الملك عبد الله للقادة العرب: التراخي حول القضايا العربية أدى إلى التدخل الخارجي

قال إن الطائفية البغيضة تهدد العراق والفتنة تكشر أنيابها في لبنان ودعا لإنهاء الحصار على الفلسطينيين

TT

دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القادة العرب الى بداية جديدة تتوحد فيها القلوب وتلتحم الصفوف، مؤكدا ان «الواقع العربي يكشف اننا اليوم ابعد عن الوحدة من يوم انشئت الجامعة العربية». واستعرض في كلمته التي القاها بعد تسلم السعودية رئاسة القمة العربية التي افتتحت في الرياض امس الازمات في المنطقة، وقال «لا أريد أن ألقي اللوم على الجامعة العربية، فالجامعة كيان يعكس أوضاعنا التي يراها بدقة، إن اللوم الحقيقي يقع علينا نحن قادة الأمة العربية، فخلافاتنا الدائمة، ورفضنا الأخذ بأسباب الوحدة، كل هذا جعل الأمة تفقد الثقة في مصداقيتنا، وتفقد الأمل في يومها وغدها».

ودعا العاهل السعودي الى انهاء الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني، كما اشار الى الوضع في العراق حيث تهدد الطائفية البغيضة بحرب اهلية بينما تراق الدماء بين الاخوة في ظل احتلال غير مشروع، وفي لبنان تحولت شوارعه إلى فنادق وتوشك الفتنة أن تكشر عن أنيابها. وفي السودان أدى التراخي العربي إلى التدخل الخارجي في شؤونه. وفي الصومال لا تكاد حرب أهليه تنتهي حتى تبدأ أخرى.

وقال خادم الحرمين في كلمته «كل ذلك يحدث ونحن عاجزون عن تقديم العون لأشقائنا».

واكد الملك عبد الله بن عبد العزيز أن «الفرقة ليست قدرنا، وان التخلف ليس مصيرنا المحتوم، فقد منحنا الله جلت قدرته الكرامة، وخصنا بعقول تستطيع التفرقة بين الحق والباطل، وضمائر تميز الخير من الشر، ولا ينقصنا إلاّ أن نطهر عقولنا من المخاوف والتوجس، فلا يحمل الأخ لأخيه سوى المحبة والمودة ولا يتمنى له إلاّ الخير». وقال «إن أول خطوة في طريق الخلاص هي أن نستعيد الثقة في أنفسنا، وفي بعضنا البعض، فإذا عادت الثقة عادت معها المصداقية، وإذا عادت المصداقية هبت رياح الأمل على الأمة، وعندها لن نسمح لقوى من خارج المنطقة أن ترسم مستقبل المنطقة، ولن يرتفع على أرض العرب سوى علم العروبة».

وفي ما يلي نص كلمة خادم الحرمين:

«بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وبعد :

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الأمة العربية :

أيها الإخوة الحضور :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

يسعدني باسمي وباسم الشعب السعودي أن أرحب بكم، متمنياً لكم النجاح في أعمالكم، وأشكر فخامة الأخ الرئيس عمر البشير رئيس جمهورية السودان الشقيق على ما بذله من جهد أثناء رئاسته القمة في السنة الماضية.

أيها الإخوة الكرام: منذ أكثر من ستين سنة أنشئت الجامعة العربية، لتكون نواة للوحدة العربية الحقيقية، وحدة الجيوش، ووحدة الاقتصاد، ووحدة الأهداف السياسية، وقبل ذلك كله وحدة القلوب والعقول. ولا شك أن السؤال الذي يطرح نفسه علينا: ما الذي تحقق من ذلك كله؟ إن الجواب على هذا يكشفه واقعنا الذي يؤكد أننا اليوم أبعد عن الوحدة من يوم أنشئت الجامعة.

أيها الإخوة الكرام : في فلسطين الجريحة، ما زال الشعب الصامد يعاني القهر والاحتلال محروماً من حقه في الاستقلال والدولة، وكما تعلمون جميعاً فإن الأشقاء الفلسطينيين اجتمعوا في مكة المكرمة بجوار بيت الله الحرام ونجحوا بفضل الله وتوفيقه في إنهاء خلافاتهم والاتفاق على حكومة وحدة وطنية تم الإعلان عنها، وفي ضوء هذا التطور الإيجابي فإنه أصبح من الضروري إنهاء الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني الشقيق بأقرب فرصة ممكنة، لكي تتاح لعملية السلام أن تتحرك في جو بعيد عن القهر والإكراه على نحو يسمح بنجاحها في تحقيق هدفها المنشود في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ان شاء الله.

وفي العراق الحبيب، تراق الدماء بين الإخوة، في ظل احتلال أجنبي غير مشروع، وطائفية بغيضة تهدد بحرب أهلية. وفي لبنان الذي كان يضرب به المثل في التعايش والازدهار، يقف الوطن مشلولاً عن الحركة، وتتحول شوارعه إلى فنادق وتوشك الفتنة أن تكشر عن أنيابها.

وفي السودان أدى التراخي العربي إلى التدخل الخارجي في شؤونه. وفي الصومال لا تكاد حرب أهليه تنتهي حتى تبدأ أخرى. كل ذلك يحدث ونحن عاجزون عن تقديم العون لأشقائنا.

ايها الاخوة ..

والسؤال ماذا فعلنا طيلة هذه السنين لحل كل ذلك؟. لا أريد أن ألقي اللوم على الجامعة العربية، فالجامعة كيان يعكس أوضاعنا التي يراها بدقة، إن اللوم الحقيقي يقع علينا نحن قادة الأمة العربية، فخلافاتنا الدائمة، ورفضنا الأخذ بأسباب الوحدة، كل هذا جعل الأمة تفقد الثقة في مصداقيتنا، وتفقد الأمل في يومها وغدها.

أيها الإخوة الكرام ..

إن الفرقة ليست قدرنا، وإن التخلف ليس مصيرنا المحتوم، فقد منحنا الله جلت قدرته الكرامة، وخصّنا بعقول تستطيع التفرقة بين الحق والباطل، وضمائر تميز الخير من الشر، ولا ينقصنا إلاّ أن نطهر عقولنا من المخاوف والتوجس، فلا يحمل الأخ لأخيه سوى المحبة والمودة ولا يتمنى له إلاّ الخير الذي يتمناه لنفسه.

إخواني..

إنني رغم دواعي اليأس مليء بالأمل، ورغم أسباب التشاؤم متمسك بالتفاؤل، ورغم العسر اتطلع إلى اليسر إن شاء الله.

إن أول خطوة في طريق الخلاص هي أن نستعيد الثقة في أنفسنا، وفي بعضنا البعض، فإذا عادت الثقة عادت معها المصداقية، وإذا عادت المصداقية هبت رياح الأمل على الأمة، وعندها لن نسمح لقوى من خارج المنطقة أن ترسم مستقبل المنطقة، ولن يرتفع على أرض العرب سوى علم العروبة.

اخواني..

(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وإني أدعوكم، وأبدأ بنفسي إلى بداية جديدة، تتوحد فيها قلوبنا، وتلتحم صفوفنا، أدعوكم إلى مسيرة لا تتوقف إلاّ وقد حققت الأمة آمالها في الوحدة والعزة والرخاء، وما ذلك على قدرة العلي القدير، ثم على عزائم الرجال المؤمنين، بعزيز.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».