أحمدي نجاد: عزلنا القوى الكبرى المكلفة ملفنا النووي

إسرائيل تطالب بتشديد العقوبات على إيران وتصاعد خلاف «بوشهر»

TT

عاد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد أمس الى تصريحاته الشديدة ضد القوى الكبرى التي تطالب بلاده بالتخلي عن برنامجها النووي، وأعلن ان ايران «عزلت» القوى الكبرى المكلفة الملف النووي الايراني بينما تواصل الدول الست دراسة تعزيز العقوبات المفروضة على طهران.

وقال احمدي نجاد في خطاب ألقاه في مدينة يزد (وسط) وبثه التلفزيون الايراني الرسمي أمس، ان القوى الكبرى «تقول انها تريد عزل الشعب الايراني، لكننا نقول لهم من تكونوا حتى تعزلوا الشعب الايراني. الشعب الايراني هو الذي عزلكم بعون الله».

ولا تزال الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الامن (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين) مع ألمانيا تواصل مشاوراتها في نيويورك للاتفاق على اجراءات جديدة تعزز العقوبات المفروضة على ايران بموجب قرار 1737 منذ ديسمبر (كانون الاول) الماضي. وكان من المتوقع ان تلتقي هذه الدول مجددا في نيويورك مساء امس بعد ان فشلت في التوصل الى اتفاق خلال اجتماعاتها في الايام الماضية.

واعتبر الرئيس الايراني في خطابه ان مجلس الأمن يفتقد الى الشرعية، قائلاً: «اذا كنتم تعتقدون ان بامكانكم اجبار الشعب الايراني على الاستسلام عبر استخدام المؤسسات التي انشأتموها وعبر الكتابة واعتماد النصوص، فأنتم واهمون». وكان العديد من المسؤولين في المعسكرين، المحافظ والاصلاحي على حد سواء، انتقدوا الخطابات النارية التي أدلى بها اخيرا الرئيس الايراني.

ومن جهته حذر وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي من مغبة تشديد العقوبات الدولية على بلاده، مؤكدا انها ستؤدي الى اجراءات «مماثلة» من جانب ايران. وأوضح في مؤتمر صحافي خلال زيارة لسلوفينيا ان القوى الكبرى «ستتلقى الرد الذي يتناسب مع ما ستقرره: ففي حال اختارت الحل الدبلوماسي فاننا على استعداد تام للتجاوب والعكس بالعكس».

وكانت اللهجة قد تصاعدت بين طهران وموسكو، التي يعول الايرانيون عليها كثيراً للتخفيف من ضغوط مجلس الامن، اخيراً بسبب مشاكل حول بناء محطة «بوشهر» النووية الإيرانية.

وصرح سكرتير المجلس الاعلى الايراني للأمن القومي علي لاريجاني، بأن «أي تأخير في تشغيل محطة بوشهر سيضر بالمصالح التجارية لروسيا في المستقبل». وقبل ذلك كرر رئيس الوكالة الروسية للطاقة الذرية (روساتوم) سيرغي كيريينكو القول، ان التاخير في انهاء العمل في هذه المحطة التي تبنيها روسيا يعود الى توقف الايرانيين عن الدفع. وقال: «منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي لم يدفعوا قرشاً».

وحذر مسؤول في شركة «اتومسترو اكسبورت» الروسية مساء اول من أمس ان اخفاق ايران في حل الخلاف المالي حول المفاعل «بوشهر» قد يؤدي الى «انعكاسات جسيمة». وقال فلاديمير بافلوف مدير مشروع بناء مفاعل «بوشهر» في الشركة: «لا يمكننا الانتظار فترة اطول ليتخذ الجانب الايراني قرارات، والتأخيرات في استئناف الدفعات المالية ستكون له انعكاسات جسيمة» قد يتعذر اصلاحها.

ونفى لاريجاني ان تكون روسيا اشترطت رسميا لانهاء العمل في محطة «بوشهر» ان توقف ايران تخصيب اليورانيوم، وهو ما يطالبها فيه القرار 1737. واضاف: «لم يطلبوا ابدا تعليق تخصيب اليورانيوم لانهاء العمل في محطة بوشهر وان كان من الممكن ان يدلوا بتصريحات في هذا الصدد لأسباب تكتيكية».

