طهران تواصل حرب الرسائل والأشرطة في قضية البحارة البريطانيين المحتجزين

بلير يطالب بالصبر ويحذر إيران من العزلة.. ونجاد يريد اعتذارا

TT

تصاعدت حدة الأزمة الدبلوماسية بين بريطانيا وايران على خلفية قضية البحارة البريطانيين الذين تحتجزهم ايران منذ اكثر من اسبوع، وبينما اكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير امس تصميمه على فرض مزيد من العزلة على ايران ودعوته الى التحلي بالصبر من اجل الافراج عن البحارة الـ15 الذين بدأوا اسبوعهم الثاني رهن الاعتقال، طلب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد من بريطانيا تقديم اعتذار بشأن ما تصفه ايران بالدخول غير المشروع الى المياه الايرانية الاسبوع الماضي.

وتزامنت هذه التطورات مع قيام التلفزيون الايراني ببث لقطات لأحد البحارة البريطانيين اعترف فيها بالدخول الى المياه الاقليمية الايرانية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني في تصريحات صحافية «ببساطة علينا ان نواصل (السعي) بالحزم والتصميم الضروريين لكن علينا ايضا التحلي بالصبر لانه لا يوجد سوى حل واحد ممكن لهذا الامر وهو الافراج عن جنودنا سالمين». واعتبر انه ليس من المرجح التوصل الى حل الأزمة سريعا. وقال «ان ما يجب ان يدركه الايرانيون هو انه في حال واصلوا على هذا الدرب فانهم سيواجهون عزلة متنامية».

واضاف «لا اعرف حقيقة لماذا يفعل النظام الايراني هذا. ان كل ما يفعله هو زيادة مشاعر اشمئزاز الناس»، مشيرا الى ان «عرض واستغلال» جنود البحرية «لن ينطلي على احد».

وتؤكد ايران ان عناصر البحرية البريطانية الـ15 كانوا في المياه الاقليمية الايرانية حين جرى اعتقالهم في 23 مارس (آذار) في حين تؤكد بريطانيا، التي جمدت علاقاتها مع طهران الاربعاء الماضي، ان جنودها كانوا في المياه الاقليمية العراقية.

وكانت وكالة «فارس» الايرانية للانباء قد قالت ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد طلب من بريطانيا تقديم اعتذار بشأن ما تصفه ايران بالدخول غير المشروع لخمسة عشر من افراد البحرية البريطانية الى المياه الايرانية الاسبوع الماضي.

ونقلت وكالة رويترز عن الوكالة قولها ان احمدي نجاد ادلى بهذه التصريحات خلال محادثة تليفونية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. وكانت وسائل اعلام ايرانية اخرى قد اشارت الى المكالمة الهاتفية مع اردوغان اول من امس الا انها لم تذكر طلب ايران تقديم اعتذار من بريطانيا.

ونقلت وكالة «فارس» عن احمدي نجاد قوله «يتعين على الحكومة البريطانية تقديم اعتذار لايران لانتهاكها الحدود الاقليمية الايرانية».

الى ذلك، بث التلفزيون الايراني لقطات فيديو لبحار بريطاني قال انه دخل، هو و14 من زملائه، المياه الاقليمية الايرانية بشكل غير مشروع مما يزيد التوتر بخصوص الأزمة المستمرة منذ نحو اسبوع.

وقال أحد البحارة، الذي قال ان اسمه ناثان توماس سامرز، وانهم يتلقون معاملة حسنة، «تجاوزنا الحدود بدون اذن. أرغب في الاعتذار عن دخول مياهكم بدون اذن... أعتذر بشدة».

وجاء بث لقطات الفيديو في وقت قالت فيه بريطانيا انها تدرس مذكرة تلقتها من الحكومة الايرانية تشبه فيما يبدو بيانا استخدم لحل أزمة مشابهة في عام 2004 عندما احتجزت ايران ثمانية مجندين بريطانيين لمدة ثلاثة أيام.

غير أن وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت قالت، عقب بث لقطات الفيديو، انه لا يوجد في المذكرة ما يشير الى أن طهران تبحث عن حل للأزمة.

