حل مجلس النواب اللبناني بموجب المادة 65 مشروط بامتناعه عن تلبية دعوة رئيسه إلى الانعقاد في دورة عادية

بعد توجيه الأكثرية النيابية عريضتها مباشرة إلى مجلس الأمن

TT

يبدو أن مصير مجلس النواب اللبناني سينضم الى مصير رئاسة الجمهورية التي تحولت منذ عامين محطة للانتقادات وذلك في حال استمرار الأزمة والسجالات السياسية التي تدفع البلاد الى حال من الشلل شبه التام. فإن عدم انعقاد مجلس النواب منذ بداية العقد العادي له الذي يستمر منذ اول ثلاثاء يلي 15 مارس (آذار) الفائت حتى نهاية مايو (أيار) المقبل، بسبب عدم توجيه دعوة له من جانب رئيسه نبيه بري، سيضع البلاد أمام استحقاق جديد في ظل انتفاء أي مبادرات تفتح كوة في جدار الأفق السياسي المسدود. كل هذا والجميع، من موالاة ومعارضة، يسلحون خطاباتهم بالمواد الدستورية التي باتت أرقامها معروضة في وسائل الإعلام الى درجة يصعب فيها التمييز بين من يتمتع بالشرعية الدستورية ومن يفتقدها. يبقى السؤال الى ماذا سيؤول مصير مجلس النواب؟ وهل هو معرض للتفكك كسائر المؤسسات الدستورية؟ وذلك بعدما رفعت قوى الأكثرية مذكرة موقعة من 70 نائبا الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون يطالبون فيها باتخاذ «كل الإجراءات البديلة التي يلحظها ميثاق الامم المتحدة والتي تؤمن قيام المحكمة الدولية التي وافق عليها مجلس الامن».

«الشرق الاوسط» تحدثت الى كل من الخبير الدستوري والمستشار القانوني السابق لمجلس النواب اللبناني، الدكتور بشارة منسي والرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي الدكتور يوسف سعد الله الخوري لاستطلاع رأييهما في الفقرة الرابعة من المادة 65 من الدستور التي تنص على «حل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية إذا امتنع مجلس النواب لغير اسباب قاهرة عن الاجتماع طوال عقد عادي أو طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدة كل منهما عن الشهر أو في حال رد الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل».

وقد وافق منسي وسعد الله الخوري على أن العمل بهذه المادة يجب أن يرتكز على امتناع النواب عن الانعقاد لأسباب لا تكون خارجة عن السيطرة أي لأسباب غير قاهرة، علما ان الاسباب القاهرة هي «الحرب، زلازل، كوارث طبيعية أو غيرها من الظروف غير الارادية التي تمنع وصول النواب الى المجلس». لكن سعد الله الخوري لفت الى ان «شرط الامتناع يجب أن يترافق مع توجيه دعوة مسبقة الى النواب من جانب رئيس المجلس وعدم تلبيتهم اياها. حينها يمكننا التكلم عن امتناع المجلس عن الانعقاد. وهذا غير حاصل اليوم ذلك ان الرئيس بري لم يوجه دعوة الى المجلس، لذلك لا يمكن العمل بهذه المادة أي لا يمكن حل المجلس». وأضاف: «لو كان هناك إمكان للانعقاد حكما من دون دعوة لكان نص الدستور على ذلك بصراحة، كما ينص عند انتخاب رئيس الجمهورية في المادة 73. أما إذا أراد أحد الفريقين تعديل الدستور فهذا أيضا يستوجب اقتراحا من رئيس الجمهورية وتقدم حينها الحكومة مشروع القانون الى مجلس النواب كما تنص المادة 76». في المقابل، اعتبر منسي «ان المادة 65 لا يعمل بها اليوم، أولا لان لا أسباب قاهرة. وثانيا لان شرط حل مجلس النواب يستلزم توجيه رئيس الجمهورية (إميل لحود) طلبا الى مجلس الوزراء في هذا الخصوص. وهذا ما لن يحصل اليوم بتاتا فضلا عن ان مجلس الوزراء لن يوافق على هذا الطلب في حال تقديمه، ذلك انه لن يرضى بحل مجلس النواب لان (فريق السلطة) يتمتع بأكثرية اعضائه ولانه لا يرى ضرورة لاجراء انتخابات مستعجلة كما ينص الدستور عند حل المجلس». اما سعد الله الخوري، فقال: «إن طلب الرئيس أساسي وجوهري ومن دونه لا يمكن السير في آلية حل مجلس النواب. ولكنه وإن كان شرطا ضروريا، فهو غير كاف وحده لاقرار الحل، فإذا وجه الرئيس الطلب يضع مجلس الوزراء يده على القضية ويتخذ الوزراء القرار المناسب في هذا الشأن». أما عن الآليات التي على مجلس الوزراء اتباعها في حال توجيه رئيس الجمهورية طلب حل مجلس النواب، فأجمع الخبيران على ضرورة التصويت والموافقة بأكثرية ثلثي اعضاء الحكومة وفقا لما جاء في الفقرة الخامسة من المادة نفسها، بمعنى آخر يحق لمجلس الوزراء عدم الامتثال لطلب الرئيس.

ماذا يحصل عند حل المجلس؟ أجاب سعد الله الخوري: «يتوجب إجراء انتخابات في غضون 3 أشهر حدا أقصى. وحاليا لا قانون نافذا الا قانون الالفين. وكل ما يحكى عن قوانين أخرى، يبقى مجرد مشاريع لا تلزم السلطات بشيء الا إذا أقرت وفق الاصول أي في مجلس النواب الحالي وقبل اجراء الانتخابات المقبلة». وإذا انقضت الدورة الحالية ولم ينعقد المجلس، قال منسي: «لا يحصل شيء ولا يمكن حل المجلس بل يبقى موجودا انما مشلولا كما هي حال رئاسة الجمهورية، وكما هي حال مجلس الوزراء المصاب بنصف شلل ذلك انه يعجز عن اتخاذ المبادرات، والوضع على الارض ليس الا انعكاسا لشلل هذه المؤسسات. هناك عجز على كل المستويات». وختم: «إذا لم يع المسؤولون هذا الواقع الخطير ويتحملوا مسؤولياتهم فلبنان ذاهب الى الدمار».