قادة الاتحاد الأوروبي يحتفلون بمرور 50 عاما على تأسيسه

«إعلان برلين» خطوة على طريق مواجهة التحديات المستقبلية

TT

بدأ قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي امس في الوصول إلى برلين في مستهل يومين من الاحتفالات بحلول اليوبيل الذهبي لإطلاق المسيرة التي أفضت إلى إنشاء الاتحاد الذي يضم حاليا 27 دولة.

وأكد رئيس المفوضية الاوروبية مانويل باروسو على أهمية ان تستغل اوروبا الاحتفال بمرور 50 عاما على تأسيس الاتحاد الاوروبي للتطلع الى المستقبل وتقدم للمواطن الاوروبي رؤية واضحة للسنوات الخمسين المقبلة. وسيترافق التوقيع الرسمي على «إعلان برلين» بشأن قيم الاتحاد الأوروبي اليوم مع برنامج ثقافي مكثف يتضمن حفلات للموسيقي الكلاسيكية وحفلا لموسيقى البوب. وتأمل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن يضع هذا الإعلان الاتحاد الأوروبي على طريق مواجهة التحديات المستقبلية. ويحدد الإعلان النتائج التي تم إنجازها وأهداف الاتحاد ولكن المنتقدين يقولون إن كلماته غامضة ويتجنب التعرض للقضايا الخلافية ، مثل توسيع الاتحاد والدستور الأوروبي. وجاء في كلمة جرى توزيعها في بروكسل على الصحافيين من جانب المفوضية الاوروبية قبل ساعات من انطلاق الاحتفالات امس وذلك بالتزامن مع إلقاء الكلمة من جانب رئيس المفوضية الاوروبية مانويل باروسو بمقر مجلس الشيوخ الايطالي في روما التي شهدت التوقيع على معاهدة تأسيس السوق الاوروبية المشتركة عام 1957 وكانت تلك النواة لقيام الاتحاد الاوروبي الحالي. وقال باروسو في كلمته «يجب ان نقول للمواطن الاوروبي ان الاتحاد هو افضل جواب على تحديات القرن الحادي والعشرين ومنها العولمة والتنافس المستمر وتوفير امدادات الطاقة وظاهرة التغير المناخي، وايجاد التضامن السياسي وتحقيق الامن.

وأشار الى ان النظر الى المستقبل لا يعني ان نغفل الماضي أو نتجاهله لأن الثقافة التي تنسى ماضيها لا مستقبل لها ولذلك لا يمكن ان نفصل نجاحات العقود الخمسة الاخيرة عن تحديات المستقبل لأن التشابك بينهما كبير. وقال باروسو «نحن في موقع قوي يجعلنا نواجه العولمة وتحقيق النمو الاقتصادي والتضامن السياسي والاقتصادي ولقد حققنا السلام والازدهار والديمقراطية وستبقى انجازات الماضي المشترك اذا ما استمر النجاح في المستقبل، وخاصة اننا نجحنا في خلق نظام سياسي اوروبي جديد وافضل، وحان الوقت لكي تستغل اوروبا وزنها على المسرح العالمي وتعمل من اجل تشجيع الحرية وحكم القانون ومحاربة الفقر وخاصة في افريقيا وقيادة المعركة ضد التغير المناخي. وكان البرلمان الاوروبي قد شهد جلسات لمناقشة «اعلان برلين» المزمع التوقيع عليه من جانب قادة اوروبا في مقر الرئاسة الالمانية الحالية للاتحاد الاوروبي اليوم في اطار الاحتفالات بمرور 50 عاما على انشاء الاتحاد الاوروبي. وتعرض الاعلان لانتقادات من جانب اعضاء في المؤسسة التشريعية الاوروبية خلال جلساتهم التي جرت في ستراسبورغ، ووصف رئيس مجموعة اليسار الأوروبي الموحد في البرلمان الأوروبي فرنسيس ويرتز الاعلان بانه خطوة خاطئة.

وركز البرلماني الاوروبي خلال كلمته حول إعلان برلين، الذي قدمته الرئاسة الألمانية للاتحاد، وعلى الطريقة والمنهج المتبع لإعداد هذا الإعلان، وقال «بدل أن تعتمد الرئاسة الألمانية على مشاورات عامة تشمل المواطنين، عمدت إلى إجراء اتصالات مختصرة، وهذا بحد ذاته يترك آثاراً سلبية على محتوى الإعلان». وأشار ويرتز الى «إن الإعلان جاء بصيغة عامة تذكر بمنجزات الاتحاد وقيمه المشتركة وتغفل تماماً الحقيقة التي يعيشها المواطنون الأوروبيون على الأرض»، وقال «لن يكون لأي خطاب أوروبي اليوم تأثير حقيقي على الواقع إذا لم يتضمن جرعة كافية من النقد الذاتي وذكرا لأزمات الثقة بين المواطنين والمؤسسات الأوروبية التي يعيشها الاتحاد منذ عدة سنوات». ولمح النائب الأوروبي الى أن رأيه هذا ليس رأياً فردياً، ولا رأي مجموعته البرلمانية فقط، وقال «إنه رأي العديد من المسؤولين الأوروبيين الذين تحدثنا معهم في الآونة الأخيرة». وأضاف ويرتز «حان الوقت لتفتح الأفواه ولقول ما يجب أن يقال فعلاً حول ما يجب أن يتغير في الاتحاد»، داعياً لفتح طريق لإعادة إطلاق المشروع الأوروبي، في الذكرى الخمسين لقيام الاتحاد الأوروبي.

ومن جانبه دافع وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتانماير عن محتوى الإعلان بقوله، «إنه يتضمن رؤية مستقبلية لأوروبا». وقال شتانماير في مداخلة له امام البرلمان حول هذا الصدد إن القمة الأوروبية غير الرسمية، التي ستستضيفها برلين، ومن المفترض أن تشهد التوقيع على هذا الإعلان، «ستكون مناسبة لإعادة ثقة المواطن الأوروبي بمؤسسات الاتحاد». وأضاف شتاينماير أن جوهر إعلان برلين، سيهتم بواجبات الاتحاد الأوروبي في المستقبل، وبقضايا الطاقة وحماية البيئة، ومحاربة التغيرات المناخية، والسياسات الدفاعية، ومكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن.

ومن جهته، رأى رئيس البرلمان الأوروبي هانز غيرت بوترينغ، (ألماني) ضرورة إعطاء أهمية قصوى للتوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء في الاتحاد، بشأن نص الدستور الأوربي الموحد. ودعا بوترينغ، خلال حديثه إلى ضرورة العمل من أجل تحويل جوهر الدستور الأوروبي الموحد، إلى واقع سياسي وقانوني.

يذكر أن البرلمان الأوروبي، عكف على مناقشة النقاط الرئيسية في إعلان برلين، الذي ستتم المصادقة عليه بمناسبة الاحتفال بمرور 50 عاما، على توقيع معاهدة روما المؤسسة للاتحاد الأوروبي، وسيكون إعلانا مشتركا للرئاسة الألمانية والبرلمان والمجلس والمفوضية، ويتضمن رؤية مستقبلية لأوروبا. ويشارك حوالي 5 آلاف من رجال الشرطة الالمان بحماية احتفالات زعماء الاتحاد الاوروبي في الحي الحكومي من العاصمة الالمانية برلين الذي يعتبر الوصول اليه وعلى مدى يومين شاقا للغاية لمشاركة اكثر من 100 الف شخص من جميع دول الاتحاد الاروبي في هذه الاحتفالات.