تنظيف الشاطئ اللبناني من النفط يعاني نقص المساعدات

بعد انقضاء 8 أشهر على الكارثة الناجمة عن القصف الإسرائيلي

TT

مرت 8 أشهر على الكارثة النفطية التي ألحقتها اسرائيل بالشاطئ اللبناني اثر قصفها خزانات معمل الجية الحراري المولد للطاقة الكهربائية على الساحل جنوب بيروت في 13 يوليو (تموز) و15 منه، متسببة بتسرب 15 ألف طن من الفيول واحتراق 45 ألف طن. فأين أصبحت عمليات التنظيف خصوصا ان موسم الصيف على الابواب؟ وما سبب ظهور بقع نفطية على عدد من الشواطئ اللبنانية بعد تنظيفها؟ وكيف أنفقت الاموال والهبات والمساعدات التي حكي عن تقديمها في تلك الفترة والبالغة 15 مليون دولار؟ وأين يحفظ النفط الملوِّث بعد سحبه من البحر؟ وأين أصبحت نتائج التحاليل المخبرية التي سترسل الى فرنسا والتي حكى عنها وزير البيئة المستقيل حاليا يعقوب الصراف؟ وهل بإمكان الناس التوجه الى الشاطئ هذا الصيف؟

أسئلة كثيرة وأجوبة مطلوبة من المسؤولين عن هذا الملف لتوضيح مسائل تطاول حياة المواطنين مباشرة خصوصا ان النفط المتسرب يحتوي على مادة «بنزو بايرين» المصنفة مادة مسرطنة بامتياز، وقد أثبت ذلك منذ ثلاثينات القرن الماضي حين تم الربط مباشرة بين وفاة عدد من عمال مناجم الفحم بسرطانات عدة منها سرطان الصفن وسرطان الرئة.

للتذكير فقط، إن عمليات التنظيف لم تبدأ الا بعد مرور شهرين على الكارثة النفطية رغم فظاعتها وذلك بسبب الحصار الاسرائيلي الذي فرض على لبنان آنذاك. وفي تلك الفترة نشطت الجمعيات الاهلية، وكثرت المؤتمرات الصحافية والاطلالات الاعلامية لمتطوعين ومسؤولين في هذا المجال، فقال آنذاك الصراف إن «حجم التلوّث النفطي بحسب «ريمبيك» (المركز الاقليمي للتدخل الطارئ ضد تلوث مياه المتوسط في مالطا) يتطلّب لمعالجته 150 مليون دولار».

أما أعمال التنظيف الفعلية فقد تشاطرتها جهات عدة توزعت بين شركات أجنبية وجمعيات محلية أبرزها «بحر لبنان» التي وظفت فريقا من الصيادين والغواصين تولوا تنظيف الشاطئ وقعر البحر منذ 8 سبتمبر (ايلول) وذلك بهبة فرنسية وبإشراف الخبير الفرنسي برنار فيشو.

عضو الجمعية ونقيب الغواصين المحترفين اللبناني محمد السارجي تحدث لـ«الشرق الاوسط» عن مراحل التنظيف: «استعملنا تقنية الغسل بالامواج في الشواطئ الرملية والبحصية. وبدأنا بتنظيف الشواطئ الصخرية فاستخدمنا مضخات مياه ساخنة من دون اللجوء الى أي مواد كيماوية. بعد إذابة النفط يسحبه الصيادون بواسطة فرش قطنية ماصة. أما بالنسبة الى قيعان البحر فوظفنا فريقا من 6 غواصين يغطسون باستمرار ليتأكدوا من عدم ظهور بقع نفطية مغطاة بالرمال بفعل التيارات البحرية. وقد بلغ مجموع النفط والنفايات النفطية التي سحبناها 3000 طن». وأكد أن «قعر البحر أصبح نظيفا كليا. ويلزمنا شهر أو شهران لاستكمال الاعمال في (منطقة) الجية». وشكا من «الإهمال واللامبالاة» اللذين طبعا أعمال إحدى الشركات التي التزمت تنظيف الشاطئ ورحلت بعدما تركته ملوثا.

من جهة أخرى، حذر عضو «الناشطون البيئيون المستقلون» وائل حميدان في حديث الى «الشرق الاوسط» من «ترك النفط المسحوب في مستوعبات على الشواطئ لأنه سام جدا ولأنه سيتسرب من جديد الى البحر والشاطئ بفعل تعرض المستوعبات للحرارة والمطر. كان يجدر بوزارة البيئة القيام بحملات توعية تحذر المواطنين من الاقتراب من هذه المواقع ريثما تنقل الى مكان آمن كما يقولون الآن». وسأل: «لم التأخير في نقل هذه المواد الى أماكن بعيدة عن المواطنين؟»، مشيرا الى إمكان «معالجة هذه المادة عبر استخدامها في بعض الصناعات مثل الاسفلت أو الزجاج او غيرهما».

ووجه انتقادات للشركات الاجنبية التي التزمت أعمال التنظيف، فقال: «هناك فضائح في هذا المجال. إحدى الشركات رمت الحصى الملوث في البحر. وجهنا شكوى الى وزارة البيئة فلم تجبنا بشيء».

في غضون ذلك، عقد حزب البيئة في بيروت «مؤتمر المساءلة حول كارثة التلوث النفطي على الشاطئ اللبناني»، أصدر فيه تقريرا يسأل عن دور «لجنة الطوارئ الوطنية لمنع ومكافحة التلوث في البحر» التي تأسست في العام 1998 ضمن وزارة البيئة تطبيقا لاتفاق برشلونة. وقد اعتبر الأمين العام للحزب حبيب معلوف في مداخلته أن هذه «الكارثة كشفت مدى هزال الإدارات الرسمية المعنية وتقصيرها، ولاسيما تلك المخولة قانونا بمتابعتها ومعالجتها. كما كشفت مدى عدم جهوزيتنا لإدارة كوارث كهذه. ولو تحركت هذه اللجنة لتمكنت من تطويق المشكلة وتفادت امتداد النفط الى الشمال اللبناني وصولا الى سورية». وطالب بفتح تحقيق لمعرفة حجم المساعدات وطريقة انفاقها وإصدار تقارير دورية شفافة تبقي المواطن على بينة من آليات التحرك. كما طالب بـ«إقامة دعوى لدى مجلس الامن لمقاضاة اسرائيل لان هذا الاعتداء البيئي آثاره ستكون طويلة الامد».

من جهته، عرض المدير العام في وزارة البيئة بيرج هتجيان الدور «التطوعي» الذي قامت به الوزارة إثر قصف المعامل من دون التطرق الى أي خطط مستقبلية للتنظيف والتخلص من المواد الملوثة. وقال: «إن وزارة البيئة غير مسؤولة عن مكافحة الكوارث البيئية والنفط ملك شركة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة. لكننا رغم ذلك تحركنا لإطفاء الحريق».