رئيس حكومة إقليم كردستان: صبرنا ينفد حيال مسألة كركوك

التركمان يتوسعون في فتح مدارس في المدينة تدرس موادها بلغتهم

TT

حذر رئيس وزراء اقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أمس من «نفاد صبر الاكراد» حيال مسألة كركوك مطالبا بتطبيق الاستفتاء حول مستقبلها. من ناحية ثانية، يتوسع التركمان في فتح مدارس في المدينة تدرس موادها بلغتهم.

وقال بارزاني خلال تدشين محطة لتكرير المياه ان «شعبنا ملتزم تجاه العراق لكن صبرنا بدأ ينفد. وكمسؤولين نواجه صعوبات في ان نشرح لشعبنا لماذا لا تتم تلبية طلباتنا». ونسبت اليه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «ان ما اخذ بالقوة يسترد سلما بواسطة الديمقراطية».

يشار الى ان الاكراد يطالبون بالحاق كركوك المدينة الغنية بالنفط باقليم كردستان في حين يعارض التركمان والعرب ذلك. وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على «تطبيع الاوضاع واجراء احصاء سكاني واستفتاء في كركوك واراض اخرى متنازع عليها لتحديد ما يريده سكانها وذلك قبل 31 ديسمبر (كانون الاول) 2007».

يذكر ان عدد سكان كركوك يبلغ حوالي مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدواشورية. وتوترت الاجواء اخيرا بين تركيا واقليم كردستان بسبب معارضة انقرة عملية الضم. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قد اكد في يناير (كانون الثاني) الماضي ان «اية محاولة لتنظيم استفتاء تكون (نتائجه) امرا واقعا في كركوك يمكن ان يؤدي الى تطورات بالغة الخطورة في العراق والدول المجاورة». وشدد على رفضه اي تغيير للتركيبة الديموغرافية لهذه المدينة المتعددة القوميات.

من جهة أخرى، يزدهر بناء المدارس التي تعلم موادها باللغة التركية في كركوك حيث يحاول التركمان اثبات «وجودهم وحقهم التاريخي» عبر تعليم الابناء اللغة الام وتعزيز الروابط مع حوالي 300 مليون نسمة يتحدثونها. وقد باشر التركمان افتتاح هذه المدارس عقب الاطاحة بنظام صدام حسين عام 2003 واطلقوا عليها اسماء قادة عثمانيين مثل محمد الفاتح ورموزهم مثل زعيم عبد الله وسامي شريف وعلي قصاب فضلا عن احياء مدن تركمانية مثل المصلي وكوبري والقورية واحمد آغا وبولاق وبريادي.

وكتبت اسماء المدارس بأحرف لاتينية ورفعت فوقها الاعلام التركمانية الزرقاء التي يتوسطها هلال الى جانب العلم العراقي، فيما يرتدي الطلاب خصوصا في المرحلة الابتدائية الزي التركماني الشعبي. وتتباين التقديرات حيال اعداد التركمان في العراق بين حوالي اربعة ملايين كما يؤكدون نحو 750 الفا وفقا لمصادر حكومية لكن جهات مستقلة تقدر اعدادهم باقل من مليونين في كركوك (255 كلم شمال شرق بغداد) ومندلي وكفري وكلار وطوز خورماتو وتلعفر (شمال).

ويقول المدير العام للتربية في كركوك شان عمر مبارك، وهو تركماني لان دائرة التربية جزء من حصة التركمان في المحافظة، «بدأت تجربة استحداث المدارس التركمانية عقب سقوط النظام السابق وبات من حق التركمان وللمرة الاولى، اسوة بغيرهم تدريس لغتهم الام مثل العرب والاكراد»، ويضيف «تشهد المدارس التركمانية اقبالا واسعا بحيث لدينا حاليا 11 روضة اطفال تضم حوالي 1200 طفل و79 ابتدائية فيها اكثر من 18 الف تلميذ و23 متوسطة تضم اكثر من خمسة الاف طالب و30 مدرسة ثانوية تضم نحو ثمانية الاف طالب». ويوضح ان «التركمان كانوا محرومين طيلة العقود الماضية من لغتهم الام وكانوا يكتبون بالاحرف العربية (...) وفي العام الاول للمدارس كانت كوادرنا ضعيفة لكننا سارعنا الى تنظيم اكثر من عشر دورات للتدريب وتعليم اللغة لتركمان هجروا وهاجروا ابان الحكم السابق الى تركيا».

ويؤكد مبارك ان «هذه المدارس لا تعتمد اللغة العربية في الكتابة وانما اللغة المستخدمة في الدول الناطقة بالتركية والعامل المساعد هو محطات التلفزيون والفضائية التركمانية العراقية وعدد من المحطات الاذاعية»، مشيرا الى انها اقيمت في مناطق ذات «غالبية تركمانية». ويقول مبارك «امل ان تعمل لجنة صياغة الدستور على اعتبار اللغة التركمانية اساسية وحيوية وان تعتبر التركمان مكونا ثالثا في العراق شأن العرب والاكراد فهذا يزيل عنهم الغبن والظلم والاقصاء والتهميش».

من جهتها، تقول فاطمة بيرقدار احدى المشرفات على المدارس التركمانية «نعتز بتدريس لغتنا الام فلا وجود لقومية من دون الحفاظ عليها كما اننا مهددون بالاندثار والزوال في ظل الاقصاء فاحتفاظنا باللغة سبيل للنجاة في ظل الظروف الراهنة». وتضيف «يجب على كل اسرة تركمانية وخصوصا في كركوك المقدسة بالنسبة لنا ان تعلم الابناء لغتهم الام كونها فرضا لا يقل اهمية عن الصلاة والعبادة لان فتح المدارس دليل للعالم على وجودنا في عموم مناطق تركمان ايلي التي تمتد كشريط فاصل من قضاء تلعفر حتى مندلي عبورا بجبال حمرين».

وبدوره، يعتبر النائب في البرلمان رئيس الجبهة التركمانية وعضو لجنة تعديل الدستور سعد الدين اركيج ان التركمان «يسعون عبر مشاركتهم الفاعلة الى بناء عراق موحد وضمان حقوقهم المفقودة». ويقول «ندعم ونتابع ونؤمن المصادر لكي نضمن توسيع رقعة المدارس التركمانية في كركوك وهي مدينة عراقية بخصوصية تركمانية. ومن اهم مقدساتنا هي تعلم لغتنا (...) لذلك نقاتل في سبيل لغتنا وتعزيز كوادرها لانه لا تركمان من دون لغتهم القومية ولا تاريخ او حضاره بلا لغة واثار».