محكمة فرنسية تمنع ملاحقة مجلة ساخرة نشرت صورا كاريكاتورية للنبي محمد

TT

مثلما كان متوقعا، ووفق ما طلبه الإدعاء إبان جلسات المحكمة قبل شهر ونصف الشهر، امتنعت الغرفة السابعة عشرة في محكمة باريس عن إصدار أي حكم بحق فيليب فال، مدير تحرير مجلة «شارلي هبدو» الأسبوعية الساخرة، الذي كان ملاحقا بتهمة الإساءة الى الإسلام والمسلمين، بسبب نشر ثلاثة رسوم كاريكاتورية في مجلته في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي.

وفي قاعة ازدحمت بالوسائل الإعلامية الفرنسية والعربية، بررت المحكمة قرار صرف الملاحقة عن فيليب فال، وتركه حرا، بأن نشر الصور الكاريكاتورية الثلاث لا يشكل إساءة للجالية المسلمة، مثلما هو وارد في نص الدعوى المقامة على شارلي هبدو من قبل مسجد باريس الكبير، ومن قبل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا.

ولم تكن الجهة المدعية ولا الجهة المدعى عليها تنتظر حكما مختلفا عن الذي صدر بعد الإجماع، الذي تحقق في جلسات المحاكمة حول ضرورة الحفاظ على حرية التعبير والرسم والتهكم في فرنسا، التي رآى فيها جميع المتداخلين حقا أساسيا يتعين احترامه في فرنسا، من دون أن يعني الإساءة الى الأديان أو الأعراق. وفي بادرة استثنائية، ارسل وزير الداخلية كتابا قرئ في المحكمة يدعم فيه المجلة الساخرة، وهو ما فعله شخصيا السكرتير الأول في الحزب الاشتراكي فرنسوا هولند ومرشح الوسط فرنسوا بيرو والعديد من المثقفين الفرنسيين. وعقب إصدار الحكم، اعتبر محامي مسجد باريس انه متوازن، فيما أعلن الحاج تهامي بريز، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا عزمه على استئناف الحكم، وهو ما صرف مسجد باريس النظر عنه. ويعكس هذا التمايز في المواقف بين الجهتين المدعيتين اختلافا في المقاربة، خصوصا رغبة مسجد باريس في إغلاق الملف بأسرع وقت، لأن الغرض المقصود من الدعوى أوصل الى نتيجة معكوسة، إذ تبين أن المسلمين يقفون في جانب والمجتمع الفرنسي في جانب آخر. وجاءت ردود الفعل على الحكم إيجابية في مجملها. واعتبرت منظمة «مراسلون بلا حدود» أنه انتصار لحرية الصحافة، وأنه يتلاءم مع قيم الجمهورية الفرنسية، خصوصا أن الحكم يرى أن نشر الصور الكاريكاتورية الثلاث «لم يتخط حدود ممارسة هذه الروحية».

وكان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، قد هدد بتقديم استقالة جماعية عقب الموقف الذي عبر عنه وزير الداخلية نيكولا سركوزي، الذي هو في الوقت ذاته المشرف على شؤون الأديان والعبادة.

وتبين حيثيات الحكم أن المحكمة ميزت بين الرسوم الثلاثة وهي عبارة عن رسمين نشرتهما قبل ذلك الصحيفة الدنماركية «يلاندس بوستن» ورسم كاريكوتوري لرسام الصحيفة الساخرة كابو. ورأت المحكمة ان الكاريكاتور الذي يظهر النبي محمد معتمرا عمامة بشكل قنبلة فيه إساءة للإسلام ويقع تحت طائلة القانون، إذا ما أخذ لوحده، ولكن وضعه في إطار أعم يفقده طابع الإساءة المقصودة. وبأي حال، ثمة مخاوف من ان ينمي هذا الحكم شعورا بالغبن لدى جانب من المسلمين في فرنسا، في مرحلة انتخابية بالغة الحساسية، ناهيك من تنمية الشعور بالعزلة والانطواء.