جون نغروبونتي يحمل «الإنذار الأخير» للحكومة السودانية بشأن دارفور

مسيرة دارفورية في لندن تطالب بإرسال قوات إلى الإقليم

TT

قالت مصادر وثيقة الاطلاع، إن زيارة جون نغروبونتي مساعد وزيرة الخارجية الأميركي إلى السودان الاسبوع المقبل، تعتبر زيارة «الفرصة الأخيرة» وستشمل جولة المسؤول الأميركي التي ستبدأ الاربعاء اربع دول افريقية، سيركز خلالها على الوضع في اقليم دارفور المضطرب.

وتجاهل نغروبونتي رغبة السفير السوداني في واشنطن اللقاء به قبل بدء الجولة. وقال السفير جون أكيج لـ«الشرق الأوسط»: «طلبت من مكتبه في الخارجية ترتيب لقاء معه قبل ان يبدأ الجولة، لكنني لم أتلق رداً، كما أنني طلبت الحديث معه هاتفياً اذا تعذر ترتيب اجتماع معه، لكنني لم أتلق رداً كذلك».

ويريد نغروبونتي ان يسمع من الرئيس السوداني عمر البشير شخصياً الموقف النهائي لحكومة الخرطوم بشأن نشر قوات دولية، الى جانب قوات الاتحاد الافريقي في دارفور. وقالت مصادر أممية في نيويورك، إن البشير أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في جلسة مغلقة على هامش قمة الرياض، استعداد السودان لاستقبال قوات دولية، وعلى ضوء ذلك سيعقد اليوم اجتماع بين الأمم المتحدة والحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا لمناقشة المسائل العالقة بشأن الاتفاق الذي سبق ان أبرم في اديس ابابا، ويقضي بنشر قوات دولية وأفريقية في إقليم دارفور. لكن الحكومة السودانية استبقت هذا الاجتماع ووصول نغروبونتي الى الخرطوم، وأعلنت انها لن «تتفاوض» بشأن نشر قوات دولية في دارفور. وقال وزير الخارجية السوداني لام أكول، إن الأمم المتحدة يجب أن تلعب فقط دورا معاونا لقوات الاتحاد الافريقي في دارفور، في مجال الإمداد والتموين.

وكانت واشنطن طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم توضيحات بشأن تعهد البشير بقبول قوات دولية، وعلى الرغم من ذلك أصبحت مواقف الخارجية الأميركية تميل الى فرض «عقوبات قاسية» سياسية واقتصادية بما في ذلك حظر الطيران فوق اقليم دارفور، ومن المرجح ان يكون هذا هو الموقف حتى بعد جولة نغروبونتي، الا إذا تلقى الرجل الثاني في الخارجية والمقرب جداً من الرئيس الاميركي جورج بوش «تأكيدات واضحة وملزمة» بأن السودان سيقبل مشروع القوات الهجينة (المشتركة) بين الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي. وفي هذا السياق، قال شين ماكورماك المتحدث باسم الخارجية الاميركية حول مسألة فرض العقوبات «سنأخذ هذا الأمر في الاعتبار.. لكن ليس لدي تواريخ او اعلان بشأن خطوات محددة في هذا الصدد».

وفي لندن طالبت حركة تحرير السودان الرافضة لاتفاق ابوجا لسلام دارفور الحكومة البريطانية والمجتمع الدولي بدعم محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة المطلوبين السودانيين وعلى رأسهم وزير الدولة للشؤون الانسانية أحمد هارون ومحمد علي كوشيب أحد قياديي الجنجويد اللذان وجهت اليهما اتهامات من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس اوكامبو بارتكاب جرائم حرب في دارفور.

وشارك 300 متظاهر من ابناء دارفور والقوى السياسية الاخرى، في تظاهرة نظمتها حركة تحرير السودان الرافضة لاتفاق ابوجا لسلام دارفور امس امام مكتب رئيس البريطاني توني بلير في 10 داوننغ ستريت، وسلموا مذكرة الى موظف في رئاسة الوزراء بعد قراءتها. وطالبت المذكرة بضرورة دعم المحكمة الجنائية الدولية من قبل المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الانسان.

