مصدر فرنسي: الأجندة السورية في لبنان مختلفة عن الإيرانية

قال لـ«الشرق الاوسط» إن دمشق تسعى «تمرير» القمة العربية بهدوء

TT

فيما تغوص الاتصالات اللبنانية بين طرفي الأكثرية والمعارضة في رمال متحركة وتصطدم بعقدتي المحكمة الدولية وحكومة الوحدة الوطنية، حذرت مصادر فرنسية رفيعة المستوى اللبنانيين من أن عليهم الاختيار ما بين توافق وطني على قبول المحكمة ـ التي يمكن أن تنشأ عندها تحت مسمى محكمة ذات طابع دولي ـ أو أن تفرض عليهم محكمة دولية خالصة. ودعت هذه المصادر الى استمرار الضغط على سورية والامتناع عن إرسال «إشارات خاطئة» اليها معتبرة أنها «مسؤولة الى حد كبير» عن استمرار تأزيم الوضع في لبنان واستمرار دورانه في حلقة مفرغة.

وجاءت هذه المواقف في إطار لقاء ضيق مع عدد محدود من الصحافيين كرس لجولة على القضايا الساخنة و خصوصا في الشرق الأوسط.

وتبدو باريس التي تعيش على وقع الانتخابات الرئاسية ونهاية ولاية جاك شيراك الثانية معبأة باستمرار لمحاولة العثور على مخرج للمأزق اللبناني الراهن يستوحي الثوابت التي التزمتها وهي منع عودة لبنان الى الوضع السابق لخروج القوات السورية منه وتوفير ضمانات لحماية استقلاله وسيادته والعمل المستمر لدى الأطراف المؤثرة على سورية لحملها على تغيير نهجها السياسي في لبنان و ترك اللبنانيين يتوصلون الى تفاهم في ما بينهم.

وإذا كانت باريس تقول إنه «يعود للبنانيين أن يجدوا التسوية» التي يقبلون بها، إلا أنها في الوقت عينه تلتزم موقفا متشددا من مسألة قبول مطلب المعارضة بالحصول على الثلث المعطل. وقالت هذا المصادر إن الأقلية «تريد أن تتصرف وكأنها الأكثرية» وأن هذا النوع من الممارسة «لا يتلاءم مع الأسس الديمقراطية» وبالتالي فإنها «ترفض» السير في مطلب المعارضة بالحصول على الثلث المعطل. وبموازاة ذلك، تتمسك باريس بمطلب المحكمة وتقول إن هناك سببين رئيسيين على الأقل للتشديد على نشوئها وهما إظهار الحقيقة بخصوص اغتيال الحريري من جهة و«الاحتماء» بها لوقف مسلسل الاغتيالات في لبنان من جهة أخرى لأن عدم قيامها «يعني توفير مناعة» للقتلة ومن يخطط لهم وتشجيعهم على الاستمرار.

وحذرت المصادر الفرنسية من «مناورة» سورية غرضها «تمرير القمة العربية بأقل قدر من الخسائر لتحاشي الضغوط والعودة بعدها الى سياستها التقليدية في اللعب على حبل التناقضات اللبنانية». كذلك اتهمت دمشق بـ«اللعب على الوقت وتقطيعه» وانتظار انتهاء ولاية الرئيس شيراك في أواسط مايو (أيار) المقبل وبعدها ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش، آملة أن تخف الضغوط الدولية عليها بعد ذلك.

وتعتبر باريس وفق ما شرحته مصادرها أن ثمة إمكانية لفك التحالف القائم بين سورية وإيران الذي وصفته بأنه «مغاير للطبيعة» وباعتبار أن الأجندة السورية مختلفة عن الأجندة الإيرانية. وفي هذا السياق، تقول هذه المصادر إن السبيل الى ذلك هو «الإعتراف بدور إيران الإقليمي» و بمصالحها الحيوية والتشديد على إيجاد تسوية سلمية مع طهران حول برنامجها النووي الذي يعود في جانب منه الى «مخاوف أمنية إيرانية». ولذا فإن توفير «ضمانات أمنية» لإيران تقدمها الدول الستة الكبرى (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية من شأنه «إقناع إيران» بالسير في قطار التسوية.