أهالي الناصرية يتذكرون معركتهم مع قوات التحالف

منذ أسر المجندة الأميركية جيسيكا لينش إلى عملية تحريرها

TT

لم تكن حكاية اسر المجندة الأميركية الشقراء (جيسيكا لينش) وعملية تحريرها التي جرت على شاكلة أفلام هوليوود إلا واحدة من الحكايات المثيرة التي يستذكرها أهالي مدينة الناصرية (360 كم جنوب بغداد) بعد مرور أربعة أعوام على حرب العراق الأخيرة.

لقد امتلك أهالي المدينة أسرار اللعبة السياسية منذ أن شيدها العثمانيون عام 1886 في منطقة منخفضة لسرعة إغراقها عند تمرد عشائرها حتى باتوا منذ ذلك التاريخ مجبولين على انتزاع الموقف وترك بصماتهم على الأحداث ومصدر قلق لكل الأنظمة المتعاقبة على حكم العراق حتى وصفتها بالمدينة «الصاخبة والمشاكسة والمعارضة والخبيثة».

لقد حول أهالي الناصرية عقدة المواصلات التي تتحكم فيها المدينة إلى مشكلة كبيرة أمام جيوش التحالف التي حاولت اجتيازها والشروع بالتقدم شمالا على محوري ناصرية ـ كوت وناصرية ـ سماوة. إلا أن المتطوعين من أبناء المدينة ـ حسب وقائع الأحداث ـ حرصوا على إعاقة تقدم القوات وتكبيدها خسائر غير متوقعة حتى باتت معارك الناصرية واحدة من أصعب المنازلات التي خاضتها قوات الاحتلال، حسب تصريحات القادة الميدانيين.

ويوجز عدي الناهي، عضو المجلس البلدي، ذكراه عن تلك المعركة وما بعدها قائلا «لقد شهدت المدينة قتالا ضاريا استمر منذ 23 مارس (آذار) وحتى 29 منه، تمكنت قوات الاحتلال خلالها من تدمير العديد من مباني المدينة مثل مبنى البهو ومبني البلدية ومدينة الملاهي، إضافة لمقتل ما يقارب 700 عراقي. وتمكن اهالي المدينة من تأخير تقدم القوات باتجاه بغداد وتكبيدها 22 قتيلا من جنود المارينز وجرح 150 جنديا وأسر ما يقارب 11 جنديا». ويضيف الناهي ان المدينة اصبحت بعد غزو العراق تحت قيادة القوات الإيطالية العاملة مع قوات التحالف حتى تسلمت الأجهزة الأمنية الملف الامني العام الماضي «لتغلق الستار على حقبة مظلمة».

ويروي ستار طريف الازرقي (بزاز) قصته «لقد أصيب جنود الاحتلال بالهستيريا لشدة مقاومة المدينة التي عدها الاحتلال من المدن التي ستستقبلهم بالورود لكونها من اشد المعارضين للنظام السابق».

قال حامد مجيد الشطري، طالب دكتوراه، «إن الناصرية ليست كباقي المدن، فهي مدينة تحمل من الطلاسم والمتناقضات وروح التمرد ما يصعب تفسيرها، فهي مثلا تقع على نهر الفرات وتشرب من ماء دجلة. وتأسس فيها حزبان سياسيان متناحران لعبا دورا بارزا في التحولات السياسية بالعراق؛ هما الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث. ففي أوائل الثلاثينات قام يوسف سلمان يوسف (فهد) بتأسيس الحزب الشيوعي وتبعه فؤاد الركابي بعد عشرين سنة بتأسيس حزب البعث. وقد سيق يوسف سلمان إلى المشنقة عام 1949 وتبعه أيضا بعد 22 سنة فؤاد الركابي مقتولا بسكين في سجنه».