حي الفرح في مقاطعة الفداء .. من المقاومة إلى الإرهاب

مغاربة من الدار البيضاء يعتقلون مشتبها فيه ويسلمونه للشرطة

TT

اعتقل مواطنون مغاربة يقطنون في حي الفرح بالدار البيضاء بعد ظهر أمس مشتبها في تورطه بأعمال ارهابية التي عرفها الحي أول من أمس، وسلموه للشرطة. وقال شاهد عيان ان مجموعة من شباب الحي لاحظوا تصرفات مشبوهة من لدن الشخص المعتقل، وهو غريب عن الحي والذي كان يتجول في أزقته، ويطل على المساجد والحمامات، وكان بين الحين والآخر يستعمل هاتفه الجوال للاتصال. وبعد تتبع حركاته من طرفهم قاموا بتوقيفه ونادوا على رجال الأمن، الذين ضبطوا معه مفتاح «يوزبي»، وفأرة كمبيوتر، وأقراصا مدمجة. ويعيش حي الفرح الشعبي مند فجر اول من أمس أجواء غير مألوفة لدى سكانه البسطاء. فقد أخرجت المواجهات بين قوات الأمن وخلية من الانتحاريين الحي من هدوئه، ووجد سكانه وسط دوامة من العنف تخللتها أربعة تفجيرات انتحارية، وإطلاق رصاص.

وسارع العديد من سكان الحي للحديث مع مراسلي القنوات التلفزيونية العالمية، التي جاءت الى موقع الاحداث لتغطيتها، معبرين عن رفضهم للإرهاب الذي اعتبروه دخيلا على حيهم الهادئ. وأكدوا أن أعضاء الخلية الإرهابية حديثو العهد بالإقامة في الحي. وساهم السكان إلى جانب الشرطة والوقاية المدنية في إسعاف الجرحى وحملهم إلى سيارات الإسعاف. كما تطوع بعضهم من أجل إرشاد فرق مكافحة الإرهاب اثناء تفتيش المنازل بحثا عن المطلوبين الفارين. وكانت تصفيقات وهتافات سكان الحي الذين تجمهروا حول الحواجز الأمنية التي تروم عزل منطقة العمليات، تتعالى كلما ظهر أعضاء فريق مكافحة الإرهاب شاهرين مسدساتهم على اسطح المنازل داخل المنطقة المعزولة. وكانوا بين الحين والآخر يفرون مذعورين نتيجة إشاعات، مفادها أن أحد المطلوبين الحاملين لأحزمة ناسفة تمكن من الفرار من منطقة العمليات واختلط بالجمهور، بيد انهم سرعان ما يعودون الى مكانهم السابق.  ويقع حي الفرح في قلب درب السلطان العريق، وسط مدينة الدار البيضاء، على بعد 10 دقائق من القصر الملكي. وعرف درب السلطان والأحياء المحيطة به كأحد أهم معاقل المقاومة وجيش التحرير خلال فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب، ومنه انطلقت آنذاك الشرارة الأولى للمقاومة المسلحة للاحتلال الفرنسي بقيادة محمد الزرقطوني. وعرف الحي خلال عقد الستينات من القرن الماضي، فترات مضطربة مع ظهور تيار متشدد وسط حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية تدعو لقلب النظام بالعنف المسلح، والذي كان يترأسه المقاوم السابق أحمد أكوليز الملقب «شيخ العرب»، والذي قتل في اشتباكات مع قوات الأمن غير بعيد عن موقع أحداث أول من أمس في يوليو (تموز) 1964.

ويعرف هذا الحي وجودا قويا للإسلاميين المعتدلين، وفاز القيادي الأصولي مصطفى الرميد، من حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل، في الانتخابات التشريعية الأخيرة في الدائرة التي يقع بها حي الفرح.

وقال الرميد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن وجود حزب العدالة والتنمية في حد ذاته يعتبر ضربة للإرهاب والإرهابيين من حيث كونه يدعو إلى المشاركة السياسية والحوار البناء وخدمة الوطن والمواطنين، في مقابل التوجهات العدمية والانتحارية للإرهابيين. وأضاف أن الإرهاب مُدان وغير مقبول على الإطلاق.

وأكدت مصادر متطابقة أن أعضاء الخلية الإرهابية التي داهمتها قوات الأمن أول من أمس قدموا من حي سيدي مومن الهامشي، والذي يبعد حوالي 6 كيلومترات عن حي الفرح. وعرف حي سيدي مومن، الذي يضم أقدم حي صفيحي في المغرب، بالعنف طوال تاريخه. ففي عقد السبعينات من القرن الماضي عرف تفكيك أخطر عصابة إجرامية في المغرب. كما شكل مهد التيار التكفيري الذي تزعمه بن داود الخملي منتصف عقد التسعينات.

وهو التيار الذي كفر جميع المغاربة، واعتبر الصلاة في مساجدهم باطلة، وحرم الدفن في مقابرهم باعتبارها مقابر كفار.

وفي نهاية عقد التسعينات، ظهرت في حي سيدي مومن «جماعة الصراط المستقيم» التي تزعمها الميلودي زكرياء، المحكوم على ذمة أحداث 16 مايو (ايار) 2003. وخرج من هذا الحي الانتحاريون الذين نفدوا أحداث 16 مايو(أيار) 2003. وبعد أحداث 11 مارس (آذار) الأخير التي عرفت تفجيرا عن طريق الخطأ في ناد للانترنت بحي سيدي مومن. ومع تشديد الإجراءات الأمنية بهذا الحي، يبدو أن أعضاء الخلايا الإرهابية انتقلت منه إلى مواقع أخرى هربا من ملاحقة القوات الأمنية.