بوبكر مسعود: إذا استعبدت المرأة الموريتانية يصبح كل نسلها عبيدا

دبلوماسي يصف العبودية بلب عدم التوازن في البلاد

TT

نواكشوط ـ رويترز: لا يضعون اغلالا ولا يحملون اختام أسيادهم... لكن العبودية ما زالت قائمة في موريتانيا. ويقاوم نظام العبودية، الذي يرجع لقرون مضت، تنامي المد الديمقراطي في هذه الدولة المسلمة، وهي مستعمرة فرنسية سابقة تغطي الصحراء معظم أراضيها.

ويقوم العبيد برعي الجمال أو الماعز تحت اشعة الشمس الحامية في المناطق الصحراوية، او يقدمون الشاي الساخن لضيوف أسيادهم في فيلات انيقة في نواكشوط وتتوارثهم الاجيال كمنقولات مملوكة للاسرة.

ويقول ناشطون رافضون للعبودية ان اعدادهم ربما بالآلاف. وهذا المشهد غير المألوف والصادم في القرن الحادي والعشرين مقبول إلى حد كبير في مجتمع يتسم بتعدد الأجناس وتسلسل هرمي للسلطة تهيمن عليه صفوة من الموريين.

يقول بوبكر مسعود، الذي ولد عبدا، وهو حاليا من ابرز مناهضي العبودية في البلاد: «مثلما تمتلك ماشية أو ماعزا، اذا استعبدت المرأة يصبح كل نسلها عبيدا».

ويقول ان مرسوم تجريم العبودية، الذي صدر في عام 1981 ولد ميتا، وان العبودية باقية في موريتانيا بجميع مظاهرها، مثل السخرة والعقوبات والممارسات الجنسية القهرية وانتهاكات أخرى.

ويرفض الحكام العسكريون في موريتانيا، الذين يتركون الحكم لسلطة مدنية من خلال انتخابات ديمقراطية، مناقشة العبودية ويفضلون الحديث عن «مخلفات العبودية».

وينفي بعض افراد الصفوة من اصحاب البشرة الفاتحة، الذين يتولون مقاليد الحكم عادة، وجود العبودية من الاصل. وتثير التساؤلات في هذا الصدد غضبا وصمتا وارتيابا.

ويقول المطالبون بإنهاء العبودية، إن العلاقة بين السيد والعبد وآثارها مترسخة في عقول جميع الموريتانيين.

وصرح مسعود ولد بو الخير، وهو اسود البشرة يتحدر من اسرة من العبيد: «هناك عبودية في بلدنا وفي مجتمعنا ككل. نحتاج لقوانين للقضاء عليها. محاولة الناس اخفاء ما هو قائم يعقد الأمور». وشارك بو الخير في انتخابات الرئاسة، التي جرت هذا الشهر واحتل المركز الرابع بين 19 مرشحا، وقال «لا ينبغي ان تكون هناك اغلال للاعتراف بوجودها».

وفي احياء فقيرة مترامية الأطراف في نواكشوط تقطنها اغلبية من السود، تتكرر شهادات مؤلمة عن العبودية المستمرة. ويقول عبد الرحمن ولد محمد عبد، 52 عاما، (بائع متجول)، وهو يجلس امام كوخه المتهالك: «نعم هذا حقيقي. الامر اسوأ في المناطق الداخلية. تراه في أسلوب معاملة البعض لآخرين وأحيانا يقتل (السادة) الأطفال». وأضاف، «ترجع لزمن بعيد ولكن ينبغي ان يوضع حد لها». وتقول الجماعات المناهضة للعبودية، مثل جماعة انقذوا العبيد، التي يرأسها مسعود، ان الخوف والسرية اللذين يغلفان القضية يجعلان من الصعب القاء الضوء على القضية، ناهيك من عرضها على القضاء.

ولكن من آن لاخر يظهر ضحايا، مثل ماتالا، الذي هرب قبل عامين من أفراد قبيلة محاربين من البرير، تعرف باسم رجويبات، كانت تحتجزه وأسرته في صحارى معزولة بشمال شرق موريتانيا.

ويقول «ولدت عبدا وكان جميع أفراد أسرتي وأجدادي عبيدا لهذه المجموعة. عمتي وأشقائي ما زالوا عبيدا لديهم».

وصرح بأنه عمل في رعي جمال أسياده ولم يأكل سوى مخلفات موائدهم وكان يضرب أحيانا، ويضيف، وهو يشير لخده الأيمن «توجد ندبة هنا نتيجة ضربي بالعصا». وسئل عن عدد العبيد الذين يخدمون أسيادة فأجاب «أكثر من أن يحصوا».

ويذكر ناشطون مناهضون للعبودية ان من المستحيل احصاء عدد من تكبلهم اغلال العبودية في موريتانيا، التي يقطنها ثلاثة ملايين نسمة من الموريين البيض والسود والموريتانيين السود وأجناس اخرى. ويقول دبلوماسيون في نواكشوط ان النظام العسكري الحاكم رفض عرضا من الاتحاد الأوروبي لتمويل دراسة تحقق في الأمر.

وقال دبلوماسي، رفض نشر اسمه، «تنتشر على نطاق واسع على الارجح. في منازل الموريين ترى صبية سودا يقدمون الشاي، لا أعرف ما هي شروط عقود عملهم».

وتابع أن الرئيس الموريتاني الجديد، الذي سيفوز في الجولة الثانية من الانتخابات، التي تجري اليوم بين اثنين من الموريين البيض، ينبغي ان يحل قضية العبودية وعدم المساواة الاجتماعية وبين الأجناس وهي مشاكل قديمة، وأضاف «انها لب عدم التوازن في البلاد».