خبراء يرصدون تقارباً بين المجموعات المسلحة في المغرب العربي

السباعي: ثقل «القاعدة» في الجزائر.. والتفجيرات رسالة «عهد» لابن لادن

TT

مع إعلان البيت الأبيض خطة لإنشاء قيادة عسكرية موحدة لأفريقيا قبل نهاية2008 ، ستكون مكافحة الإرهاب، من دون شك، إحدى أبرز مهماتها، ومع تقارير غير مؤكدة وغير دقيقة عن تهديد لفرنسا أثناء فترة الانتخابات، تكون الجماعات المسلحة في المغرب العربي، وما لها من علاقات جنوب الصحراء الأفريقية، قد طفت إلى صدارة الاهتمامات، لاسيما بعد خمس سنوات، كانت فيها، على الأقل جغرافيا، في منأى عن أشدّ العمليات العسكرية.

ويبدو أن المجموعات المسلحة في المغرب العربي بدأت تتوحد بشكل تدريجي تحت شعارات «القاعدة»، وأصبحت بمثابة تهديد أكيد لدول المنطقة وكذلك لأوروبا وفرنسا على وجه الخصوص. ورغم ان العلاقات بين المنظمات المسلحة المغربية والجزائرية والليبية والتونسية تعود إلى عدة سنوات، فإن مبايعة «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية لتنظيم اسامة بن لادن في يناير (كانون الثاني) الماضي وتغيير اسمها إلى «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي»، يعدان مؤشراً إضافياً على الاندماج الأصولي في المنطقة.

وباتت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» بمثابة «عراب» المجموعة المسلحة المغاربية بدءاً من «الجماعة المقاتلة الليبية» إلى «الجماعة الإسلامية المقاتلة التونسية» مرورا بالجماعة «الإسلامية المقاتلة المغربية»، مما يعني أن ثمة قوساً بدأ يتشكل.

وقال الاسلامي المصري الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن لـ«الشرق الاوسط» ان «تفجيرات الجزائر والمغرب رسالة عملية بانهم ماضون على العهد تحت راية بن لادن». واضاف السباعي ان تنظيم القاعدة في المغربي العربي اراد ان يقول بعملياته لابن لادن: «نحن ننفذ ما وعدناك به، واخوانكم أقوياء يستطيعون مواجهة الطواغيت».

وأوضح أن فرع «القاعدة» في الجزائر هو الثقل في المغرب العربي لما له من خبرة وعتاد وسلاح، ومعرفة اكبر في التحصن بالجبال والغابات. واعتبر ان وجود «القاعدة» في المغرب وتونس وموريتانيا يعد بمثابة فروع للاصل في الجزائر. واشار الى ان التنظيم اراد بالعمليات الاخيرة ان يقول: «نحن نشن الحرب من باب تغيير المنكر بالقوة». ويعد تنظيم «تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي» بمثابة تهديد مباشر لفرنسا حسب قاضي مكافحة الارهاب الفرنسي بروغيير. وكان السفير الأميركي المتجول المكلف محاربة الإرهاب، هنري كروميتون، قد أوضح خلال مشاركته في مؤتمر إقليمي بالجزائر السنة الماضية أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال أصبحت منظمة إرهابية تقوم بالتجنيد وتنفيذ هجماتها داخل دول المنطقة وخارجها، وأنها تمكنت من تعزيز علاقاتها مع المجموعات الارهابية في المغرب ونيجيريا وموريتانيا، وكذلك في تونس ومناطق أخرى. وتتولى الجماعة السلفية للدعوة والقتال السابقة مهمة التكوين والتدريب داخل معسكراتها وأصبحت بمثابة معبر لإرسال المتطوعين نحو العراق أو أفغانستان. ومعروف ان الجماعة السلفية هي إحدى الجماعات التي تنتمي إلى تيار السلفية الجهادية العالمية، وأصبح اسمها منذ 24 يناير (كانون الثاني) الماضي «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، الأمر الذي ينطوي على تغيير استراتيجيتها في مقاتلة الخصم، المتمثل حسب قناعاتها، في الأنظمة العربية، كما بين الرجل الثاني في «القاعدة» ايمن الظواهري في كتابه «فرسان تحت راية النبي»، الذي نشرته «الشرق الاوسط» منذ اربعة اعوام.

وقد انتشرت أفكار السلفية الجهادية بين المغتربين من الجالية المغاربية في أوروبا بشكل ملحوظ، ورحل الكثير من هؤلاء إلى أفغانستان، وقاموا بتأسيس معسكرات تدريب خاصة بهم، وساهموا أثناء الاحتلال الأميركي لأفغانستان بالقتال ضد قوات الحلفاء، وقتل واعتقل وشرد العديد منهم، كما شهدت الدار البيضاء أواخر عام 2003 عدة انفجارات نفذها انتحاريون من أتباع السلفية الجهادية المغربية، قامت السلطات المغربية على أثرها باعتقال المئات ممن ينتمون إلى التيار السلفي، على رأسهم محمد الفزازي، وأحمد رفيقي، والشريف الحسن بن علي الكتاني، وغيرهم ممن لا علاقة له مباشرة بهذه التفجيرات. وتكشف العمليات الانتحارية الاخيرة في المغرب والتفجيرات التي وقعت امس في الجزائر، انه لا يمكن الفصل بين ما يجري في العراق والكثير من دول العالم العربي من ناحية نشوء بؤر التطرف المقترنة بالارهاب.

ولا يستبعد خبراء امن غربيون بناء على معلومات جمعوها خلال زياراتهم الى عدد من بلدان المغرب العربي ان يكون تنظيم القاعدة قد كسب ارضية خصبة في الاحياء الفقيرة في تلك الدول حيث يزداد مع الوقت المناصرون لها هناك. فالقاعدة تعمل حاليا على التمركز في هذه البلدان وبناء خلايا اساسية لها لتنطلق من هناك ايضا الى اوروبا، وقد سببت هذه المعلومات القلق لدى دوائر المخابرات السرية الاوروبية.