ترقب عربي لما سيصدر عن قمة الرياض من قرارات

أبو مازن يضع في سلة القادة 3 رسائل فلسطينية * رفض مقترح سوري لإجراء تعديلات على مبادرة السلام * مؤتمر مصالحة صومالي في جدة

TT

بدأت تتجلى أمس، ملامح أولية، للقرارات التي ستصدر عن قمة الرياض، والتي تختتم أعمالها ظهر اليوم، بعد يومين من المباحثات الثنائية والجماعية للقادة العرب حول القضايا المصيرية للمنطقة.

وجاء في البند الأول من مشروع القرار في الصيغة المطروحة لمشروع القرار الخاص بتفعيل عملية السلام، «التأكيد على تمسك الدول العربية بمبادرة السلام العربية كما أقرتها قمة بيروت عام 2002 بكافة عناصرها والمستندة إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادئها، لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي وإقامة السلام الشامل والعادل».

ووفقا لمصادر عربية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن سورية سعت خلال المجلس الوزاري التحضيري للقمة، لإجراء بعض التعديلات على بنود مشروع القرار الخاص بالمبادرة العربية للسلام التي اقرتها قمة بيروت عام 2002 لجهة توضيح بنود المبادرة فيما يخص حق العودة واللاجئين والتوطين والقدس.

وتصدى وزراء خارجية عرب للمقترح السوري، وفقا لذات المصادر، وقال أحد الوزراء العرب: إن المبادرة واضحة ولا يوجد فيها أي لبس في تحديد أو تشديد العبارات والمعاني الخاصة باللاجئين والقدس والتوطين.

ويأتي تسرب هذه الأنباء، على الرغم من التأكيدات التي أطلقها وزير الخارجية السوري وليد المعلم حال وصوله إلى الرياض للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية إلى جانب نظرائه العرب، بأن بلاده تقف ضد تعديل المبادرة العربية للسلام، وهي تدعمها بصيغتها الحالية.

إلى ذلك، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، القادة العرب، لوضع الآلية، وتحديد السبل الملائمة من أجل أن تواصل مبادرة السلام العربية تقدمها نحو آفاق جديدة، بحيث لا تبقى مجرد إعلان مبادئ يشيد به العالم ويسانده نظريا، مشددا على ضرورة أن يتحول هذا الإعلان العربي، إلى خطة عملية متكاملة تحظى بفرصة التطبيق الملموس بدون أي تغيير في بنودها أو حتى في نصوصها.

وفي إشارة ضمنية لإسرائيل وهي التي طلبت تعديل بعض بنود مبادرة السلام العربية، قال عباس في كلمته أمام الجلسة المسائية: إن من لا يريد أن يرى إيجابية هذا الموقف الفلسطيني والعربي، ويدعو إلى تجزئة مبادرة السلام، أو تغيير بعض عناصرها، إنما يفعل ذلك بسبب رغبته في التهرب من استحقاق السلام، الذي يشترط زوال الاحتلال والالتزام بقراراتها وأسسها جميعا، بدون انتقاء لبعضها ورفض البعض الآخر.

وأبدى عباس أمله في أن يتمخض عن مؤتمر قمة الرياض، تشكيل لجنة عربية برئاسة السعودية، لمتابعة تنفيذ المبادرة العربية، عبر الصلة والتعاون مع اللجنة الرباعية الدولية، وجميع الأطراف المعنية بإطلاق عملية السلام من جديد، على «أن يكون لهذه اللجنة والتي سترأسها السعودية، حرية التحرك والتصرف، وفق ما تمليه الظروف والاعتبارات من أجل تحقيق الأهداف الوطنية والقومية التي نسعى جميعا إلى إحقاقها، وذلك عبر حل تفاوضي يحظى برعاية المجتمع الدولي، وضمن إطار مؤتمر دولي للسلام في المنطقة».

وتابع أبو مازن خطابه الذي وقع في 13 صفحة، قوله، «إننا في الوقت الذي نطالب فيه بالحل العادل والشامل لقضيتنا، ننبذ العنف، والعنف المتبادل بكل أشكاله لأننا كنا ولا زلنا الضحية الأولى لهذا العنف».

وجدد الرئيس الفلسطيني دعوته للزعماء العرب، لبذل جهود مضاعفة من اجل إطلاق مسيرة حل عادل ومتوازن، باعتبار أن المماطلة والتسويف وهدر الوقت لن تكون في صالح هذا الحل، وهو الذي سيجعل المنطقة بأسرها مهددة من جديد بمخاطر الحروب والانفجارات والمواجهات الإقليمية والدولية بسبب غياب هذا الحل أو استحالة تطبيقه.

وقال عباس أن تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية، وبناء جدار العزل العنصري، وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، يتطلب إجراءات عاجلة وخطوات سياسية استثنائية، «قبل أن تنتصر نهائيا سياسة التوسع والاحتلال، ويصبح الوضع بأكمله مفتوحا على مخاطر كبرى تهدد شعبنا والمنطقة بأسرها والبلدان العربية، وبخاصة الأكثر قربا منا».

وأضاف قائلا: إنني أقول ذلك بدون أية مبالغة أو تهويل، بل لعل الواقع القائم الذي نعايشه ونراه يوميا أشد هولا وترديا مما وصفته وعرضته أمامكم.

