الحكومة العراقية تقدم للبرلمان مسودة قانون لمراجعة «اجتثاث البعث»

المشروع يأتي استجابة لبعض المطالب العربية.. والنواب يختلفون حول جدواه

TT

أعلنت السلطات العراقية تقديم مسودة قانون لمراجعة عملية «اجتثات البعث» في خطوة تشكل استجابة لبعض مطالب القمة العربية بهدف دفع العرب السنة باتجاه مشاركة اكبر في العملية السياسية في العراق.

وقد اعلن الرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي مساء أول من امس تقديم مسودة قانون «المساءلة والعدالة» الى مجلس الوزراء قبل عرضه على البرلمان. ويتضمن «اعادة صياغة قانون اجتثاث البعث» في اطار عملية المصالحة الوطنية. واكد اعلان مشترك لطالباني والمالكي ان «المسودة تتناول اعادة صياغة قانون اجتثاث البعث بما يضمن تطبيق العدالة والانصاف وعدم تضييع الحقوق (...) في اطار المصالحة الوطنية».

واضاف الإعلان الذي اوردته وكالة الصحافة الفرنسية ان المسودة «تدعو الى تشكيل عدة لجان سياسية وبرلمانية وهيئات قضائية عليا لغرض متابعة ذلك والعمل على تطبيق فقرات القانون بصورة دقيقة في حالة اقراره (...) من أجل تشييد عراق منفتح ديمقراطي بعيد عن الطائفية والعنصرية والاستبداد والتمييز والإقصاء والتهميش». واشار الى ان «الدستور يمنع عودة البعث او اي جهة اخرى تتبنى ايديولوجيات قائمة على استخدام العنف والارهاب والشمولية والاستبداد والطائفية والعنصرية لحكم البلاد والعباد».

وقد وافق وزراء الخارجية العرب اول من امس في الرياض قبيل القمة العربية على الدعوة الى تعديل الدستور العراقي، وعلى قرار يدعو الى مراجعة سياسة اجتثاث البعث لتعزيز العملية السياسية في هذا البلد، وفقا لأحد الوزراء. وقال المصدر ان الوزراء الذين يعدون مشاريع القرارات التي تطرح امام القادة العرب اليوم وغدا «وافقوا على قرار ينص على مراجعة اجتثاث البعث بما يعزز عملية المصالحة الوطنية في العراق».

ويرغب العرب السنة العراقيون بتعديل الدستور الذي اقر بموجب استفتاء عام 2005، رفضا منهم لقيام اقاليم فيدرالية كرسها الدستور، خوفا من ان يحاصروا في مناطقهم الخالية من الموارد الطبيعية وخصوصا النفط. وتتعاطف مع مطالبهم دول الخليج العربية، خاصة السعودية اضافة الى مصر والاردن.

لكن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اكد امس في الرياض ان «تعديل الدستور ضرورة نص عليها الدستور ذاته ونحن مصممون على القيام بهذ الامر بدون ان يقول لنا احد ذلك». واضاف «لدينا واجبات تجاه شعبنا. لسنا بحاجة لإملاءات من الدول العربية. نقول لهم ان المصالحة الوطنية فكرتنا وليست فكرتهم» فالعراق ينتظر من الدول العربية «مساعدته لمكافحة الارهاب ومراقبة حدوده للحؤول دون دخول اسلحة الى اراضيه».

بدورهم، اختلفت آراء عدد من النواب، فقال حسن السنيد، من حزب الدعوة الشريك في الائتلاف الحكومي، ان «مجلس النواب سيتفاعل بجدية مع اقتراحات السلطة التنفيذية» معربا عن قناعته بـ«اقرار القانون بسرعة». واضاف «ليس هناك شك في ان القانون سيساهم في خفض موجة العنف في البلاد اذا عاد البعثيون الى مواقعهم الادارية والاجتماعية (..) اعتقد اننا بحاجة الى اصلاح جذري لتحقيق المصالحة الوطنية».

لكن ظافر العاني، النائب عن الحزب الاسلامي، اكبر احزاب العرب السنة، قال «اشكك في نجاح القانون في إعادة البعثيين الى وظائفهم لأن عددا كبيرا منهم تم اغتياله (...) هناك برنامج تنفذه بعض المليشيات لتصفيتهم جسديا». إلا انه استدرك موضحا انه اذا كانت هناك «اقتراحات جدية لاعادة الحقوق الى اصحابها فمن الممكن ان يحد القانون من اعمال العنف».

أما عمر عبد الستار النائب عن الحزب ذاته فقال «نريد اجتثاث الارهاب والتطرف وتدخل دول الجوار بدلا من اجتثاث ما يسمى بالبعث». واضاف «لا اعتقد ان القانون سيحد من اعمال العنف».

من جهته، قال محمود عثمان النائب عن التحالف الكردستاني (اكراد سنة) ان «بين اعضاء حزب البعث المنحل كفاءات بإمكانها ان تعمل ضمن الدولة (..) النظام الحالي يريد الاستفادة منهم». واعتبر ان «الاوضاع السياسية في البلاد لا تسير بالاتجاه الصحيح. كان على النظام الحالي الاستفادة من خبرات رجال النظام السابق».

يذكر ان هيئة اجتثاث البعث انشئت في مايو (ايار) 2003 في اطار اول القرارات التي اتخذتها الادارة المدنية الاميركية التي ترأسها بول بريمر بعد غزو العراق. وقد اعلن علي اللامي رئيس الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «وضع مسودة جديدة ستعرض على البرلمان قريبا (...) وهي تعني مليونا ونصف مليون شخص من الذين كانوا بعثيين للعودة الى وظائفهم». واوضح في اشارة الى الرتب التي كان معمولا بها في البعث ان «اعضاء الشعب سيحظون براتب تقاعدي فيما يعود اعضاء الفرق الى وظائفهم» لكن القانون «لا يشمل اعضاء الفروع والقيادات القطرية الذين لا يتجاوز عددهم 1500 في كل العراق».