أوكرانيا: تأجيل محتمل لموعد الانتخابات.. من أجل حل الأزمة

الآلاف يتظاهرون مجدداً بعد تأجيل المحكمة النظر في حل البرلمان

TT

أعلن مسؤول في مجلس الأمن القومي القريب من الرئاسة الاوكرانية امس، أن الرئيس فيكتور يوتشنكو قد يوافق على ارجاء موعد الانتخابات التشريعية بهدف إيجاد حل للازمة في البلاد. واعلن فيتالي غايدوك امين مجلس الامن القومي اثناء مؤتمر صحافي «لا يستبعد الرئيس امكانية تعليق مرسوم (حل البرلمان)» بهدف منح القوى السياسية الوقت الكافي للتحضير للانتخابات التشريعية المحددة حاليا في 27 مايو (ايار) المقبل.

وجاء هذا في وقت تظاهر آلاف الأشخاص مجدداً أمس في كييف، تأييداً واحتجاجا على قرار حل البرلمان، وذلك بعد قرار المحكمة الدستورية تأجيل النظر في هذه المسألة لمدة أسبوع. وألغى الرئيس الاوكراني فيكتور يوتشينكو زيارة مقررة إلى ستراسبورغ فيما دعاه خصمه المؤيد لروسيا رئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش الى «تعليق المرسوم (حل البرلمان) نظرا الى إرجاء» المحكمة الدستورية النظر فيه الى 17 ابريل (نيسان) الحالي.

وأرسل يوتشينكو الى ستراسبورغ وزير الخارجية ارسيني ياتسنيوك ليطلع الامين العام لمجلس اوروبا تيري ديفيس على الوضع السياسي في اوكرانيا. واجتمع الرئيس البولندي السابق الكسندر كفاشنيفسكي الذي لعب دورا مهما اثناء «الثورة البرتقالية» التي تواجه فيها يوتشينكو ويانوكوفيتس أواخر 2004، مع مسؤولين أوكرانيين. كذلك يشارك وفد برلماني روسي في اجتماع للنواب المؤيدين لموسكو في البرلمان.

من جهتها، دعت زعيمة المعارضة الاوكرانية يوليا تيموشينكو الأوساط الغربية الى اتخاذ موقف حاسم تجاه روسيا فيما وصفته بتحديد نهج علاقاتهم مع موسكو. ونقلت وسائل إعلام روسية عن تيموشينكو قولها ان الغرب لم يصغ سياسة عملية واقعية في علاقاته مع روسيا في أعقاب انهيار الشيوعية، مشيرة الى ان الغرب ركز اهتمامه على دعم الاصلاحات في روسيا وهو ما يجب الا يحول دون العمل من اجل مواجهة السياسة التوسعية لروسيا.

وفي كييف تجمع آلاف من المؤيدين للروس منذ الصباح الباكر في ساحة الاستقلال. وقالت رايسا المتقاعدة البالغة 60 من العمر: «نحن هنا لقضية عادلة. لا أريد الانضمام الى الحلف الاطلسي ولا اريد انتخابات مبكرة». وفي المقابل، قام ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف من انصار الحزب الرئاسي «أوكرانيا وطننا» بمسيرة من ساحة اوروبا الى مقر المحكمة الدستورية وهم يرفعون رايات برتقالية. وكتب على اليافطات التي يحملونها: «محكمة نزيهة، انتخابات نزيهة»، و«الشرق والغرب معا»، و«لا للزمرة الحاكمة». وقالت ناديا كريفونوس النائبة المحلية في كريمنتشوغ (وسط) لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن هنا لندعم الرئيس وقراره. لا يحق لأحد تجاهل مراسيمه».

