«الشرق الأوسط» في إيران (12): رئيسة تحرير «زنان» لـ«الشرق الأوسط» : الصحافة في إيران تشبه المشي على حبل مشدود

شهلا شركت باعت خط هاتفها الجوال وسيارتها ومنزلها

TT

* كسر المحرمات.. بتروٍ

* مع أن شهلا شركت رئيسة تحرير «زنان»، أهم مجلة نسائية إيرانية، سيدة نحيفة وتبدو هادئة جدا، إلا أن الوصف الذي ينطبق عليها أكثر من غيره هو «النمر المتربص»، فهي تتحرك بروية في «زنان«، التي تملك حق نشرها وترأس تحريرها، ولا تحاول كسر الخطوط الحمراء والمحرمات التقليدية في بلد شرقي إسلامي كإيران من دون مناسبة، إلا أنه عندما تأتي المناسبة تتحرك شركت و«زنان» كنمور متربصة. وهي هكذا فعلا. قالت شركت لـ«الشرق الأوسط» إن لديها في مكتبها ملفات صحافية جاهزة بالقضايا الحساسة التي تريد أن تطرحها للنقاش في «زنان«، والتي لا تستطيع أن تطرحها إلا إذا كانت هناك مناسبة، أو تطور يبرر فتح هذه أو تلك من القضايا الحساسة، والتي إذا فتحت من دون مناسبة يمكن أن تؤدي لإغلاق «زنان».

وذكرت شركت بعض موضوعات أغلفة «زنان«، أي «المرأة»، التي أثارت ردود أفعال بسبب جرأتها ومعالجتها لقضايا حساسة، ومنها غلاف عليه صورة شابتين حملتا لافتة كتب عليها «استاد طهران يسع 100 ألف (رجل)»، وذلك بعد قرار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التراجع عن السماح للنساء بدخول الملعب بعد ضغط رجال دين محافظين من طهران والحوزة العلمية في قم. وغلاف آخر حول عمليات تغيير الجنس في إيران، وغلاف ثالث عليه صورة مرأة تحمل فنجان قهوة كتب عليه: ممنوع على النساء العمل في «الكوفي شاي«. وغلاف رابع عليه صورة إمرأة تحت حذاء رجل، وهو حول ظاهرة عمل بعض الفتيات بائعات هوى بسبب الأوضاع الإقتصادية أو الإجتماعية. قالت شركت، التي كانت ترتدي ملابس سوداء، بلا اكسسورات أو مكياج وعيونها دامعة، إذ علمت في صباح ذلك اليوم بوفاة احدى صديقاتها بسرطان الثدي، إنها في «زنان» تقرأ كل كلمة بنفسها، حتى الإعلانات، موضحة أنها تمارس نوعا من الرقابة الذاتية قائلة «تغيير بعض الكلمات أو الفقرات أمر سئ.. لكن إغلاق المجلة أسوأ بكثير«. وذكرت انها اضطرت لبيع منزلها وسيارتها وخط هاتفها الجوال للانفاق على «زنان«. وأضافت «سأفعل أي شئ لمواصلة إصدارها«. كما قالت شركت، بينما مساعدوها من الصحافيين والصحافيات يدخلون للاستفسار منها عن أشياء، إنها تتعمد تشغيل صحافيات، لا صحافيين، وإن منافسيها في السوق مجلات صفراء تعالج قضايا النساء بشكل سطحي مثير، على حد تعبيرها، ومجلات أخرى محافظة، إحداها تصدر عن الحوزة العلمية بقم، وملاحق متخصصة للنساء تصدر عن الصحف اليومية الإصلاحية. وهنا نص الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع شركت في مكتبها بـ«زنان» وسط طهران:

