سولانا: دمشق أمام دعم استقرار المنطقة.. أو تجميد أوروبا التعاون معها

قال لـ«الشرق الاوسط» إن الملف النووي الإيراني «إشكالية منعكسة على الجميع»

TT

دعا المنسق الأعلى للسياسات الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا دمشق الى التحرك للعب دور فاعل في تعزيز أمن المنطقة، ملمحاً إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تقف أمام اتفاقية التعاون المشتركة مع سورية والتي لا تزال مجمدة وتنتظر التوقيع.

ودعا سولانا الذي زار السعودية اول من امس، إلى ضرورة أن يكون تحرك سورية فاعلا ومؤثرا وبناء في حالة رغبتها في تعزيز موقف علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي. وأضاف في الوقت ذاته أن العمل لا يزال جارياً للبحث عن أرضية آمنة لاستخدامات الطاقة النووية مع طهران وزيادة الزخم لبيئة آمنة في المنطقة.

وأقر سولانا في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» في الرياض, ببطء الإجراءات التي أعاقت توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع دول مجلس التعاون ولكنه أكد على أن الاتفاقية لا تزال في حسبان الأوروبيين و«فوق الطاولة». وأضاف انها تحتاج إلى حراك ديناميكي من الطرفين لإنجازها في أقرب وقت.

وفي ما يلي نص الحوار:

* ما هو الدور السياسي المرتقب الذي يمكن أن تقوم به السعودية والذي تطلع به دول الاتحاد الأوروبي؟

ـ السعودية تمارس دورا حيويا جداً، وتؤدي مهام جوهرية في الموضوعات الساخنة بمنطقة الشرق الأوسط، نرى السعودية حملت ضمن جهودها مبادرات تجاه لبنان، واتفاقية مكة جمعت الفلسطينيين على أرضها، كما لا يخفى على المراقبين الأدوار التي قدمتها السعودية من مبادرات مهمة للمنطقة، ساهمت في خلق قيم جديدة. ودعني أذكر لك مدى الجهود التي تقوم بها السعودية، فمثلا ما نراه من محاولة لضبط المشكلات والاضطرابات بين الأحزاب والفصائل الفلسطينية، وكذلك ما قامت به السعودية تجاه لبنان كان أفعالاً ملموسة.

* نعلم أن لكم اهتماما قويا في ما يخص إنهاء الاتفاقية المشتركة بين دول مجلس التعاون وأوروبا، إلا أن تحركاً فعلياً لم يحدث، فما هو السر؟

ـ المبادرة بين الكتلتين لا تزال بطيئة ولكنها ليست مغفلة، بل هي فوق الطاولة ولكن ربما تحتاج إلى بعض الوقت لتنتهي، وبودي أن أشير هنا إلى أن من بين الأسباب التي دعت للتأخر كان انتظار ما سينتج عنه مؤتمر الدوحة للتجارة العالمية، حيث كنا نرى ما هي الرؤى والتطلعات والظروف القائمة التي تخص الشأن الاقتصادي وعلاقتها بالظرف العام، ولكن كما ذكرت هناك بعض التأخر في إنهاء المبادرة إجرائياً ولكنها لست مهملة.

* لماذا لم تضعوا آليات أو جدولة لإتمام المتعلقات بملف الاتفاقية المشتركة بين الخليج وأوروبا؟

ـ هناك آلية لدى سكرتارية دول مجلس التعاون والأمور تسير في مجراها حالياً.

* تقومون بزيارة دمشق، وهي تأتي كخطوة مهمة في تسويق الروابط والعلاقات الأوروبية ـ السورية، الى ماذا تتطلعون تحقيقه من خلال هذه الزيارة؟

ـ أولاً لابد من الإدراك بأن علاقة أوروبا مع سورية لها طابع خاص، حيث أن سورية تعد من الدول المطلة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يعني التطلع والنظر إليها بدور فعال وبناء في خارطة المنطقة، كما أنها دولة عربية وعليها متطلبات وأدوار كثيرة للمساهمة فيها، بالاعتماد على الخلفية التاريخية والعراقة والأصالة. ونحن في الاتحاد الأوروبي نأمل من سورية إعادة التعاون وبدء التفاعل مع المعطيات الحالية باسم العلاقة والروابط الأوروبية المشتركة.

* هل تحاولون فكّ عزلة سورية السياسية؟

ـ لدينا مع سورية اتفاقية قائمة، ولكنها لا تزال معطلة ولم يبدأ العمل بها لأنها لم توقع إلى الآن، ونحن سنبحث عن مجال رحب لإنهائها، ولكن المهم جداً هنا هو دور سورية البناء والفعال في المنطقة، لاسيما إذا ما عرفنا أنه سيكون له بالغ الأثر في خلق الاستقرار المنشود في المنطقة، كما سنبحث عن دور قوي ومؤثر يمكن لسورية عمله، ليدعم عملية الاستقرار في المنطقة المهم بالنسبة إلينا.

