الصليب الأحمر الدولي: كل من يحمل سلاحا يتحمل مسؤولية في العراق

تقرير يجدد النداء للانتباه إلى مصائب العراقيين «التي تتفاقم بلا توقف»

TT

«مدنيون من دون حماية»... بهذه العبارة وصفت اللجنة الدولية للصليب الاحمر أمس الشعب العراقي بأسره، قائلاً ان «جميع العراقيين يتأثرون من العنف في العراق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة». وأطلقت اللجنة «نداءً الى كل الذين لديهم نفوذ عسكري أو سياسي على واقع الارض ان يعملوا للتأكد من تأمين حياة العراقيين وحمايتهم»، مؤكدة ان ذلك «واجب على الدول والمجموعات غير الحكومية بموجب القانون الدولي الانساني». وركز التقرير الذي تطرق الى جملة المشاكل التي تواجه العراقيين في 13 صفحة على الاوضاع الانسانية المتدنية في العراق، بما فيها النواقص الطبية وتشريد المهجرين.

وبعنوان «مدنيون من دون حماية: الازمة الانسانية التي تتفاقم بلا توقف في العراق» اطلقت اللجنة الدولية تقريرها عن الاوضاع العراقية أمس والذي حمل شهادات عدة من العراقيين وخاصة سكان بغداد. ويبدأ التقرير بالتأكيد على ان النزاع الدائر في العراق «صراع لا يستثني احداً». وقالت الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر ليلى بلاكينغ: «كل من يحمل سلاحاً في العراق يتحمل مسؤولية في العراق وعليه حماية المدنيين». وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان هذه المسؤولية ليست فقط على الحكومة العراقية أو القوات المتعددة الجنسية بل جميع المسلحين في العراق. وعبرت بلاكينغ عن ضرورة «وقف العنف العشوائي وخاصة استهداف المدنيين المتقصد، من المدارس الى المستشفيات».

وامتنعت اللجنة الدولية التي اشتهرت بحيادية مواقفها من توجيه اصابع الاتهام الى جهة معينة، قائلة: «معاناة المدنيين العراقيين تذكار يومي للواقع بأن هناك زمنا طويلا من عدم احترام حياتهم وكرامتهم». وعن جدوى اصدار مثل هذه التقارير في ظل الظروف الامنية المتدنية، قالت بلاكينغ: «علينا الحديث عن هذه الكارثة دوماً ويجب التكرار المستمر بأنها غير مقبولة». وقال مدير عملية اللجنة الدولية للصليب الاحمر بيار كرينبول للصحافيين في جنيف: «واضح بالنسبة الينا ان الحالة الانسانية تتدهور بشكل منتظم وهي تصيب اليوم بشكل او بآخر جميع العراقيين مباشرة او بصورة غير مباشرة». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كرينبول قوله ان «تأمين الحماية للسكان المدنيين اولوية قصوى، ويجب ان يكون اولوية لدى الجميع»، داعيا كافة فرقاء النزاع، دولا ومنظمات وأفرادا الى احترام القانون الدولي الانساني وعدم استهداف المدنيين.

ولفت التقرير الى انه رغم دعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر للهلال العراق الاحمر، الا ان «المساعدات الانسانية غير كافية عندما يتطرق المرء الى حاجات العراقيين الهائلة في ظل الوضع الامني الكارثي الحالي». واضاف ان الاوضاع في العراق تسوء تدريجياً منذ سنوات، موضحاً: «سنوات النزاعات السابقة، منذ عام 1980 الى سنوات الحصار من غزو الكويت عام 1990 تزيد من حدة الازمة الحالية». وتابع التقرير ان «سوء التغذية زاد خلال العام الماضي»، مضيفاً ان «ثلث الشعب يعاني من الفقر، وخمسة في المائة يعيشون في فقر شديد». ويذكر ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر من المؤسسات القليلة التي مازالت تعمل في العراق منذ بدء اعمالها هناك عام 1980، خاصة بالتعاون مع الهلال الاحمر العراقي الذي لديه 1500 موظف و9 آلاف متبرع يقوم بأعمالها. واعتبرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان «الرعاية الصحية مهددة»، لافتة الى مشكلة تهديد الاطباء ومقتلهم. وقال مدير مستشفى الكندي في بغداد الدكتور عادل الشمري: «مع الهجمات اليومية، اصبحت بغداد في حالة طوارئ مستمرة»، مضيفاً: «من بين 208 جراح كان يعمل هنا، بقي فقط 40 منهم». وتزود اللجنة الدولية للصليب الاحمر مستشفيات عدة، منها الكندي ومدينة الطب، بمساعدات ودعم صحي ولكنها طالبت بالمزيد من المساعدات وتوفير الحماية للمستشفيات وموظفيها.

وشدد التقرير على معاناة المشردين في العراق، موضحاً ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر زودت 227 الف عراقي بمساعدات غذائية العام الماضي. وقال «ابو أحمد»، احد العراقيين الذين يضم التقرير شهاداتهم: «عائلتي شيعية ونحن نعيش مع عائلة سنية، كلنا هجرنا من ديارنا من قبل المسلحين، ونحن الآن 30 شخصاً، نشترك بالعيش سوية في موقع بناء مهجور».

وقالت بلاكينغ انه منذ فبراير (شباط) عام 2006، هجرت 106 آلاف عائلة عراقية. وأضافت: «هذه الاحصاءات التي حصلنا عليها من خلال عملنا، ولكن هناك مناطق لا نستطيع الوصول اليها، فبالتأكيد الاعداد اكثر بكثير». وجاء تقرير اللجنة الدولية للصليب الاحمر بعد ايام من تقرير اخر لمؤسسة «اللاجئين الدولية» التي توقعت ان يكون 12 في المائة من الشعب العراقي لاجئاً او مشرداً بحلول العام المقبل. وطالبت المؤسسة من الامم المتحدة وحكومتي العراق والولايات المتحدة الاعتراف «بمدى حجم الكارثة واصلاح برامج المساعدات الحالية» التي لا يمكن لها ان تقوم بواجبها بسبب حجم الكارثة الكبير.