رايس عرضت رؤية أميركية للسلام في الشرق الأوسط على الرباعي العربي بأسوان

لمحت إلى احتمال تقديم واشنطن مقترحات للقضايا الخلافية ودعت لتأكيد المبادرة العربية

TT

لمحت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية التي اجتمعت امس في اسوان بجنوب مصر مع وزارء خارجية الرباعي العربي (السعودية ومصر والأردن والإمارات) الى ان الولايات المتحدة قد تطرح مشروعها الخاص للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين في ما يتعلق بالقضايا الخلافية، مثل الحدود وقيام دولة فلسطينية. وقالت رايس التي بدأت من اسوان جولة شرق اوسطية جديدة لها، تسبق القمة العربية في الرياض بايام انها في جولتها الحالية ولقاءاتها مع الفلسطينيين والاسرائيليين ستقوم بإعداد مسودة أسئلة والقضايا المثارة من كل طرف. ولم تعد جدولا زمنيا ولكنها قالت انها لا تستبعد ان تطرح واشنطن مقرتحات من جانبها لحل القضايا التي عطلت المفاوضات السابقة مثل الحدود ومستقبل القدس وحق الفلسطينيين في العودة. وكانت رايس تتحدث لصحافيين قبل وصولها اسوان امس.

في الوقت ذاته أعربت رايس انها تأمل في ان تجد الدول العربية سبيلا لتتابع بنشاط مبادرتهم للسلام التي اطلقوها عام 2002 والتي من المتوقع ان تعيد القمة العربية التأكيد عليها هذا الاسبوع .

ورغم ان رايس نفت ان تكون طلبت تعديل نص المبادرة العربية حسب ما قاله دبلوماسيون عرب في وقت سابق، الا انها قالت إن أي عملية سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين لا بد وان يصاحبها مصالحة عربية اسرائيلية اوسع، قائلة انها تأمل باعادة طرح خطة سلام عربية بطريقة تشير الى انه قد تكون هناك متابعة نشطة بناء عليها وليس مجرد وضعها في منتصف الطاولة وتركها على هذا الحال. وقد أكدت مصادر مصرية مطلعة أن رايس بحثت مع الرباعي العربي بمدينة أسوان المصرية مساء أمس، ورقة عمل اميركية حول السلام بالشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتهدئة الأوضاع والانفلات الأمني بالعراق. ولم يكشف المصدر عن مزيد من التفاصيل. وقال عرضت رايس الرؤية الاميركية لوزراء الخارجية العرب الاربعة، وانتهى الاجتماع في وقت متأخر من مساء أمس، وتضمن موضوعات منها كيفية إحلال سلام دائم وعادل بالسودان.

وقالت المصادر إن الاجتماع استمر لنحو ساعة وجمع وزراء خارجية الرباعي العربي (مصر والسعودية والإمارات والأردن) مع رايس. ويفترض ان تكون رايس التقت بعد اجتماعها مع الرباعي العربي بقادة مخابرات الدول العربية الأربع، وتلتقي مع الرئيس المصري حسني مبارك صباح اليوم، لتتوجه بعد ذلك إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.

وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية الدكتور علاء الحديدي مساء أمس أن الوزراء العرب الاربعة التقوا قبيل عقد اللقاء التشاوري مع «رايس» لتنسيق المواقف وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، ثم انضمت الوزيرة الاميركية للاجتماع. وأكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن الهدف من الاجتماع العربي ـ الاميركي هو التعرف على النيات الأميركية التفصيلية والموضوعية في ما يتعلق بتعامل واشنطن مع طرفي النزاع.

ويعقد مؤتمر صحافي صباح اليوم حول نتائج اللقاء التشاورى العربي ـ الاميركي. وستتوجه رايس الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية حيث تأمل في اقناع الاسرائيليين والفلسطينيين بالموافقة على طرح مجموعة مشتركة من القضايا للنقاش بعد أن سرت شكوك حول التزام الولايات المتحدة بالسعي لتحقيق السلام. وفي اسرائيل أكدت عناصر سياسية في القدس الغربية، أمس، ان مساعدي رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، يبذلون جهودا محمومة لثني رايس، عن لقاء وزير الخارجية الفلسطيني الجديد، زياد عمرو، في رام الله.