* كيف تتوقع تفاعل القوى السياسة في لبنان بأنباء زيارتك الحالية لدمشق؟

ـ يعلم اللبنانيون أن لدى الاتحاد الأوروبي علاقة تعاون وطيدة مع سورية، وقد أخذت انطباعاً منهم بأنهم يتطلعون لأن يكون لعلاقة التعاون بين سورية والاتحاد الأوروبي تأثير في إيجاد تقارب أكثر بين الكتلتين الجارتين.

* كان هناك خوف من صدامات مسلحة بين الجماعات السياسية في لبنان، هل تعتقد أن الخطر زال؟

ـ آمل أن تكون أيام الاشتباكات قد انتهت، حيث أن هذا البلد تعرض لمعارك بين أطيافه المتعددة جعلت من الشعب يعاني، لذا دائما ما كنت آمل ألا تنسى دروس التاريخ وأن يعملوا على الاستفادة منها.

* ذكرت بعض التقارير احتمالية اندلاع اعتداءات من الجانب الإسرائيلي على لبنان خلال الربيع، هل ترى إمكانية وقوع ذلك؟

ـ ليس لدينا معرفة أو توقع بهذا الشأن حالياً، ولكن لابد أن تكون المرحلة المقبلة خاضعة لتطورات جديدة يكسوها الحوار والدبلوماسية، وإيجاد حلول للمشكلات.

* لا يخفاك الأهمية القصوى التي تمثلها اتفاقية مكة بين الفصائل الفلسطينية، ولكن ما هي الخطوات التي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعم بها هذه الاتفاقية لتعزيز حكومة فلسطينية؟

ـ نرحب بتلك المبادرة الرائعة من (خادم الحرمين الشريفين) الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونحن في الاتحاد الأوروبي نتابع ونراقب كيف ستنتهي اليه تلك الاتفاقية الطيبة، حيث لا تزال هناك بعض الامور التي لم تنته بعد، مثل كيف ستتأسس الحكومة الفلسطينية ومن سيقودون زمام الإدارة وسنبارك بفخر ما ستؤول إليه.

* دعنا نتحول إلى ملف آخر، هناك مبادرة سلام عربية لا تزال على الطاولة الإسرائيلية منذ العام 2002، لماذا لم تبادر دول الاتحاد الأوروبي في إقناع الجانب الإسرائيلي لوضعها في الاعتبار؟

ـ لا أخفيك المبادرة رائعة، وتعد مهمة جداً ونحن دافعنا عنها بكل قوة لتفعيلها بل وضعنا ضمن خارطة الطريق كعنصر مهم ورئيسي في خطوات تطبيق الخارطة المستقبلية، ولا نزال نعدها ضمن أهم المبادرات المتاحة للمساهمة في خلق أجواء تفاهم في منطقة الشرق الأوسط.

* هل ترون من العدالة ما تقوم به إسرائيل من فرض شروط مسبقة عند أي محادثات، برغم الواقع المر الذي يعيشه الفلسطينيون؟

ـ ليس السؤال عن هل من عدل، بل الموضوع هو الواقع وما نشاهده من معارك سياسية لا تساعد على الاستقرار، فهناك كم هائل من الملفات العالقة من حدود وغيرها، ولا بد أن تكون كافة الإقرارات بالاشتراك.

* أجري عدد من المقابلات مع الإيرانيين في ما يتعلق بموضوع البرنامج النووي، هل تعتقد أنهم قد يوافقون على تعليق برنامجهم النووي في مقابل تجميد مؤقت للعقوبات الدولية المفروضة عليها؟

ـ من المحتمل لا، فلا تزال هناك محادثات للخروج بنتائج محورية تخص البرنامج الإيراني النووي والتي تضمن خلق أمان في المنطقة من خلال إيران كدولة تساعد على الأمن، ونحن في الحقيقية نبحث عن ضمانات ملموسة وموضوعية بأن الاستخدام للطاقة سيكون مدنياً، والجهود القائمة حالياً هي لمحاولة تطوير الرؤية والدور والتقنية لوضعية استخدام آمن للطاقة. كما نبحث جديا في إيجاد اتفاقية مشتركة بين الدول في المنطقة تضمن سلامة وأمان استخدام الطاقة النووية ومنتجاتها.

* كيف ترون تأثير الملف الإيراني النووي، على باقي القضايا في المنطقة لاسيما على الوضع في سورية ولبنان؟

ـ المشكلة النووية الإيرانية لا تتعلق بالدولتين المذكورتين فقط، بل الإشكالية منعكسة على الجميع، بما فيهم الاتحاد الأوروبي، نحن أمام مشكلة جادة تبحث عن إدارة للأزمة بشكل محترف ومنضبط وذلك لدعم إيجاد الأرضية الآمنة.