلال مخطط يتخذ ثلاثة محاور وهي: لاهاي حيث المحكمة الجنائية الدولية، ونيويورك حيث مجلس الامن الدولي، وجنيف التي تستضيف هذه الايام اعمال مجلس حقوق الانسان. وقال عبد الحليم، في تصريحات، ان العمل الذي يدور في كل هذه المدن وجوه لعملة واحدة «الهدف منه عرقلة التحركات النشطة بين الخرطوم والدوحة وطرابلس وانجامينا لتحقيق الاستقرار في اقليم دارفور، ولإجهاض الزيارة المرتقبة لمبعوثين أممي وافريقي الى السودان في الاسبوع الاخير من الشهر الجاري حول تسريع الحل السياسي لازمة دارفور.

واعتبر عبد الحليم وصف السفير البريطاني رسالة البشير الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالتراجع عما تم الاتفاق عليه بأنه يمثل موقف بلاده المعلن، مشيرا الى ان بريطانيا ظلت طيلة الفترة الماضية تدق طبول الحرب على السودان. وشكك عبد الحليم في ان تكون بريطانيا ترغب في تحقيق السلام في دارفور. الى ذلك، اعلنت المفوضية الأوروبية امس عن تخصيص 60 مليون يورو إضافية لضحايا النزاع والمهجرين السودانيين في تشاد. وقال بيان اوروبي صادر في بروكسل، ان الجهاز التنفيذي للاتحاد يعمل من أجل دعم حماية المدنيين، وتأمين المساعدات الأساسية لمساعدة المهجرين على الحياة، عبر تأمين المياه الصالحة للشرب والعلاج للأطفال الذين يعانون سوء التغذية، وتأمين اللقاحات المضادة لمرض الكوليرا.

وعبرت المفوضية في بيانها عن استمرار المخاوف الأوروبية من «تدهور» الوضع الأمني في إقليم دارفور، خاصة «ما يطال العاملين في مجال المساعدات الإنسانية الدولية ويعرقل وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها».

الى ذلك، افادت وكالة تابعة للامم المتحدة في تقرير نشر امس في الخرطوم، ان عدد النازحين الذين تم إحصاؤهم في دارفور غرب السودان وصل في يناير ( كانون الثاني) الماضي الى مليوني نازح.

وذكر مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في تقرير حول الوضع في دارفور في الفصل الرابع من عام 2006 انه «في الاول من يناير الماضي وصل عدد النازحين للمرة الاولى الى مليونين».

ولم يحدد مكتب تنسيق الشؤون الانسانية عدد الضحايا لكنه برر نزوح السكان بـ«تكثيف اعمال العنف بعد توقيع اتفاق السلام في مايو (ايار) 2005»، والذي لم توافق عليه سوى ثلاث حركات تمرد انشقت فيما بعد الى عدة مجموعات.

من جهة اخرى، قتل ثمانية عشر شخصا وجرح اكثر من ستين آخرين في معارك عسكرية  ضارية في ولاية جنوب دارفور بين قوات حركة تحرير السودان بزعامة كبير مساعدي الرئيس السوداني مني اركو مناوي وبعض المسلحين القبليين وتبادلت الحركة وقبيلة المعاليا التي وقع الهجوم في مناطقها، الاتهامات.

وعبر الناطق الرسمي باسم حركة تحرير السودان بزعامة مناوي الطيب خميس عن اسفه للحادث محملا المسؤولية للمؤتمر الوطني ومليشيات الجنجويد. ونفى ان تكون قبيلة المعاليا طرفا في الاحداث، وأنها لا تقف وراء مليشيات الجنجويد مطالبا الحكومة السودانية بوقف الانتهاكات والاتحاد الافريقي بالتدخل السريع.

وقال خميس لـ«الشرق الاوسط» في اتصال هاتفي امس من الخرطوم ان ميليشيا الجنجويد شنت هجوما علي مواقع حركته. وأضاف «لقد دافعنا عن مواقعنا». وقال ان هجمات الجنجويد ادت في الاربعة اشهر الماضية الى مقتل 360 شخصا في مناطق كيلكل وانقبو ومتورد وام ضي بجنوب دارفور.

وأدانت جبهة الخلاص الوطني الأحداث التي جرت في منطقة كليكل ووصفتها بالجريمة النكراء بقتل المدنيين من قبيلة المعاليا. وقال احمد حسين القيادي في الجبهة لـ«الشرق الاوسط»، ان الأحداث توضح بجلاء ان اتفاقية ابوجا اصبحت تستخدم لضرب المواطنين وسوقا للانفلات الامني، مناشدا اهل دارفور تفويت الفرصة على من سماهم «المتآمرين الذين يسعون الى اشعال الفتنة والعنصرية والقبلية في الاقليم».