وحرص عباس خلال كلمته على إيصال رسائل 3 للقادة العرب. الأولى: رسالة الجراح والألم والمعاناة لشعب بأكمله يعاني من قهر الاحتلال ومن التشرد. والثانية: رسالة آلاف الأسرى والمعتقلين وعائلات الشهداء والجرحى الذين ينتظرون بأمل كبير تدفق نور الحرية بعد أن ساد ظلام الاحتلال طويلا. أما الثالثة: رسالة كل المؤسسات الوطنية الفلسطينية، بما فيها الحكومة الفلسطينية الجديدة، حكومة الوحدة الوطنية.

وقال عباس، إن حكومة الوحدة ستضع نصب أعينها إنجاز ملفين أساسيين، هما: الأمن الداخلي، بما في ذلك ضمان سيادة القانون والنظام والقضاء على الفلتان والفوضى. والملف الاقتصادي، الذي يشمل وضع حد لحالة الانهيار الاقتصادي والتدهور الهائل الذي حصل في مستوى حياة ومعيشة كل عائلة فلسطينية، بالإضافة إلى تراجع دور المؤسسات وشللها بفعل نقص الموارد المالية وحالة الحصار.

وأكد الرئيس الفلسطيني أن رغبة شعبه في السلام، رغبة راسخة، وتنبع من حلم طال أمده. فيما ناشد المجتمع الدولي بمساندة الفلسطينيين، في تحقيق أحلام أطفالهم وشبابهم وشيوخهم، بالعيش في سلام وكرامة في ظل الدولة الفلسطينية المستقلة.

وشدد عباس على صدق الإرادة الفلسطينية في مد يد السلام للشعب الإسرائيلي. وقال: «أدعو هذا الشعب وقيادته إلى مبادلتنا هذا الحلم وهذه الإرادة حتى نتمكن سويا بدعم الدول العربية والإسلامية، والمجتمع الدولي بأكلمه، وأن لا تضيع فرص أخرى في تأريخ هذه القضية الطويل والأليم».

وعودة إلى أجواء القمة، فالبند الخلافي في القمة وهو الوحيد يتعلق بملف الازمة اللبنانية حيث يصر رئيس الجمهورية اميل لحود على ضرورة ان يتضمن مشروع القرار المتعلق بلبنان ان القمة تدعم الجمهورية اللبنانية وليس كما جاء في مشروع القرار دعم الحكومة اللبنانية، لأنه بحسب لحود فإن الحكومة برئاسة فؤاد السنيوره تعتبر فاقدة للشرعية بسبب انسحاب عدد من الوزراء منها، غير ان الحكومة تعتبر ان وجود لحود غير دستوري لأنه جرى التمديد له دون الاستناد لأي بنود وأعراف دستورية. كما دار نقاش خلال اللقاءات الثنائية والجماعية بين الوفود العربية وخاصة مع الوفد العراقي على مشروع القرار الذي سيعرض على القمة حول الاوضاع في العراق، حيث ضغطت بعض الدول العربية لصالح تعديل قانون «اجتثاث البعث» ليحمي البعثيين الذين لم تتلطخ ايديهم بدماء العراقيين من عبث الهيئة التي تقوم بعملها على اسس الانتقام والطائفية.

وقالت المصادر في القمة ان الاعتراض على هذا البند جاء بعد ان قال احد الحضور في الاجتماعات المغلقة ان معظم ابناء الشعب العراقي الذين كانوا منخرطين في الحزب والمنتسبين اليه سيكون مصيرهم السجن والاعتقال، الامر الذي لا يمكن ان يتسق والحديث المحموم من الحكومة العراقي عن «المصالحة الوطنية» طالما هناك اقصاء لأبرز المكونات السياسية على الساحة العراقية.

الرياض وكعادتها في احتضان مشاريع ومبادرات المصالحة العربية كما حدث في جمع اللبنانيين على اتفاق الطائف وجمع الفلسطينيين من جناحي فتح وحماس على اتفاق مكه الذي كانت ابرز نتائجه تشكل اول حكومة وحدة وطنية فلسطينية ستسعى كذلك لجمع الصوماليين المتقاتلين على السلطة في مدينة جدة خلال الفترة المقبلة، بموجب احد مقررات القمة التي ستصدر اليوم عن «اعلان الرياض».

اما مشروع القرار الثاني فقد كررت الدعوة مرة أخرى والتي وجهتها مبادرة السلام العربية إلى حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا لقبول المبادرة وانتهاز الفرصة السانحة للعودة إلى عملية المفاوضات المباشرة والجدية على كافة المسارات. ونص البند الثالث على دعوة مجلس الأمن واللجنة الرباعية والأطراف الدولية المعنية إلى مساندة المساعي العربية المبذولة للاستئناف الفوري لعملية السلام على أساس المرجعيات المتفق عليها.

اما البند الرابع فكلف اللجنة الوزارية العربية الخاصة بمبادرة السلام العربية مواصلة جهودها مع الأمين العام للأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية والأطراف الدولية المعنية بعملية السلام، من أجل إحياء عملية السلام وحشد التأييد لهذه المبادرة ومتابعة التطورات المتعلقة بمسيرة عملية السلام.

وتتالف هذه اللجنة من عشرة دول عربية بالاضافة الى الامين العام لجامعة الدول العربية، سينبثق منها عدد من فرق العمل يتم تشكيلها من قبل مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، لتقوم بتفعيل المبادرة العربية مع المجتمع الدولي بكافة مستوياته المعنية بعملية السلام.

وشدد البند الخامس على تكليف مجلس الجامعة العربية على مستواه الوزاري بمتابعة تقييم الوضع بالنسبة لجهود السلام الحالية ومدى فعاليتها وإقرار الخطوات القادمة للتحرك في ضوء هذا التقييم.