بلير يعلن مرحلة «حاسمة» لحل أزمة البحارة البريطانيين

إطلاق دبلوماسي إيراني في العراق وعسكري.. أميركي يحذر من «لعبة إيرانية خطرة»

TT

شهدت ازمة البحارة البريطانيين المحتجزين في ايران، المزيد من سياسة الشد والرخاء أمس، اذ تواصلت جهود الطرفين للتسوية الدبلوماسية، مع تصريحات شديدة انذرت بضرورة حل قريب للأزمة. وأكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، أن احداث اليومين المقبلين ستكون «حاسمة» في تحديد مسار الازمة، بينما كانت اوساط ايرانية وبريطانية، تترقب تصريحات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد حول القضية، بعد تأجيل مفاجئ لمؤتمره الصحافي أمس. وظهرت انقسامات ايرانية مجدداًَ في التعامل مع الأزمة، اذ أكد الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، مساء اول من امس، أنه من الممكن حل الازمة بالطرق الدبلوماسية، وهدد نائب الرئيس الايراني برويز داودي بأنه «اذا استمرت بريطانيا في خلق هذه الاجواء (السيئة) فإن القضية لن تحل قريباً». وحذر بلير من ان بلاده ستتخذ «قرارات اقسى، اذا لم تفرج ايران عن البحارة المحتجزين لديها، بالسرعة الممكنة». وقال بلير في غلاسكو ان «الحكومة لديها مساران واضحان لحل الازمة»، موضحاً: «الاول هو محاولة تسوية المسألة عن طريق التفاوض السلمي الهادئ، واستعادة بحارتنا بالسرعة الممكنة... والثاني هو ان نوضح انه اذا لم يكن ذلك ممكنا، فعلينا ان نتخذ قرارات اقسى». وتابع: «لن أقول أكثر من ذلك في الوقت الحالي... وعلى الحكومة الايرانية الان ان ترد». وصرح بلير بأن اليومين المقبلين سيكونان «حاسمين»، مرحباً، بـ«الافاق» التي فتحتها تصريحات علي لاريجاني. وقال لاذاعة محلية اسكوتلندية، ان «الساعات الـ48 المقبلة ستكون حاسمة». واوضح انه اطلع على التصريحات، التي ادلى بها مساء أول من أمس سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي لاريجاني، الذي قال ان «اولويتنا هي تسوية (الازمة) بالطرق الدبلوماسية ولا حاجة لمحاكمة»، مضيفاً للقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني: «لا نريد زيادة هذه المسألة تعقيدا». ولفت نائب الرئيس الايراني الى هذه الخلافات أمس، قائلا ان «الافراج عن البحارة البريطانيين يعتمد على تصرفات الحكومة البريطانية، وهو ما يعني أنه اذا قبلت أنهم (البحارة) دخلوا المياه الاقليمية الايرانية وقدموا ضمانات على عدم تكرار ذلك فقد يمكن مراجعة الامر». وتابع: «لكن اذا استمرت بريطانيا في خلق هذه الاجواء (السيئة) فان القضية لن تحل قريبا».

وبعد ساعات من تفاؤل اطراف دبلوماسية بريطانية بتصريحات لاريجاني وتهدئة الازمة، نشرت وكالة الانباء الايرانية «فارس» شبه الرسمية، صوراً جديدة للبحارة البريطانيين المحتجزين في ايران، الامر الذي اغضب لندن. وظهر البريطانيون في الصور باللباس الرياضي مرتاحين وجالسين على سجادة ويلعبون الشطرنج. وكانت هذه المرة الاولى، التي يظهر فيها البحارة بدون لباسهم العسكري. وعلقت الوكالة على الصور بالقول «هذه الصور تظهر الظروف المثالية التي يعيشون فيها. انهم يتسلون ويرتاحون ويستمتعون بالقهوة والطعام خلال لعب الشطرنج». ومن جهة اخرى، حرصت الولايات المتحدة في الايام الاخيرة على اختصار تدخلها في قضية البحارة البريطانيين باعلانها دعم حكومة بلير، خوفاً من تصعيد الأزمة. وأوضحت الصحيفة، ان الهجوم كان يستهدف محمد جفري، مساعد رئيس مجلس الامن القومي الايراني، والجنرال منوشهر فروزاندا، المسؤول عن الاستخبارات في الحرس الثوري. وقد اسفر الهجوم عن اعتقال ستة موظفين ايرانيين اطلق سراح احدهم في وقت لاحق. ونقلت الصحيفة عن فؤاد حسين، قائد القوات التابعة للزعيم الكردي مسعود بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان، قوله ان الاميركيين «كانوا يطاردون جفري وكانوا يعتقدون انه هناك».

وقال مصدر عسكري اميركي لـ«الشرق الاوسط»، ان «الايرانيين كانوا يعملون منذ ايام قبل احتجاز البحارة البريطانيين على خطط من اجل تبادل محتجزين». واضاف ان «الايرانيين يبحثون عن عملية تبادل، ولكن هذا امر غير ممكن ابداً». وتزامنت الانباء عن الربط بين القضيتين مع اطلاق سراح دبلوماسي ايراني كان مختطفاً في العراق. وأكد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي أمس الافراج عن السكرتير الثاني في السفارة الايرانية في بغداد جلال شرفي، الذي خطف قبل شهرين.

وألقت طهران باللوم على الجيش الاميركي، بعد اختطاف شرفي من قبل مجهولين كانوا يرتدون زي الجيش العراقي، الا ان الاميركيين نفوا تورطهم بالازمة. وأكد زيباري لرويترز الافراج عن الدبلوماسي الايراني، قائلا إنه بصحة جيدة. وأضاف أن العراق بذل جهدا هائلا من أجل الافراج عن شرفي وأن كل الاطراف نفت خطفه، مما جعل الامور أصعب. وقالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية، ان شرفي عاد بالفعل الى ايران.

وقال زيباري ان الحكومة العراقية تحاول أيضا الافراج عن خمسة ايرانيين اخرين، احتجزتهم القوات الاميركية خلال الغارة في أربيل، لكنه لم يربط بين اعتقالهم واحتجاز البحارة البريطانيين. وعلى صعيد متصل، كشف أمس ان المواطن الاميركي المفقود في ايران كان موظفا سابقا لمكتب التحقيقات الفيدرالية (اف بي أي) الاميركية. وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك، قد اعلم مساء اول من امس، بان مواطنا اميركياً مفقود في ايران. واضاف الناطق ان الاميركي، الذي لم تكشف هويته، «كان يقوم بزيارة خاصة الى ايران»، موضحاً ان اخباره انقطعت عن عائلته وعن رب عمله منذ اسابيع عدة. واكد مسؤول في الشرطة الفيدرالية، فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، ان الرجل كان في الماضي موظفا في هذا الجهاز. وقال: «كان موظفا في الشرطة الفيدرالية واحيل الى التقاعد قبل حوالي عشر سنوات»، مؤكداً انه «ليس عميلا خاصا، وعندما كان هنا كان يعمل خصوصا في القضايا الاجرامية مثل الجريمة المنظمة».

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية، ان السلطات الاميركية تتابع هذه المسألة منذ 11 مارس (اذار) تقريبا، موضحا ان الولايات المتحدة لم تتحرك على الفور «لاننا لم نكن نعرف حقيقة الوضع بالتحديد». واوضح ان الولايات المتحدة ارسلت الى ايران عبر «القناة السويسرية» طلبا للتحقق عن مصير هذا الرجل.