وكشفت السفارة الايرانية في لندن امس عن نص المذكرة الدبلوماسية التي وجهتها طهران الى السلطات البريطانية، وقالت ان المذكرة تدين «العمل غير القانوني» الذي قام به البحارة البريطانيون، الا انها لم تطالب باعتذار.

وجاء في المذكرة ان ايران «تحتج بشدة على هذا العمل غير القانوني بانتهاك مياهها الاقليمية وتشدد على ان الحكومة البريطانية تتحمل مسؤولية عواقبه».

وتدعو المذكرة التي سلمتها وزارة الخارجية الايرانية الى السفارة البريطانية في طهران الى «ضمان عدم تكرر مثل هذه الاعمال».

ونشرت امس رسالة ثالثة منسوبة الى الجندية البريطانية فاي تورني المعتقلة مع بقية عناصر البحرية البريطانية، تقول فيها انها وزملاءها «ضحية السياستين الاميركية والبريطانية».

وقالت في الرسالة الموجهة الى الشعب البريطاني ونشرتها السفارة الايرانية في لندن «علينا ان نبدأ سحب قواتنا من العراق».

وكانت بريطانيا قد حصلت مساء اول من امس بعد مشاورات استغرقت خمس ساعات على بيان من مجلس الأمن اكتفى بالإعراب عن «بالغ قلقه» ازاء احتجاز البحارة البريطانيين. وتبنى المجلس في بيانه، الذي تمت صياغته بلغة خفيفة وتخلو من التصعيد، دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد حل مبكر لأزمة البحارة. وفي البيان الذي أدلى به رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر سفير جنوب أفريقا دوميساني كومالو وجه فيه نداء إلى الحكومة الإيرانية للسماح للقنصل من أجل الوصول إلى البحارة المحتجزين لديها . وقد فشلت بريطانيا بالرغم من جهودها لتصعيد الضغط الدولي على طهران في الحصول على بيان قوي اللهجة، ولم يتضمن بيان المجلس مفردات مثل الشجب أو الإدانة. كما أفادت مصادر مجلس الأمن بأن روسيا والصين واندونيسيا وقطر والكونغو وجنوب أفريقيا رفضوا تبني الموقف البريطاني كما ورد في مسودة مشروع البيان في صيغته الأولى كما قدمه الوفد البريطاني. من جهتها، اسفت ايران امس «لاستغلال» الامم المتحدة في ازمة البحارة البريطانيين. وقالت بعثة ايران في الامم المتحدة في بيان نشرته وكالة الانباء الايرانية الرسمية «للاسف تم استغلال مجلس الامن من جديد عبر اصداره اعلانا في قضية ليست من مسؤوليته وهي ثنائية بالكامل».

من ناحية ثانية، عبر وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي امس عن تضامنهم مع بريطانيا لكنهم ابدوا ترددا ازاء وقف التعامل التجاري مع طهران بسبب هذا الخلاف.

وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير للصحافيين قبل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في مدينة بريمن شمال المانيا «من الواضح انه ينبغي أن تبعث رسالة تضامن مع بريطانيا من هنا».

أما خافيير سولانا منسق السياسات الخارجية للاتحاد الاوروبي فقال «ينبغي الافراج عن الجنود البريطانيين فورا وبدون شروط مسبقة».

لكن عددا من الوزراء والمسؤولين لمحوا الى أن هذا ليس الوقت المناسب للسير على نهج بريطانيا في تعليق التعامل التجاري مع ايران في الوقت الذي صدرت فيه مذكرة دبلوماسية أولى من طهران أنعشت الامال في ايجاد حل للنزاع.

وقالت مفوضة العلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي بنيتا فيريرو فالدنر للصحافيين «أعتقد أنه ينبغي علينا أن نتوخى الحذر. نحن نعيش لحظة حرجة للغاية».

واستدعت الخارجية البلجيكية القائم بأعمال السفارة الايرانية في بروكسل للاحتجاج على استمرار البحارة البريطانيين من جانب السلطات في طهران، وقال بيان صادر امس ان الخارجية البلجيكية اعربت عن تضامنها الكامل مع بريطانيا في هذا الملف وسوف تعبر عن ذلك في محافل مختلفة سواء في اطار الاتحاد الاوروبي .