* من أشهر أغلفة زنان قصة الكلب القبيح الذي طرد من البرلمان السابع > لدينا حرية قبل النشر.. لكن ليس لدينا حرية بعد النشر > هل هناك «تابوهات» او محرمات لم تتطرقي لها في «زنان»؟ ـ في إيران، مثل الكثير من بلدان العالم الثالث، هناك الكثير من التابوهات والمحرمات. أعتقد أن فن الصحافة في العالم الثالث هو أن تعرف كيف ومتى وأين يمكن أن تخرج جني المحرمات من القمقم. عادة نحاول أن نقول ما نريد في المكان والزمان المناسبين، فالصحافة في إيران تشبه المشي على حبل مشدود، إذا فقدت توازنك قليلا يمكن أن تسقط. على سبيل المثال، ظاهرة مثل بائعات الهوي، عندما نطرحها للنقاش العام من دون مناسبة، يمكن اتهامنا في «زنان» بتشويش الأذهان وإثارة الرأى العام. لكن عندما نلاحظ في «زنان» ازدياد الظاهرة، نعد ملفا صحافيا حول الموضوع بكل أبعاده، وعندما يكون الظرف والمناخ متاحين ننشره، وهذا ما حدث عندما تم اعتقال شخص في مدينة مشهد اعترف بقتل العديد من بائعات الهوي في المدينة. مثال آخر، من القضايا التي تسبب شكوى كبيرة للنساء الإيرانيات هي حضانة الأطفال. الطفل، ولد أو بنت، يجب أن يعيش مع والده في حالة الطلاق، حتى إذا لم يكن الوالد مؤهلا للحضانة. إذا أردنا أن نناقش هذه القضية في «زنان» من دون مناسبة وبدون وعي كاف، فإن فهم الحكومة لخطوتنا هذه سيكون أننا في «زنان» نتحدث ضد قواعد وقوانين الإسلام. لكن عندما يقع حدث، على سبيل المثال تعطى الحضانة لوالد غير مؤهل للحضانة، فيقصر في واجباته أو يتضرر الطفل أو الطفلة من الوضع، ننشر تقريرا موسعا نكون قد أعددناه من قبل حول هذه القضية، وننشر تحليلا قانونيا، بحيث تصبح لدينا قضية يمكن أن ندافع عنها في المستقبل، وهي أن طفلا أو طفلة تضرر من حضانة الأب، وأنه لابد من الحديث بصوت عال، والقول إن هذه القوانين التي لدينا بها مشكلة. > موضوعات الغلاف في «زنان» تشي بأنك عالجت الكثير من القضايا الحساسة بالفعل؟ ـ لدينا موضوعات غلاف عالجت فعلا الكثير من المسائل الحساسة. فهناك غلاف عليه صورة بنت تحمل فنجان قهوة في «كوفي شاي»، نشرناه عندما قالت السلطات إنه ممنوع على النساء العمل في المقاهي. لكن لاحقا بسبب الإعتراضات سمحوا للنساء مجددا بالعمل في المقاهي. أحد أغلفتنا كذلك حول رجل من مشهد قتل الكثير من بائعات الهوى، كان يحضرهن إلى منزله ويقوم بخنقهن بحجاب رأسهن. وهذه واحدة من القضايا التي أطبق عليها فكرة انه لابد أن يكون المناخ والأرضية جاهزين لمناقشة الموضوع، وعنوان موضوع الغلاف كان: نساء مذنبات .. رجل برئ، وفكرة الموضوع أنه يجب معرفة الجذور والأسباب التي دفعت هؤلاء الشابات للقيام بذلك، وعدم ترك شخص يقتص بنفسه منهم. والحمد الله هذا الشخص تم اعدامه. وهناك غلاف آخر لصحافية شابة تعمل في صحيفة «اعتماد ملي» التي يرأس تحريرها السيد مهدي كروبي. وقصة هذه الصحافية هو أنها كانت تغطي أخبار البرلمان الإيراني لـ«إعتماد ملي»، لكن تم طردها من البرلمان الحالي ، ومنعت من دخوله نهائيا لأنها نشرت المرتب الشهري والمكافآت والهدايا لأحد نواب البرلمان، وعنوان الغلاف «كلب قبيح.. طرد من البرلمان السابع»، وهو مستوحى من حكاية