مجمع سكني من القصب والنايلون يتوسع وسط بغداد

يؤوي عوائل شردها غلاء الإيجارات والمعيشة

TT

بغداد ـ اف ب: وسط ساحة واسعة في بغداد كانت تابعة لاحد النوادي العسكرية في عهد النظام السابق، شيدت عائلات معدمة منازل من القصب والورق المقوى المغطى بعضه بالنايلون لتحميهم من المطر.

ويزداد عدد العائلات المشردة، التي تنضم الى هذا المجمع السكني قرب المسرح الوطني في بغداد، اذ بات يؤوي اكثر من ستين عائلة، بعد ان كان لا يتجاوز عددها الاربعين قبل عامين. ويقول رغيد حمزة علي، 45 عاما، ان «عدد العائلات التي تقصد هذه الساحة للسكن يزداد، مع ان المكان يفتقر الى ابسط مقومات العيش». ويضيف «تم ارغامي قبل اكثر من ثلاث سنوات على مغادرة مكان سكني مع اولادي السبعة وزوجتي، نظرا لعدم قدرتي على تسديد تكاليف ايجاره (...) فوصلت الى هذا المكان». ويؤكد حمزة ان «غالبية السكان ليسوا قادرين على دفع الايجارات الباهظة في بغداد او في الضواحي (...) والكل يبحث عن فرص للعمل وسط العاصمة».

ولا يقل ايجار الشقة المكونة من ثلاث غرف نوم في وسط بغداد عن 400 دولار شهريا، بينما تتراوح الاسعار بين حي واخر لتبلغ 800 دولار في بعض الاحيان. ويتابع علي بحسرة «لا توجد فرص عمل لنؤمن مستلزمات الاطفال ونعتاش مما اقوم ببيعه على الرصيف».

بدوره، يقول عادل فاضل سلطاني، 56 عاما، ان «بيع الوقود والمشتقات النفطية على الرصيف سبيلي الوحيد لاعيل عائلتي». واضاف فاضل الذي امضى مدة طويلة من العمر في الجيش السابق «توقعت عودتي الى عملي السابق لتعيش اسرتي بشكل لائق، لكن رغبتي اصطدمت بحواجز مالية. طلب مني احدهم مبلغا معينا لكي احصل على فرصة اعادتي الى الجيش مجددا». وتابع «لا اعرف الان كيف اوفر الطعام لاطفالي. انهم يواجهون مستقبلا غامضا بلا مأوى وبدون مستلزمات عيش متواضعة».

وبدت علامات الضعف والهزال على فاطمة وزينة وعلي، الذين تتراوح اعمارهم بين سنة وثلاث سنوات. ويقضي اطفال المجمع وقتهم باللعب، بسبب عدم وجود مدارس قريبة يلتحقون بها وعدم امتلاك العائلات امكانيات لارسالهم الى مدارس اخرى.

ويؤكد ابو حسن، 48 عاما، ان «الحالة تزداد سوءا (...) ليس هناك عمل والاسعار ترتفع كل فترة، ولا من رقيب او حسيب». ويضيف الرجل ردا على سؤال «احاول العثور على عمل، لكن الامر ليس بهذه السهولة».

من جهته، يقول ابو عمار، 74 عاما، «نواجه مشاكل عدة، ابرزها التعليم وغياب الرعاية الصحية. منذ اكثر من سنتين لم نر اي بعثة من الهلال الاحمر او جهة ما تقدم لنا مساعدات».

ويضيف ابو عمار الذي فقد احد ابنائه في تفجير في يناير (كانون الثاني) الماضي، «كنا نأمل في ان تقدم لنا جهات معينة الاغطية والاغذية، وتوقعت ان تقدم لي الحكومة تعويضا ماليا، بعد ان فقدت احد ابنائي، لكن يبدو اننا في واد والجهات المعنية في واد آخر». اما قيصر طالب، 30 عاما، فيقول ان «الاوضاع المعيشية الصعبة دفعت الاطفال الى الوقوف عند اشارات المرور يستعطفون الاخرين المساعدة واعطاء المال». ويضيف ان «النساء ايضا وجدن في التسول والحصول على طعام من بعض المنازل فرصة للعيش». ويؤكد طالب «اعتاش في فصل الصيف من بيع الثلج وفي الشتاء من بيع الوجبات، التي يجد فيها العمال ضالتهم».

وكانت الامم المتحدة قد اشارت في دراسة اعدتها بالتعاون مع وزارة التخطيط والانماء، الى ان ثلث الشعب العراقي البالغ تعداده 27 مليونا يعيش في حالة فقر. وقالت الدراسة «استنادا للدخل الاقتصادي المتوسط في السبعينات والثمانينات، يعيش ثلث الشعب اليوم في فقر، بينما يعيش 5% منهم في فقر مدقع».