وكان من المفترض أن تبدأ المحكمة الدستورية النظر في قانونية المرسوم الرئاسي امس، لكن خمسة قضاة في المحكمة نددوا اول من امس بـ«الضغوط» وطالبوا بـ«الحماية». وذكرت صحيفة سيغودنيا القريبة من يانوكوفيتش ان قرار المحكمة هذا «يقطع كل طريق للتراجع أمام الاتئلاف» فيما «يتوجب ان تكون اللوائح لانتخابات مبكرة جاهزة بحلول 17 ابريل». واضافت الصحيفة ان «حزب الأقاليم» بزعامة يانوكوفيتش وحلفاءه يجدون أنفسهم «أمام حلين: إما الاستسلام أي القبول باجراء انتخابات مبكرة، او الكفاح للحصول من المحكمة الدستورية على الغاء المرسوم او تأجيل الانتخابات ان لم يصدر قرار المحكمة قبل 27 مايو (ايار)» المقبل، موعد الانتخابات المبكرة.

وشددت زعيمة المعارضة الاوكرانية تيموشينكو لهجتها ضد روسيا، ودعت الى ما سمته التخلص من التبعية لصادرات الطاقة من روسيا وايجاد سوق جماعية للطاقة والابتعاد عن اية صفقات انفرادية مع «غازبروم». ونقلت صحيفة «فريميا نوفوستي» الروسية عن «أميرة الثورة البرتقالية» انتقاداتها لسياسات روسيا تجاه ايران والشيشان وكوسوفو الى جانب اشارتها الى تجاوزاتها في مجال الديمقراطية. وجاءت هذه التصريحات في وقت يجمع فيه مراقبون ان تيموشينكو تظل الوحيدة المستفيدة من احتدام الازمة السياسية في اوكرانيا ورغبتها الدفينة في ان تسفر الازمة الحالية عن اجراء انتخابات رئاسية مبكرة على امل الفوز بها بمباركة غربية واميركية.

وكان تاراس تشيرنوفيل احد اقطاب «حزب الاقاليم» قد اشار الى ان الغرب قد يتحول لاحقا الى ادانة الرئيس الاوكراني يوشينكو في حال اصدار المحكمة الدستورية قرارا بعدم مشروعية مرسومه بحل البرلمان ليفسح الساحة امام تيموشينكو لخلافته في اول انتخابات رئاسية. وكانت الادارة الاميركية قد كشفت صراحة عن دعمها لتوجهات يوشينكو وتيموشينكو حول انضمام اوكرانيا الى حلف شمال الاطلسي وتقديم الدعم المالي اللازم، في الوقت الذي تواصل فيه العمل من اجل نشر منظوماتها الصاروخية المضادة في بلدان شرق أوروبا.

ونقلت وسائل اعلام روسية امس، عن دميتري بيسكوف النائب الاول للمتحدث الرسمي باسم الكرملين قوله، ان خطط البنتاغون الخاصة بنشر منظومات صاروخية في شرق اوروبا ستؤدي الى سباق تسلح. كما أشار فيتالي تشوركين مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة الى ان توسيع واشنطن لمنظومتها الصاروخية سيدفع آخرين الى التوسع في تكثيف منظوماتهم الهجومية. وأشار إلى صعوبة تناول تنفيذ البرنامج الاميركي لنشر المنظومات الصاروخية بوصفه عملا دفاعيا فقط على اعتبار انه يخرق التوازن الاستراتيجي القائم في العالم. كما اكد ان ضم البلدان التي سبق وكانت في حلف وارسو السابق يعتبر انتهاكا للاحكام الرئيسية لمعاهدات التسلح ومنها معاهدة تحديد الاسلحة التقليدية الموقعة عام 1990.

وكانت الخارجية الروسية، قد طرحت على الرئيس فلاديمير بوتين تصوراتها حول توسع حلف الأطلسي شرقا ونشر قواعده على مقربة مباشرة من الحدود الروسية، سيؤدي الى تعقيد خلاقات روسيا مع الحلف. كما اصدرت الخارجية بيانا تدين فيه انتقادات واشنطن بشأن الديمقراطية في روسيا، وتعتبر ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية لروسيا.