إيرانية شعبية حول ظلم كلب قبيح. وغلاف آخر حول ممثلة إيرانية تم توزيع شريط فيديو لها مع صديقها على الإنترنت، ومحتوى موضوعنا هو أن كل الذين شاهدوا الفيلم أو وزعوه مذنبون بالإغتصاب. كذلك من أغلفتنا غلاف حول منع النساء من دخول ملاعب كرة القدم مع الرجال وهو بعنوان «الحرية.. أين سنصرخ»، وعليه صورة شابتين تحملان لافتة مكتوب عليها «استاد طهران يتسع لـ 100 ألف (شخص)»، وهذه العبارة مشطوب عليها، فيما كتبت عبارة أخرى هي «استاد طهران يتسع لـ 100 ألف (رجل)». وطبعا غلاف عليه صورة شيرين عبادي عندما عادت إلى إيران، بعد حصولها على جائزة نوبل. (هذا الحدث لم تغطه الصحف والمجلات المحافظة في إيران). > قضايا المرأة الايرانية كثيرة، هناك الوضع الاقتصادي وحق العمل، وهناك القضايا الإجتماعية مثل الفقر والجريمة. وهناك تغيير الثقافة السائدة، فما هي أولويات «زنان»؟ وهل قامت وزارة الإرشاد من قبل بمنع نشر أحد المقالات أو الموضوعات في زنان؟ ـ عادة نحن نعالج كل القضايا الخاصة بالنساء، خاصة القضايا الراهنة في المجتمع الإيراني. بعض قضايا المرأة الإيرانية متعلقة بالجوانب الثقافية للمجتمع وبعضها الآخر متعلق بالجوانب القانونية، نحن نغطي الأحداث والتطورات التي تحدث والتي لها علاقة بقضايا المرأة. وعادة لا نعرض المقالات أو الموضوعات التي سننشرها في «زنان» على وزارة الإرشاد أو أي جهة أخرى ليقولوا لنا ما هي المواد التي يمكن نشرها والمواد التي لا يمكن نشرها. في الحقيقة نحن لدينا حرية النشر، لكن ليس لدينا حرية بعد النشر. فبعد نشر المقالات والموضوعات، صاحب المقالات أو الموضوعات غير المرضي عنها لا يتوجه إلى وزارة الإرشاد، بل إلى محكمة الصحافة لنظر قضية ضده، ويتم سؤال الناشر أو المسؤول لماذا نشرت هذا المقال؟ وقد واجهنا الكثير من القضايا في المحكمة. > اذاً وزارة الإرشاد لا تقوم بمراقبة الموضوعات في «زنان» قبل نشرها؟

ـ لا، هذا لا يحدث. > هذا مثير، لأن وزارة الإرشاد تقوم بقراءة الكتب من دور النشر المختلفة قبل طبعها ونشرها، إلا أنها لا تفعل الشيء نفسه مع المجلات. ما هي مصادر تمويلكم في «زنان»؟ وهل تأخذون أي تبرعات مالية من أي جهة؟ ـ لا نأخذ أي دعم مالي من أي مكان. نمول أنفسنا عبر البيع والإعلانات والإشتراكات. > ماذا عن توزيعكم الشهري؟

ـ توزيعنا في المتوسط 40 ألف نسخة للعدد، لكن ليس من السهل تماما تحديد توزيعنا. فطبقا للظروف الإجتماعية والسياسية، وعنوان موضوع الغلاف ومدى جاذبيته، أرقام التوزيع يمكن أن ترتفع أو تهبط. > ما هو رأيك في قانون المطبوعات، هل سبب لك مشاكل في «زنان»؟ ـ قانون المطبوعات في إيران فيه الكثير من المشاكل في رأيي، الأول والأهم أنه إذا أراد شخص أن ينشر صحيفة أو مجلة يجب أن يحصل على تصريح من السلطات قبل منحه الترخيص. هناك كذلك مشكلة اللجوء إلى مادة جنائية في الدستور، تستخدم للمجرمين والسارقين، لا علاقة لها بالصحافة والنشر وإستخدامها لمعاقبة المسؤول عن نشر الصحيفة. المشكلة الأخرى هي أن الكثير من الصحف والمجلات تغلق في إيران لمجرد نشر مقال أو كاريكاتور تراه السلطات مخالفا، أي لا يتم مثلا معاقبة الشخص المسؤول عن إصدار الصحيفة، بل يعاقب الجميع، هناك فئات عديدة تكسب أرزاقها من العمل في الصحافة، ولديها عائلات، هؤلاء أيضا يعاقبون لأنهم يفقدون عملهم بمجرد إغلاق الصحف التي يعملون بها. > هل ظاهرة إغلاق الصحف المحسوبة على الإصلاحيين تقلقك، وتجبرك على عمل نوع من الرقابة الذاتية على عملك؟ ـ نعم، هذا ما يحدث. في كل الحالات نحن مجبرون على مراقبة أنفسنا، وبالتالي نقرر عدم نشر بعض المقالات، أو نغير محتوى البعض الآخر من أجل أن لا نتعرض لإغلاق صحفنا أو مجلاتنا، وهذا هو اسوأ شئ. فتغيير بعض الكلمات أو الفقرات أمر سئ، لكن إغلاق المجلة أمر أسوأ بكثير، وهو ما نعمل على تفاديه. أنا لا أقرأ المقالات والموضوعات الصحافية، بل أيضا اقرأ الإعلانات في «زنان»، للتأكد من أنها لا تتجاوز أي خطوط حمراء للقوانين والقواعد المعمول بها. > لـ«زنان» سمعة بأنها أقوى مجلة نسائية في إيران، وأنت أقوى رئيسة تحرير في إيران. ما هي العقبات التي تواجهك؟ ـ من أكثر الصعوبات، صعوبة تتعلق بمحتوى المجلة. في الحقيقة وجهات النظر التقليدية حول النساء ومشاكلهن تبرز من طريقة معينة في فهم الدين. على سبيل المثال البعض يرى أنه لا يجب طرح كل قضايا النساء في الصحف والمجلات. عندما نطرح كل قضايا النساء، يشتكون. فإذا كانت القضية التي نطرحها تتعلق مثلا بالقوانين المتعلقة بالنساء، يقولون لماذا قلتم شيئا ضد أحكام الشريعة؟ أو لماذا تحدثتم عن العلاقات الجنسية. في الحقيقة هناك ضغوط علينا في هذه القضايا، ولا نستطيع الكلام بحرية حول هذه القضايا. فيما يتعلق بالصعوبات المالية، نحن في «زنان» تحت ضغط هائل. لا أحد يدعمنا ماليا. وزارة الإرشاد تقبل مرة أو مرتين في العام فقط إعطاءنا الورق الذي نحتاجه لنشر المجلة، مع أنهم يأخذون ثمن الورق منا، وهو أرخص قليلا من السوق الحر.

لا توفر الكثير من التسهيلات للصحافيين الإيرانيين، وهي تسهيلات تتوافر للصحافيين في بلدان أخرى، ومنها تقليص نفقات الإتصالات التليفونية، والكهرباء، وإيجار المكتب. كذلك لدينا مشكلة أخرى وهي أن الممثلين والممثلات ومخرجي السينما مثلا يستطيعون بسهولة السفر إلى بلدان أجنبية، يستطيعون الحصول على جوائز من الخارج، لكن الصحافيين يخضعون لقيود كبيرة في هذا المجال، لكي لا يتلقوا جوائز من أي مكان خارج البلاد. هذا يجعل وضعنا أسوأ. يوما بعد يوم الأجور تتزايد، أسعار الورق تزايدت بمعدل الضعف أو أكثر. إيجار المكتب يتزايد، وكل هذا يضعنا في موقف مالي صعب جدا. أنا نفسي اضطررت لبيع خط هاتفي الجوال وسيارتي لتغطية النفقات. كما اضطررت لبيع منزلي. > كيف وضعك المالي الآن؟ ـ أحيانا نكون في وضع جيد، وأحيانا لا. لكني لا أستطيع تحمل إغلاق «زنان»، طالما أن السلطات لن تغلقها، أنا لن أغلقها. إذا أغلقتها سأشعر أنني دفنت إبني حيا. > رأيت عددا من الرجال في المجلة، هل توظفين صحافيين رجالا كثيرين في «زنان»؟ ـ لدينا 3 صحافيين رجال فقط في المجلة، الأغلبية نساء، لعدة أسسباب. أولا من الطبيعي أن النساء يفهمن مشاكل النساء أفضل، ويستطعن عمل موضوعات وتحليلات أفضل من الرجال. السبب الثاني إنني شخصيا أفضل هذا، ففرص توظيف النساء في إيران أقل من فرض توظيف الرجال، وأفضل أن أعطي النساء في «زنان» فرص عمل أكثر بسبب هذا. > ما هو عدد المجلات النسائية في إيران، وما هو الفرق بين «زنان» وغيرها من المجلات التي تتوجه للنساء؟ ـ المجلات النسائية في إيران عددها لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، أقل من 10 مجلات. ولدينا أنواع مختلفة من المجلات النسائية، النوع الأول، هو المجلات الموجهة للنساء اللواتي يستطعن فقط القراءة والكتابة ومحدودات التعليم، وهي مجلات تهتم بالشؤون اليومية مثل الطهي والخياطة، أو تعالج بعض المشاكل النفسية للنساء. النوع الثاني هو المجلات التي تتحدث عن مشاكل الأسرة (العنف والإغتصاب والفقر)، غير أنها تعالج هذه القضايا بشكل سطحي وفضائحي، ونحن نسميها الصحافة الصفراء، وعادة ينشرون صورة طفل أو طفلة جميلة تبلغ عامين أو 3 أعوام ويضعون المكياج على وجهها، أو صور أغلفة أخرى بها عناصر الجذب الروتينية، والناس العاديون ينجذبون إلى هذه المجلات ويشترونها. نحن نحاول في «زنان» أن نهتم بالمشاكل والقضايا بطريقة مختلفة، وعناوين أغلفتنا وموضوعاتنا تستلزم شخصا حاصلا على الأقل على الدبلوما. أغلب قرائنا حاصلين على تعليم عال، ومنخرطين في سوق العمل، أو ذوى أعمال خاصة. و25% من قراء «زنان» من الرجال. أستطيع أن أقول إن «زنان» ربما هي أكثر المجلات النسائية جدية. > من هم منافسوكم في السوق؟ ـ بعض المجلات النسائية تنتمي إلى الجناح المحافظ، وهي لها قضاياها وقراؤها ومواقفها، لكني لا أستطيع أن أقول إنهم منافسونا، لكنهم يعملون بجدية، وإحداها هي مجلة «بيه مازان» وتعني «رسالة النساء» وهي تنتمي إلى منظمة الدعاية بالحوزة العلمية في قم. كانت هناك مجلة أخرى جادة وهي «حقوق زنان»، أي «حقوق المرأة»، وهي لم تعد تصدر. بعض الصحف الإصلاحية لديها صفحات وملاحق حول المرأة داخل الصحيفة، وهم كذلك ينشرون مقالات جادة جدا حول قضايا المرأة. هؤلاء هم أهم منافسينا. > أنت من المؤيدات لحملة «المليون توقيع»، كيف بدأت، وهل زنان «نسوية علمانية» أم «نسوية إسلامية»؟ ـ بدأت حملة «المليون توقيع» عندما تجمعت ناشطات في ميدان «هفت تير» بوسط طهران للمطالبة بتغيير القوانين التي تميز ضد النساء. وجاءت الشرطة واعتقلت بعضهن وكان الأمر عنيفا. بعد هذا قررنا أن نبدأ تلك الحملة لتغيير القوانين. بخصوص انتماء «زنان»، نحن في المجتمع الإيراني معتادون على تفتيش النوايا، نحن نحاول في «زنان» أن نحارب هذا. لا أؤمن بتقسيم النساء. على سبيل المثال القول إن هذا اصلاحي وهذا علماني وهذا ديني أو محافظ لا يفيد. لدينا