وكانت رايس قد أبلغت اسرائيل ان اللقاء الذي ستجريه مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، سيضم وزير المالية في حكومة الوحدة الفلسطينية، سلام فياض، ومع ان فياض مقبول لدى الغرب إلا ان اسرائيل لم تنظر لذلك بعين الرضا. وأعربت عن احتجاجها طالبة مقاطعة الحكومة الفلسطينية تماما، طالما انها لا تلتزم بشروط الرباعية الدولية (الاعتراف الصريح باسرائيل وقبول الاتفاقات الموقعة بين اسرائيل وبين منظمة التحرير الفلسطينية ونبذ العنف). وعندما رأت اسرائيل ان معركتها لفرض المقاطعة تماما هي معركة خاسرة، راحت تشدد على المقاطعة المالية. بيد ان الوزيرة رايس أرسلت القنصل الأميركي في القدس الى رام الله لمقابلة فياض، مشيرة الى انها ستقابله بنفسها بمعية أبو مازن.

وذكرت مصادر اسرائيلية ان معلومات وصلت اليها تفيد بان وزير الخارجية، زياد عمرو، سيحضر اللقاء، فخرجت في حملة محمومة لاقناع رايس بالامتناع عن ذلك مؤكدة ان لقاء مع وزيرين سيبث للعالم ان الولايات المتحدة تسير وراء أوروبا في كسر الحصار عن الحكومة الفلسطينية، مما يعتبر انتصارا لسياسة «حماس». والتقى مساعدو رايس، وفي مقدمتهم ديفيد وولش، مع مساعدي اولمرت، مرتين أمس وأول من أمس، وتباحثوا في الموضوع. فحاول طمأنتهم بأن الادارة الأميركية لن تحرر الأموال المقررة كدعم أميركي للسلطة الفلسطينية بقيمة 84 مليون دولار، انما ستكتفي بتحويل مبلغ بسيط للسلطة وحتى هذا سيتم فقط بعد أن يصدر الجنرال كيث دايتون تقريرا يوضح فيه الضمانات لمنع وصول هذه الأموال الى «حماس».

وقال وولش في القدس ان رايس مصرة على تحريك المسار السياسي بين اسرائيل والفلسطينيين في عهد الرئيس جورج بوش وبروح رؤيته الاستراتيجية نحو اقامة دولتين للشعبين. وان ما تفعله اليوم هو فتح آفاق سياسية أمام الفلسطينيين. وأكد ان هذا السعي ينسجم مع المصالح الاسرائيلية ايضا، بمقدار ما ينسجم مع المصالح الفلسطينية.

يذكر ان رايس ستصل اليوم من اسوان المصرية الى القدس، حيث ستلتقي أولمرت ومساعديه، ثم تنتقل الى رام الله للقاء ابو مازن ومساعديه. وينوي أولمرت القول أمام رايس بأن أبو مازن «أثبت مرة أخرى أنه ليس بالقائد القوي وليس صاحب كلمة، حيث وعد باطلاق سراح الجندي الاسرائيلي، جلعاد شليط، ولكنه لم يف بوعده». وانه «سلم رقبته لسيطرة «حماس»، بعد أن انخدع بها» وانه «قائد مخيب للآمال» وهكذا.. وسيقدم أولمرت تقريرا عن خرق الفلسطينيين اتفاقية الهدنة، إن كان ذلك باستمرار اطلاق الصواريخ على البلدات الجنوبية لاسرائيل أو الاعداد لعمليات تفجيرية داخل اسرائيل وغيرها.

كما سيعرب أولمرت أمام رايس عن قلقه وتخوفه من تصاعد النشر في الولايات المتحدة ضد سياسة اسرائيل مقاطعة حكومة «حماس»، وآخرها تصريحات أهرون ميلر، مساعد رايس، التي قال فيها ان أي تطور سلمي في الشرق الأوسط لن يتم إلا إذا أدخلت «حماس» تحت الخيمة. وأما ابو مازن فسيطلع رايس على التطورات الخاصة بحكومة الوحدة الفلسطينية وبرنامجها السياسي وسيحاول اقناع رايس بان «حماس» تغيرت كثيرا بتوقيعها على اتفاقية الوحدة وقبولها كتاب التعيين الرئاسي الذي يتحدث بصراحة ووضوح عن دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل. وسيعرض أمامها مجموعة من الانجازات التي حققها في مجال الأمن. الجدير ذكره أن أحد اهم المواضيع التي ستبحث في لقاءي رايس مع أولمرت وأبو مازن هو موضوع تبادل الأسرى. وحسب مصدر فلسطيني فإن ابو مازن سيمضي نهاية الأسبوع المقبل في قطاع غزة من أجل انهاء هذا الملف. وأكد ان الصفقة جاهزة تقريبا، لكن اسرائيل تتردد في التوقيع عليها بسبب من ضعفها وترددها. وقال هذا المصدر في حديث مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، ان خاطفي شليط لن يطلقوا سراحه إلا في اطار صفقة كبيرة يتم من خلالها التراجع الاسرائيلي عن شروطه وكسر المعايير التي فرضتها في السنوات الأخيرة وتقضي بالامتناع عن اطلاق سراح من تعتبر ايديهم ملطخة بالدم.