النواب حضروا إلى البرلمان اللبناني مع عريضة موجهة للأمم المتحدة

بيروت: التحرك السعودي يثمر معاودة الحوار بين بري والحريري

TT

رفعت الغالبية النيابية في البرلمان اللبناني أمس مستوى ضغطها على رئاسة البرلمان في محاولة لدفعها للدعوة الى عقد جلسة نيابية تقر مشروع قانون المحكمة الدولية حيث تتمتع الأكثرية بغالبية 70 نائبا مقابل 57 للمعارضة. وقد نجحت الاتصالات في خفض سقف الخطابات السياسية لقوى الأكثرية، وأثمرت صمت رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط الذي طبع بمواقفه العنيفة تحرك الأكثرية خلال الأسبوعين الماضيين. غير ان نواب الأكثرية قدموا مطالعة قانونية اشارت الى امكان انعقاد المجلس من دون دعوة من رئيسه، في تلويح واضح بامكان انعقاد البرلمان من دون موافقة الرئيس نبيه بري الذي يعتبر احد اركان المعارضة البارزين.

وأدى خفض السقف السياسي في تحرك الأكثرية الى فتح الباب مجددا أمام معاودة لقاءات الحوار بين بري ورئيس كتلة المستقبل النيابية، النائب سعد الحريري، الذي اتصل أمس ببري واتفقا على لقاء مسائي، كما افادت مصادر قريبة من بري أمس.

وانعكست اتصالات التهدئة التي شارك فيها بفاعلية السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة، ابتعادا عن التشنج الذي طبع التحركين السابقين للأكثرية في مجلس النواب. كما ادى الى إحداث «اختراق جزئي» في العلاقات بين النواب من الطرفين. اذ زار نواب من كتلة المستقبل زملاءهم من نواب المعارضة الذين اجتمعوا في قاعة هيئة مكتب مجلس النواب، فيما اجتمع نواب الأكثرية في صالون المجلس.

وزار السفير خوجة أمس رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، متوقعا معاودة الحوار «قريبا جدا»، ومشيرا الى انه لا توجد اي مبادرة سعودية. وقال: «نحن نتكل على الاتفاق اللبناني».

وكان نواب الاكثرية (59 نائبا) نزلوا امس، وللثلاثاء الثالث على التوالي، الى مقر المجلس النيابي بهدف الضغط على الرئيس بري من اجل الدعوة الى عقد جلسة عامة لإقرار مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي. فيما نزل نواب المعارضة (35 نائبا) بدورهم. وقد اقتصرت المواقف على بيانين، الأول صدر عن نواب الموالاة، تلاه نائب رئيس المجلس فريد مكاري وكرر فيه تحميل الرئيس بري مسؤولية عدم دعوة المجلس الى اقرار مشروع المحكمة وغياب الحل السياسي.

أما بيان نواب المعارضة فقد جدد التأكيد على قيام حكومة وحدة وطنية قادرة على اقرار مشروع المحكمة بما يخدم العدالة، وعلى اعتبار حكومة السنيورة فاقدة للشرعية والدستورية.

وقد حمل نواب الأكثرية معهم الى المجلس عريضة نيابية موقعة منهم وموجهة الى الأمم المتحدة تطالب بعقد جلسة نيابية عامة في المجلس لإقرار نظام المحكمة ذات الطابع الدولي.

وتلا النائب فريد مكاري بيانا جاء فيه: «بغض النظر عن الانتماءات السياسية، يسرني ان يكون حاضرا في المجلس النيابي اليوم أكثر من ثلثي أعضائه ومن ضمنهم الأكثرية المطلقة التي يمثلها نواب 14 آذار، لان هذا يدل على ان الديمقراطية في لبنان لا تزال بخير وأن كل القوى السياسية تعترف عبر هذا الحضور الكثيف بأن مكان كل نقاش وكل قرار وكل شرعية هو هذه المؤسسة التي كرسها الدستور أُماً لكل الشرعيات وكل المؤسسات. لكن الغصة في القلب لان هذه الحيوية الديمقراطية التي يمثلها حضور أكثر من ثلثي أعضاء المجلس اليوم تبقى مبتورة ومعرقلة ومهدودة وناقصة بسبب امتناع رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن الدعوة الى عقد جلسة، وفي ظل اقفال قاعة المجلس امام اعضائه المنتخبين بإرادة الشعب اللبناني لتمثيله والدفاع عن مصالحه ومصالح لبنان العليا. وكل ذلك من دون أي مبرر شرعي أو دستوري أو قانوني، وخلافا لكل ما عرفته الديمقراطيات عبر العالم والتاريخ من ممارسات وأعراف وأنظمة».

ورأى مكاري «ان سبب اقفال المجلس واضح أيضا في عيون اللبنانيين والعرب والعالم. هناك قضية أخلاقية ووطنية مطروحة على هذا المجلس وهي انشاء المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما، والنائب الشهيد جبران تويني، والنائب والوزير الشهيد بيار امين الجميل والكاتب الشهيد سمير قصير، والمناضل الشهيد جورج حاوي ومن حاول اغتيال النائب مروان حمادة والوزير الياس المر، والإعلامية مي شدياق وسائر شهداء الحرية والسيادة والاستقلال في لبنان».

واعتبر أن «ما يجري اليوم هو اجهاض غير دستوري وغير قانوني وغير شرعي لارادة الشعب اللبناني في مناقشة خياراته الديمقراطية عبر اجتماع ممثليه المنتخبين، وفي حماية مصالحه عبر اقامة المحكمة الدولية، وفي تأمين لقمة عيشه عبر إقرار التشريعات اللازمة لتنفيذ مقررات مؤتمر باريس ـ 3». وقال: «ان اجتماعنا هنا ليس تحدياً لأحد بل نداء موجه من العقل والقلب والضمير الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليضع تاريخه السياسي وتاريخه في هذا المجلس والمكانة التي سوف يذكره بها التاريخ نصب عينيه، وان يعلم انه يحمل وحيداً اليوم مسؤولية المحكمة الدولية والحل السياسي في لبنان وتعريض مصالحه ومصالح اللبنانيين الى ما لا تحمد عقباه، سواء لجهة مخالفة ارادة الشعب عبر ممثليه أو إرادة العرب والعالم اجمع. ان هذا المجلس مستعد لمشاركة رئيسه المسؤولية والتعاون معه من اجل خلاص لبنان ولتحمل القرارات التاريخية والمصيرية معه».

وجاء في بيان المعارضة الذي تلاه عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا: «ان نواب المعارضة يرحبون بالزملاء نواب الموالاة الذين نفتقد معظمهم في جلسات اللجان والحضور في الأنشطة المختلفة. ويعتبرون ان حضورهم اليوم يذكرنا بالحاجة الى ان نعود جميعا الى الأصول الدستورية التي ترعى عملنا السياسي».

واز كرر «التزام نواب المعارضة الأكيد بضرورة كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وكل الشهداء وبإقرار مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي لهذا الغرض بعد دراستها في الاطر الدستورية ووفق آلياتها التي لا تحتمل الاجتهاد»، أعلن ان نواب المعارضة «يصرون على زملائهم تسهيل إقرار صيغة التسوية السياسية التي اعلن عناصرها الرئيس نبيه بري في مؤتمره الصحافي، والإسراع في اعادة الأمور الى نصابها السياسي والدستوري من خلال المدخل الوحيد وهو قيام حكومة وحدة وطنية تؤمن المشاركة الحقيقية، لنستطيع معا ان نصل الى اقرار لمشروع المحكمة بما يخدم العدالة ويعكس وحدة اللبنانيين تجاه هذه القضية».