مشاكل متداخلة وصعبة، والأحسن لنا ألا يتم تقسيمنا. كلنا يحاول أن يركز على الأهداف المتعلقة بتعزيز حقوق النساء. في المستقبل عندما نحل هذه المشاكل سيكون لدينا وقت كاف لتقسيم أنفسنا إلى جماعات متعددة. وأعتقد أن السبب في أننا أقوياء جدا، ولدينا حركة أسرع وأكثر تأثيرا هو أن لدينا الكثير من الاختلافات في وجهات النظر بيينا، لكن بدون تقسيمات. > هل تتعارض ظروف المنزل ووضعك مع عملك؟ ـ أنا مطلقة. > هل من الصعب أن تكوني مطلقة في إيران؟ ـ كان الأمر صعبا من قبل، لكن الآن الكثير من النساء مطلقات أو يردن الطلاق، فبات الأمر طبيعيا. > هل هي أسباب إقتصادية أم اجتماعية وراء تزايد معدلات الطلاق في إيران؟ ـ هناك الكثير من الأسباب. رسالتي للماجستير التي ناقشتها منذ أسابيع كانت حول موضوع الطلاق. في إيران قانون الطلاق له جانب واحد، وهو الزوج، الذي يمكن أن يطلق زوجته متى أراد. فيما النساء يستطعن الحصول على الطلاق في حالة واحدة وهي إذا ذكر هذا في عقد الزواج، أي شرط منصوص عليه في العقد. الموضوع معقد وواسع، لكن باختصار أقول لدينا مشاكل، منها العلاقات بين الأولاد والبنات قبل الزواج، فليس من السهل فى إيران التعارف والتلاقي بين الطرفين قبل الزواج ليعرفوا بعضهم البعض بشكل أفضل.

حكومتنا وعائلاتنا لا تقبل هذا الأمر، وبالتالي يتزوج الناس وهم لا يعرفون بعضهم البعض. المشكلة الأخرى أن النساء في إيران تعتبرن مواطنات من الدرجة الثانية. بعد الزواج يريد الرجل أن يمتلك المرأة، والكثير من النساء اللواتي لديهن القدرة على العمل والإمكانيات التعليمية، يشعرن أن مناخ الأسرة بشكلها التقليدي يضيق عليهن كثيرا. تقسيم العمل في البيت يتم على أساس تقليدي، أي كل أو غالبية العمل المنزلي، تقوم به النساء حتى اذا كن يعملن خارج المنزل. هناك مشاكل أخرى منها إعتبار النساء مخلوقات لإنجاب الأطفال والعناية بالزوج والبيت فقط. الجيل الجديد من الشابات الإيرانيات لا تستطعن تحمل هذه الأفكار أو الممارسات، وتطلبن الطلاق. بعض النساء لا تطلبن الطلاق لأسباب اقتصادية، أي لانهن لا يستطعن إعالة أنفسهن. > ما هو تقييمك لحكومة أحمدي نجاد؟ وهل أنت متفائلة أم متشائمة بشأن مستقبل الإصلاحات في إيران؟ ـ هذه الحكومة تتجه لإغلاق مجال الحريات الإجتماعية والشخصية للنساء. فحريات النساء الآن يتم التضييق عليها. بخصوص المستقبل، أنا دائما متفائلة بشأن المستقبل. إذا لم أكن متفائلة بشأن الحكومة، فأنا متفائلة بشأن الناس في إيران، بالذات النساء. لانني أعتقد أن النساء تتحركن تحت الجلد أو تحت الأرض، خطوة بخطوة بشكل منتظم، ولهذا فإنهن غير ظاهرات جدا للعيان، لكن هذه الحركة فعالة. دائما أقول: حركة النساء قادمة لكن بدون جلبة. حركة النساء ليست ثورية، إنها تتحرك بدون جلبة أو ضوضاء. ولهذا أنا متفائلة، فلا قوة تستطيع وقف هذه الحركة. ربما في بعض المناطق يمكن أن يحدث تباطؤ، لكن لا أحد يستطيع لا وقفها، ولا إرجاعها للخلف.