شيراك يقدم دعما «باهتا» لساركوزي وينشر كتابين عن إرثه السياسي

مرشح اليمين يعتزم الاستقالة من منصبه كوزير للداخلية الاثنين

TT

أخيراً، كشف الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن موقفه «الشخصي» من الانتخابات الرئاسية القادمة، بإعلانه أمس عن «دعمه» لوزير الداخلية، مرشح حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» وعزمه «إعطاءه» صوته. وفي الوقت عينه، أكد شيراك أن نيكولا ساركوزي سيترك منصبه كوزير للداخلية يوم الاثنين القادم، فيما أفيد بأن وزير ما وراء البحار فرنسوا باروان سيحل مكانه. كذلك سيتخلى وزير الصحة والناطق باسم ساركوزي، كزافيه برتراند، عن منصبه.

واستغل الحزب الاشتراكي ومرشحته سيغولين رويال التطور الأخير ليشن هجوما قويا على ساركوزي، مشددا على كونه «مرشح الأكثرية المنتهية ولايتها» وليس مرشح «الانقطاع» كما يقدم نفسه منذ شهور وبالتالي فإنه «مسؤول» عن الحالة التي وصلت اليها فرنسا. ويبدو دعم شيراك لمرشح اليمين «طبيعياً» بالرغم من العلاقات التي تميزت بالتوتر بين الرجلين ورغبة شيراك القوية بقطع طريق الإليزيه على ساركوزي. غير أن الرئيس الفرنسي الحالي لم «يبالغ» في الدعم واكتفى منه «بالحد الأدنى» لا بل إنه ربط خطوته بقرار «الاتحاد من اجل حركة شعبية» الذي «زكى» ساركوزي مرشحا عنه. وسبق لأقرب المقربين من شيراك وآخرهم رئيس الحكومة دومينيك دو فيلبان الغائب تماما عن الحملة الانتخابية أن أعرب عن دعمه لوزير الداخلية الحالي ما وفر مؤشرات على الموقف الذي سيلتزم به شيراك. والحقيقة أن الرئيس الفرنسي لم تكن له خيارات كثيرة: فإما أن يدعم ساركوزي، وهو ما فعله، أو أن يمتنع عن الإعلان عن موقف شخصي باعتباره «فوق الأحزاب». لكن سبق له أن أكد أنه يود «إنارة» الفرنسيين ومساعدتهم على الاختيار. وفي الأسابيع الأخيرة ومع صعود نجم مرشح الوسط فرنسوا بيرو، طلب ساركوزي من الرئيس شيراك أن يعلن عن دعمه له رغم إعلانه أكثر من مرة أنه ليس «وريثه» السياسي. ويبدو ساركوزي في وضع غير مريح حيث يطلب من جهة دعم الرئيس فيما يصول ويجول ويؤكد أنه مرشح جديد لقيادة سياسة جديدة. وفهم بعض المرشحين الاشتراكيين «حرج» وضع ساركوزي، ولهذا قال المرشح الاشتراكي ووزير الاقتصاد السابق، دومينيك شتروس خان، إن وزير الداخلية «يبدو أكثر من أي وقت مضى مرشح الأكثرية السابقة». ورأت مرشحة الخضر في تخلي ساركوزي عن وزارة الداخلية «خبرا سارا» حيث كان «يمزج» بين منصبه الوزاري وكونه مرشحا للرئاسة، ما كان يسهل له استخدام الوسائل التي يوفرها منصبه لتسخيرها في حملته الرئاسية. لا بل ذهب منافسو وزير الداخلية وخصومه الى اتهامه بالسعي عبر بقائه في منصبه الى «مراقبة» الحملة الانتخابية التي يعود الإشراف عليها الى وزير الداخلية.

وفي سياق مواز، وبعد أن لعب الرئيس شيراك تقريبا كل أوراقه، يبدو حريصا على تحاشي التهميش السياسي والإعلامي، وهو ما يفسر نشر كتابين ضخمين غدا من ألف صفحة بمناسبة معرض الكتاب في باريس يضمان عددا كبيرا من خطبه في السياستين الداخلية والخارجية التي ألقاها منذ وصوله الى القصر الرئاسي. وضمن شيراك كل كتاب مقدمة مطولة يقوم فيها عمله السياسي والدبلوماسي ويؤكد على المبادئ التي التزم بها في رسم وقيادة سياسة فرنسا الخارجية. ويحمل الكتاب الأول عنوان «معركتي من اجل فرنسا» والآخر «معركتي من أجل السلام». وقامت صحيفة «لوموند» في عددها أمس بنشر مقتطفات مطولة من المقدمتين.

ويبدو شيراك عازماً على البقاء على المسرح الفرنسي والدولي بتشديده على أهمية التحديات الدولية بالنسبة لمستقبل فرنسا، فيما تبدو السياسة الخارجية غائبة عن الجدل الرئاسي. وكتب شيراك: «عشية الخيارات التي ستلزم مستقبلنا، يتعين علينا أن نكون واعين لأهمية التحديات الدولية» مضيفا أن تناسيها يعكس «انعداما للمسؤولية».

ويدافع الرئيس الفرنسي عن السياسة التي انتهجها في الشرق الأوسط ولبنان والعراق وفلسطين. وبشأن الموضوع الأخير، يكرر شيراك موقفا عبر عنه في العديد من المناسبات باعتباره أحد العوامل الرئيسية المسؤولة عن «الهوة بين الإسلام والغرب». ويعود شيراك مطولا الى المبادئ التي التزم بها ومنها التعددية ورفض الأحادية الأميركية ودور الأمم المتحدة في إدارة الأزمات الدولية.