باريس تغير صورتها بالاعتماد على الدراجات الهوائية

لتعديل التوازن بين وسائل النقل وخفض التلوث وتحسين صورة المدينة

TT

باريس عاصمة الموضة، مدينة محبي الطعام والفن وهواة الرومانسية، وبداية من فصل الصيف الحالي، مدينة عشاق الدراجات الهوائية، فابتداء من 15 يوليو (تموز) القادم، وهو اليوم التالي لاحتفالات يوم الباستيل، سيستيقظ الباريسيون ليجدوا المئات من «محطات الدراجات» المتقدمة تكنولوجيا وآلاف الدراجات للايجار بإسعار رخيصة، ضمن برنامج طموح لتخفيض الزحام والتلوث وتحسين صورة المدينة لتكون اكثر اخضرارا وهدوءا.

وبانتهاء العام الحالي سيصل عدد الدراجات الى 20600 دراجة في 1450 محطة – او محطة كل 250 ياردة تقريبا في جميع انحاء المدينة. واعتمادا على خبرات مدن اخرى، لا سيما في ليون ثالث اكبر مدينة فرنسية، التي طبقت نظاما مماثلا قبل عامين، فستستخدم هذه الدراجات مجانا تقريبا.

واوضح جان لويس تورين نائب رئيس بلدية المدينة «لقد تغيرت الاوضاع في ليون تماما، ترى في كل مكان دراجات». واضاف ان البرنامج لم يهدف فقط الى تعديل التوازن بين وسائل النقل وخفض التلوث، بل ايضا لتحسين صورة المدينة».

ويؤمن رئيس بلدية باريس الاشتراكي برتراند ديلانو بنفس الهدف، طبقا لما ذكره نائبه لوك دومسنيل: «نعتقد ان ذلك يمكن ان يغير صورة باريس وجعلها اهدأ واقل تلوثا». الا ان هناك جوانب عملية ايضا كما ذكر دومسنيل. فقد كشفت دراسة حللت وسائل النقل المختلفة في المدينة بالسيارة والدراجة وسيارات الاجرة والسير على الاقدام، ان الدراجة هي الاسرع دائما.

كما ان استئجار الدراجة في ليون هو من ارخص وسائل الانتقال في المدينة لان النصف ساعة الاولى مجانية، ومعظم الرحلات اقل من ذلك.

واوضح انتونين داربون مدير شركة «سيكلوسيتي»، التي تدير مشروع ليون وحصلت على عقد لإدارة مشروع باريس، ان 95 من 95 في المائة مما يقرب من 20 الف رحلة بالدراجة في ليون مجانية بسبب طول المسافة.

وتجدر الاشارة الى ان سيكلوسيتي تابعة لشركة اعلانات الطرق JADECAUX العملاقة، التي تدير مشاريع مماثلة، ولكن على نطاق اصغر في بروكسل وفيينا ومدينتي قرطبة وجيرونا الاسبانيتين. ويتردد ان لندن ودبلن وسيدني وملبورن تدرس تطبيق نفس الفكر.

ومفهوم شركة سيكلوسيتي مستمد من الافكار المثالية التي انتشرت في اوروبا في الستينات والسبعينات، على غرار خطة «الدراجات البيضاء» في امستردام، عندما اصلح الهيبيز عشرات من الدراجات ودهنوها باللون الابيض وتركوها في شوارع المدينة، لكي يستخدمها أي شخص. ولكن في النهاية سرقت الدراجات وتهالكت بحيث لم تعد صالحة للاستخدام. واجرت شركة JADECAUX تجارب على عدة تصميمات وطورت دراجة قوية واقل عرضة للتخريب، مع نظام استئجار يمنع السرقة: فيجب على كل راكب ان يترك رقم بطاقة ائتمان او يدفع مبلغ تأمين قيمته 195 دولارا، مع معلومات شخصية. وفي ليون تسرق 10 في المائة من الدراجات سنويا، ولكن يتم استعادة العديد منها في ما بعد.

ولتشجيع الناس على اعادة الدراجات بسرعة فإن قيمة الايجار ترتفع كلما بقيت الدراجة بعيدة عن المحطة. ففي باريس على سبيل المثال، فان تأجير الدراجة مجانا في النصف ساعة الاولى، ثم يصل الى 1.3 دولار في النصف ساعة الثانية و2.6 دولار في النصف ساعة التالية و5.2 دولار في النصف ساعة الرابعة وكل نصف ساعة في ما بعد. واتفاق باريس سيعني ادخال اكبر اسطول للدراجات في العالم الى مدينة النور في مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص لمدة عشر سنوات.

وستقدم شركة JADECAUX كل الدراجات (تكلفة الدراجة الواحدة 1300 دولار اميركي) وستقيم محطات التسليم والتسلم. وسيوجد في كل منها ما بين 15 و 40 دراجة موصلة بشبكة كومبيوتر مركزية، يمكنها مراقبة كل دراجة وموقعها. ويمكن للزبائن شراء بطاقات مدفوعة مقدما او استخدام بطاقات الائتمان في المحطات الالكترونية للحصول على دراجة.

وستدفع الشركة تكلفة المشروع التي تصل الى 115 مليون دولار وتستخدم ما يقرب من 285 شخصا لادارة المشروع واصلاح الدراجات لمدة 10 سنوات. ومقابل ذلك ستحصل الشركة على حق استخدام 1628 لوحة اعلانات في الطرق، وحق الحصول على عائداتها في نفس الفترة. وفي ليون، طبقا لنائب رئيس البلدية تورين فإن الدراجات في المدينة وعددها 3 الاف قد سارت لمسافة تصل الى 10 ملايين ميل منذ بداية البرنامج منذ مايو 2005، وهو ما وفر 3 الاف طن من ثاني اوكسيد الكربون. كما انخفض الازدحام في المدينة 4 في المائة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»