وقال القيادي في الحركة عبد اللطيف عبد الله اسماعيل لـ«الشرق الأوسط»، ان المذكرة شددت على ضرورة اعلان بقية أسماء المتهمين الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور، وقال «ان اهل دارفور لن يستسلموا الى حين تحقيق الحرية والعدالة». وأوضح ان الهدف من المسيرة والمذكرة التي قدمت، دعوة المجتمع الدولي للقيام بدوره في الضغط على الحكومة السودانية والاتحاد الافريقي، الذي قال انه فشل في حماية المدنيين وتحقيق العدالة في دارفور، مشيرا الى ان المذكرة ناشدت كافة القوى السياسية السودانية الوقوف جنبا الى جنب لـ«محاكمة المجرمين»، معتبرة ان الوقوف مع اهل دارفور نقطة تاريخية فاصلة للسودانيين. وقال ان المذكرة طالبت بإرسال القوات الدولية الى الاقليم لإيقاف ما سمته المذكرة «المجازر ضد المدنيين». وأوضح أن احداث حي المهندسين التي جرت في الشهر الماضي بين قوات الشرطة وحركة تحرير السودان بزعامة مني اركو مناوي، وجدت نصيبا في المذكرة، وأضاف «هذه الجريمة تضاف للجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام ضد اهلنا، ووصلت الى الخرطوم، ولذلك لا بد من نشر قوات الأمم المتحدة في دارفور لوقف جرائم نظام الخرطوم».

وفي الخرطوم أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ألفا عمر كوناري، انه توصل لاتفاق مع الحكومة على نشر قوات (هجين) من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة في اقليم دارفور، قبل يوم واحد من اجتماع مشترك بين الحكومة والاتحاد والمنظمة الدولية بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا، حول عدد القوات والدعم اللوجستي المطلوب لها من قبل الامم المتحدة.

وقال كوناري بعد مباحثات اجراها مع الرئيس عمر البشير بمشاركة لام اكول وزير الخارجية، وآخر مغلق بينه والبشير ان القوات المنتظر نشرها فى دارفور، ستتشكل من قوات افريقية هجينة وتحت قيادة افريقية، ووصف اللقاءات التي امتدت لثلاث ساعات بالبناءة والصريحة، مشيرا الى انه زار السودان اكثر من مرة لبحث تداعيات مشكلة دارفور، لافتا الى ان وجوده الحالي في الخرطوم، يهدف الى احداث تقدم في عملية السلام. وقال ان الاتحاد الافريقي سيسعى الى ان يدعم مجلس الامن ويساند قرارات قمة اديس ابابا الأخيرة، مشيرا الى انها حددت ان تكون هناك قوات هجينة. وأضاف «أن مفهوم القوات الهجينة بالنسبة لنا واضح جدا، وهو قوات افريقية تحت قيادة افريقية) بمساعدة من الأمم المتحدة في مجالات الادارة التمويل والمعدات على أن تكون القيادة تحت إمرة الاتحاد الافريقي.

من ناحية اخرى، صعد الدكتور حسن عبد الله الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، حملته الهجومية المناوئة لحكم الرئيس عمر البشير ، وقال ان الدولة الآن يسودها الفساد في كل قطاعاتها المالية والإدارية والقضائية، ووصف القضاة السودانيين بأنهم صاروا اما «محكومين أو مأجورين». وكان الترابي يصوب هجومه على حكومة البشير، اثناء مخاطبته ندوة لحزبه في مدينة «القضارف» شرق السودان، وقال الترابي ان أموال الولايات التي يجمعها المركز لا تصرف على التنمية فيها، وتذهب الى اشخاص بعينهم سماهم الترابي شيوخ الطرق الصوفية وأعيان القبائل، وأضاف ان الدولة انهكت المواطن بالضرائب والجبايات المتعددة. وقال «ليس للضرائب اصل في الاسلام وإنما زكاة، الا ان الزكاة تجمع من الفقراء، لتصرف على غير مستحقيها، وان الفقه الذي تدار به اصبح بائساً».