ولم تربط موسكو بين الأمرين رسمياً، الا ان الاعلان يوم الاثنين الماضي عن تأخر انهاء العمل في محطة «بوشهر» تزامن مع تصريح قاس لـ«مصدر مقرب» من السلطة الروسية نقلته وكالات الانباء الروسية الرسمية اعتبر فيه ان «صبر موسكو بدأ ينفد أمام تعنت ايران» إزاء مطالب مجلس الأمن.

ورداً على سؤال عن معلومات صحافية حول احتمال تعرض المنشآت النووية الايرانية للقصف من قبل الولايات المتحدة او اسرائيل، قال لاريجاني ان «اي هجوم عسكري سيواجه برد عسكري».

وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية أن علي أكبر ولايتي مستشار الشؤون الدولية للزعيم الايراني الاعلى آية الله علي خامنئي قال: «دورة الوقود هي الخط الأحمر لايران في ما يتعلق بالشأن النووي»، مضيفاً: «ايران لن تتراجع أبدا عن هذا الخط».

وبينما واصلت ايران تصريحاتها الرافضة التخلي عن تخصيب اليورانيوم، كثفت اسرائيل جهودها الدبلوماسية للمطالبة بتشديد العقوبات على ايران ومنعها من الحصول على سلاح نووي.

ومن نيويورك، شددت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني على أهمية منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، متهمة ايران بأنها «تواصل السعي من أجل الحصول على الأسلحة النووية».

والتقت وزيرة الخارجية الاسرائيلية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بصحبة وزير الدفاع الإسرائيلي أمير بيرتس.

ومن جهته، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت أمس ان اسرائيل لا تؤيد اللجوء الى الوسائل العسكرية لوقف البرنامج النووي الايراني المثير للجدل. وبحسب بيان رسمي، قال اولمرت لممثلي المعهد اليهودي الاميركي (اميركان جويش سنتر) «لقد سبق وقلت، وما زلت اعتقد، اننا نفضل حلا دبلوماسيا لهذه القضية، ولسنا متحمسين للحل العسكري».

واتهم وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي المتشدد افيغدور ليبرمان أمس القيادات الاوروبية بانها مستعدة «للتضحية» باسرائيل من اجل الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع ايران. وقال: «هناك عناصر في اوروبا على استعداد للتضحية باسرائيل من اجل أمنها وعلاقاتها التجارية» مع ايران. واضاف في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية: «لقد شهدنا الظاهرة ذاتها قبل الحرب العالمية الثانية. وهكذا ضحوا بتشيكوسلوفاكيا. وتجاهلوا المشكلة اليهودية». وتابع: «لا اجد تفسيراً آخر لرفض البعض في اوروبا فرض عقوبات مشددة ضد ايران».

ومن المتوقع أن تقدم الدول الست مسودة مشروع قرار إلى بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن خلال ايام. ومنذ أول مارس (اذار) الجاري تدور مفاوضات حول صيغة قرار جديد بين سفراء الدول الست. وكان رئيس المجلس لهذا الشهر سفير جنوب أفريقيا دوميساني كومالو أعرب عن استياء بقية أعضاء المجلس من تهميش دورهم في المشاورات الجارية بين الدول الست الكبار حول مشروع قرار العقوبات دون منح أي دور لباقي أعضاء المجلس من الأعضاء العشرة غير الدائمين. وطالبت الدول العشر من الخمسة الكبار تقديم مسودة المشروع التي يتفاوضون بشأنها سواء اتفقت على بنودها الدول الست أم لم تتفق. وقالت الصين أمس انه لم يتم حتى الآن تحديد موعد للتصويت على العقوبات المقترحة في مجلس الامن التابع للامم المتحدة وان التوقعات الاولية بالتصويت في مطلع الاسبوع المقبل قد استبعدت. وأبلغ وانغ غوانغيا سفير الصين لدى الامم المتحدة الصحافيين أمس: «على حد علمي هناك عدد من الاعضاء أبدوا قلقهم حيال هذه المسودة».